ناشئو اليمن... أكثر من مجرد كأس

ناشئو اليمن... أكثر من مجرد كأس

15 ديسمبر 2021
+ الخط -

لم تكن مجرد مبارة "كرة قدم" لينقلب كيان اليمنيين بالشكل الذي شاهدناه. الجماهير الغفيرة في مختلف محافظات البلد احتفلت بفوز منتخب الناشئين، ليس لجلبهم كأس "أبطال غرب آسيا"، بل لانتزاعهم نصراً مفاجئاً، وهم المحرومون كبقية الشعب من أبسط مقومات العيش والأمل.

منتخب جاء مجرداً من الاستقرار والاكتفاء المالي وخبرة المنافسات والمعسكرات الدولية، جاء فقط حاملاً حلمه وإرادته، ثم أدهش الجميع بمستوى أدائه وهدوئه وأخلاق لاعبيه.

ذرف اللاعبون دموعهم وسط هتاف الجماهير، ولسان حالهم يقول: هل انتصرنا حقاً؟ احتضن المواطنون بعضهم واستمروا بالقفز والرقص والغناء طوال مسيرات قطعت الشوارع، قدم التجار عروضات وحسومات في السلع والخدمات، تعهد بعض المسؤولين وكبار رجال المال بتقديم مكافآت وهدايا مالية وعينية لأعضاء البعثة الرياضية، التي جلبت انتصاراً حقيقياً ومستحقاً وسط خيبات أمل وانهزامات متوالية شهدها اليمن وأبناؤه منذ سنوات.

وعلى الرغم من أنه الفوز الأول من نوعه الذي تحققه اليمن، إلا أن البعض عزا ضخامة الفرحة التي أبداها اليمنيون إلى الفوز على السعودية تحديداً، قائلاً إن الفوز بكأس العالم لن يكون كالفوز على السعودية في أرضها، في محاولة لتسييس النصر.

مراقبون اعتبرو مبالغة اليمنيين بفرحتهم إنما هي انتقام من القهر الذي يغرقون فيه، حاجتهم للفرح من جهة وللشعور بالوحدة الوطنية التي غيبتها سنوات الحرب الأهلية بينهم، خصوصاً أن الفريق شمل لاعبين من محافظات ومناطق مختلفة. بل إن البعض دعا للحفاظ على وتيرة هذا الفرح باستمرار الاحتفال لأيام وشهور تعويضاً عن سنوات التفرقة التي جلبتها النزاعات المسلحة بين أبناء الشعب الواحد.

اختلطت الضحكات بالدموع وباللعنات على تجار الحروب، من يتابع فرحة هذا الشعب المقتول سيدرك مدى تعطشه للفرح، لعبةٌ أعادت له الأمل في الحياة. "ما زال اليمن بخير" عبارة تم تكرارها من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ومثلها عبارات كثيرة كـ"الفرحة الوحيدة للشعب منذ سبع سنوات عجاف جاءت من أحذية اللاعبين لا من عقول السياسيين"، و"الآن عاد اليمن السعيد".

حتى في المناسبات السعيدة، لا ينسى اليمني سلاحه، وهي خصلة سيئة، فقد تم إطلاق الأعيرة النارية إلى جانب المفرقعات بشكل تجاوز المعقول، وخلف خسائر بشرية ومادية، فبحسب وزير صحة سلطة الأمر الواقع بصنعاء، بلغ عدد ضحايا الرصاص الراجع 129 حالة، منها 5 وفيات. 

وفي غمرة الفرحة بالناشئين، يتساءل اليمنيون: هل ستقدم قيادات البلاد وعقلاؤها فرحاً وطنياً مفاجئاً ومتحدياً المشاريع الضيقة والمصالح الفردية؟، هل ثمة أمل بالانتصار على الحرب والحصول على كأس السلام والاستقرار؟

86C8377A-A379-4402-941B-12D29E6C08B5
عبير بدر

إعلامية وناشطة يمنية عملت لدى عدد من الفضائيات والصحف المحلية والعربية. تكتب القصة القصيرة، وطالبة ماجستير في الجامعة اللبنانية - بيروت/ قسم العلوم السياسية.

مدونات أخرى