الفرصة الجديدة المُتاحة أمام الرواية السورية، والأدب والفنّ بصورة عامّة، هي أن يعتني كلّ نوع بنفسه، ويفكّر كيف يخدم احتياجاته، لا مطالب الدُّعاة أو الموجّهين.
قد نسأل بعد قراءة رواية غائب طعمة فرمان: هل يمثّلنا السيّد معروف؟ الجواب عندي نعم، وهل يعني هذا أن نتعاطف معه؟ والجواب لا، لأنّه يمثّل أكثر صفاتنا ضعفاً.
الحقيقة التي أرى أنَّ علينا عدم السكوت عنها هي أنّنا جميعاً شاركنا في صناعة القيود. لقد رضخنا طويلاً وكثيراً لحكم الطغاة، بينما كانوا يجدلون الحبال لتقييدنا.
لقد تهدّمت تلك "اليقينيات" التي ادّعى هؤلاء الكُتّاب تمسكهم بها، ولم يعُد لدى أيّ واحد من بينهم ما يُدافع عنه من ماضيه، أو ماضي النظام الذي كان يواليه.
لا يلاحظ المتحمّسون ضدّ العلمانية أنّهم يستعيدون أسوأ تقاليد السلطة القديمة البالية، أو سياسات حزب البعث الشمولي، في قمع الفكر، أو الحجر على حرّية التعبير.
لماذا أصرّ بعض الكتّاب على تصديق خطاب الطاغية عن الممانعة، وكذّبوا همسات شعب سورية عن العذاب؟ لم لا يكون بوسعك أن تُناصر "المقاوم" وتسأله لماذا ينهب أحلام شعب؟
قلّما كنتَ تجد من السوريّين من يُعلن عن حبّه لسورية، حين يرون المنافقين والانتهازيّين يسرقون هذه العاطفة الإنسانية البديعة منهم ويضعونها في خدمة الطاغية.