عفواً صندوق النقد العربي

15 يناير 2015
النظام السوري يدعي تحسن بورصة دمشق العام الماضي (أرشيف/Getty)
+ الخط -
ربما، من العبثية بالتعاطي، إبعاد الاقتصاد عند الحديث عن السياسة، والعكس صحيح، ولكن، ورغم ذلك، لن نطالب صندوق النقد العربي بالتطرق للسياسة وأداء رجالاتها في ما آل إليه الحال الاقتصادي في سورية، على اعتبارها مؤسسة اقتصادية ليس من مهامها وتخصصها الغرق في دهاليز السياسة، لكن من حقنا مطالبة المؤسسة القومية بالالتزام بمعايير وأسس ومبادئ، بل وأخلاقيات الاقتصاد، عندما تصدر رقماً أو نسبة، لا تقتصر مدلولاتها على الاقتصاد فحسب.
مثال: قال صندوق النقد العربي في أحدث نشرة اقتصادية إن التوقعات الأولية تشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي في سورية سيحقق في 2014 نمواً 1.6% عن العام الماضي، وأن الربع الثالث من العام 2014 شهد تحسناً كبيراً في عدد الأسهم المتداولة في بورصة دمشق.
بيد أن الصندوق، وفي مدلولات متناقضة، أشار إلى أن الموازنة في سورية لعام 2014 ستشهد عجزاً بنسبة 10.5% من الناتج المحلي، وأن الدين الخارجي سيرتفع إلى 27% ليبلغ 11.7 مليار دولار.
قصارى القول: إن لم نطالب المؤسسة العربية بتفسير أرقامها على نحو علمي، كما تنص معادلة احتساب نسبة النمو، أي ما يتعلق بالاستهلاك الخاص من السلع والخدمات ومجموع الاستثمار الإجمالي، أو الإنفاق الحكومي والصادرات الصافية، كما لم ندقق في تحسن أداء البورصة السورية.
فيكفي أن نذكر المؤسسات العربية الاقتصادية، آخذين حسن النية في ما تطرح من نسب يتاجر بها نظام الأسد، أن أكثر من 80 % من الصناعة السورية تهدمت، وهذا باعتراف اتحاد غرف الصناعة السورية الذي يعمل تحت مظلة النظام وليس اتهاما من جهة معارضة، وأن سورية خسرت النفط ومساهمته بالناتج والإنتاج، كما خسرت الزراعة وبات بلد الـ 5 ملايين طن قمحاً يستورد أسبوعيا قوت شعبه، وبلد المليون طن قطناً توقفت معامله بسب التدمير وعدم وجود غزول، كما خسرت السياحة وتحويلات المغتربين وزاد التضخم النقدي فيها عن 175%، هذا إن لم نأت على ذكر 11 مليون مهجر ونازح، رغم اعتقادنا بدورهم في احتساب الأرقام والنسب والاقتصادية، إن ليس لكونهم بشراً فعلى الأقل لكونهم قوى إنتاج وحوامل التنمية.
نهاية القول: وفق أي المعايير الاقتصادية يتم استصدار نسب حول سورية، إن كان نظام الأسد غير قادر على زيارة أكثر من نصف مدنها والاطلاع على أدائها الاقتصادي، وهل من ضير إن تركت المساحة إلى جانب سورية فارغة، خلال أي دراسة، أو الاعتذار بسبب الحرب على الحرية وعدم القدرة على الحصول على أرقام صحيحة.. أليست في ذلك صدقية اقتصادية وعدم تغرير سياسي أكثر من إصدار نسب بناء على أرقام وهمية يسوقها النظام ليتاجر بما تصدره المؤسسات لاحقاً.
المساهمون