هل ترفع الصحافة رأسها؟

هل ترفع الصحافة رأسها؟

09 فبراير 2017
+ الخط -
لا أستطيع تفسير ما يحدث فعلاً، إذ أصبت بالصدمة وخيبة الأمل، فعلى الرغم من إجماع العالم كله على حماقة دونالد ترامب وتطرّف مارين لوبين، وصمت الجميع إلا من بضع كلمات قالتها ميريل ستريب: "عندما قام ذلك الشخص، الذي سيجلس على أهم كرسي في بلادنا، يسخر من صحفي بسبب إعاقته".
سخر ترامب من إعاقة الصحفي وأضحك الجمهور، وأثبت وقدّم العذر للجميع لإهانة المهنة، ومن يعمل فيها، صمت العالم منتظراً الضربة القاصمة، والتي قام بها الرئيس الأميركي وحرسه، عندما طردوا مراسل شبكة يونيفجن، العجوز الشهير الحاصل على جائزة إيمي ثماني مرات، جورجي راموس.
ذكرتني إيماءة ترامب لحرسه بتصرّف الشبيحة والمحققين معنا في سورية، وكما قال الحارس للصحفي: "عد إلى بلادك (يقصد المكسيك)، قالوا لنا: "أنتم أخطر من المسلحين، ومكانكم تحت الصرامي".
العالم يؤمن بأنّ الكلمة كالرصاصة، بل وأخطر، عندما يطلقها صاحب مهنة وواجب، فأصحاب العروش وصلوا ليقين خطرنا . وكما هزّت كلمة ثورة أطلقها مغرد على "تويتر" عروش الطغاة، هز صديقة ترامب سؤال من صحفي فرنسي يعمل لصالح TMC: هل حارسك الذي يقف وراءك هو الشخص الذي تقاضى مبالغ بقيمة 300 ألف يورو مقابل وظيفة وهمية مستشاراً برلمانياً لكِ؟".
سؤال لم يتوقع سائله تلّقي اللكمات والطرد بعده على أيدي حرس زعيمة اليمين المتطرّف، المتهمة بدفع مبالغ ضخمة على حارسها، وهذه المرة بدون إيماءة ترامبية.
أثبت سادة العالم أنّ الإعتداء على الحريات وإخفاء المعلومات، أمر طبيعي لا يختص به حكام العالم الثالث فقط .
صمت مطبق من "مراسلون بلا حدود" و"لجنة حماية الصحفيين"، والمراكز الحقوقية التي ربما اعتبرت ما حدث عابراً، بعكسنا نحن، من عارك الأنظمة المستبدة والقمعية خلف قضبان السجون وفي الزنازين المظلمة، من اختبر آلة الأسد القمعية وطحنت عظام أصدقاءه وقتلتهم في المعتقلات آلة الأسد المسكوت عنها، والتي يعلمها ويعرفها جيداً ترامب ولوبان.
حريّة الصحافة التي قتلها الطاغية بشار، ويمشي الآن في جنازتها العالم، سخر منها ترامب وطردتها لوبين وسجنها العالم الثالث، هي الضامن الأساسي لحرية التعبير والوجه الحي للشعوب ولسانها، فمن المفترض أن تكون مصانة من دستور تلك الدول، ولكن!
وبانتظار التقرير السنوي لمقياس حرية الصحافة، وهل من الضروري انتظاره؟ لا أعلم كيف ستستطيع الصحافة رفع رأسها بعد الآن، وهي السلطة التي تتعرّض سنوياً للاختطاف، وغير محمية إلا بموجب دساتير وقوانين يكتبها الطغاة وأصحاب المال، فإلى متى يستمر العنف ضدنا؟
703A232A-51CE-409D-B5B0-996628C1636E
703A232A-51CE-409D-B5B0-996628C1636E
مرهف مينو (سورية)
مرهف مينو (سورية)