هذه مخاوف أبناء الوافدين في الكويت

هذه مخاوف أبناء الوافدين في الكويت

06 مايو 2018
شباب وافدون وكويتيون (العربي الجديد)
+ الخط -
يتخطى عدد الوافدين إلى الكويت ثلاثة ملايين وافد، معظمهم من العمال والموظفين الذي قصدوا البلاد للعمل في المرافق الحكومية والشركات الخاصة والمصانع. بعض من هؤلاء وفدوا مع عائلاتهم وأطفالهم، طمعاً في الحصول على مميزات إضافية، مثل التعليم والصحة والغذاء، التي توفّرها الدولة بأسعار مدعمة وجودة عالية، الأمر الذي لا يتوفر في بلدانهم الأصلية.

عائلات وافدة كثيرة تمكنت من التعايش مع المجتمع الكويتي، في حين أنّ أخرى لم تتآلف مع عاداته، وقد اضطرت بعضها للرجوع إلى بلدانها، بينما اتخذ بعضها الآخر قرار البقاء على الرغم من المعاناة التي يتسبب بها التباين الثقافي الشديد. لكنّ الوافدين الذين بقوا في الكويت تمكنوا من الاندماج مع المجتمع، خصوصاً جيل الشباب الذي ولد وتربى فيها. وثمّة مخاوف كثيرة لدى هذا الجيل، ولعلّ أبرزها خوف هؤلاء الشباب من مغادرة الكويت والعودة إلى بلدانهم الأصلية التي لم يعرفوها يوماً.

وتُعدّ الجالية الفلسطينية واحدة من أكثر الجاليات التي اندمجت في المجتمع الكويتي بسهولة، إذ وصلت طلائع المهاجرين الفلسطينيين إلى الكويت عقب نكبة عام 1948، واستمروا بالتوافد بعد كل حرب فلسطينية إلى أن وصل عددهم إلى 400 ألف فلسطيني وافد قبل عام 1990. وعندما قررت منظمة التحرير الفلسطينية مساندة الرئيس العراقي السابق صدام حسين في غزوه للكويت، تهجّر الفلسطينيون بمعظمهم إلى الأردن ولم يبقَ إلا عدد قليل منهم.

يقول أحمد أبو عمارة، وهو فلسطيني من الجيل الثالث المقيم في الكويت، لـ"العربي الجديد"، إنّه "بالنسبة إلينا، لا يوجد وطن آخر سوى الكويت. هنا ولدت وولد والدي، نرتدي الدشداشة ونتحدث باللهجة الكويتية". يضيف أنّ "العادات والتقاليد متشابهة بين الكويت وفلسطين تقريباً، وهو ما ساعد الفلسطينيين على الاندماج أسرع من غيرهم. كذلك فإنّ تشرّد الفلسطينيين من الوطن، حتّم عليهم البقاء في الكويت والتعامل معها كبلد أبدي".




من جهته، يلاحظ أحمد التميمي، وهو صحافي عراقي يعمل في الكويت منذ عام 2006، أنّ أبناءه الذين دخلوا إلى الجامعات في الكويت بدأوا يميلون للتحدث باللهجة الكويتية. ويوضح لـ"العربي الجديد"، أنّه "على الرغم من عدم وجود فروقات كثيرة بين الكويت والعراق، وخصوصاً أنّني أتحدّر من جنوب العراق، فإنّ التغيّر في التصرفات بدا واضحاً على الجيل الثاني من العائلة، الأبناء، وباتوا يسعون بكل ما أوتوا من قوة إلى الاندماج في المجتمع والتصرّف كأنّهم جزء منه". يضيف التميمي أنّ "المجتمع الكويتي يختلف عن مجتمعات خليجية كثيرة، فهو يميل إلى تقبل الآخر أكثر من غيره. كذلك فإنّه متنوّع إلى درجة اختلاف لهجات أهله وعاداتهم، ما يسهّل الأمور على الوافدين الجدد".

في سياق متصل، وافدون كثر ولدوا في الكويت ومثّلوا البلاد في المجالات كافة كما لو كانوا كويتيّي الجنسية، على الرغم من عدم حصولهم عليها. ونذكر هنا الممثل الكوميدي عبد الناصر درويش، وهو فلسطيني الجنسية، كذلك فإنّ اللاعب أحمد الرياحي الذي ولد في مدينة الكويت ودرس في مدارسها يُعدّ مثالاً آخر على الجيل الثاني والثالث من الفلسطينيين في الكويت. أمّا الفنان الباكستاني داود حسين، فقد حصل على الجنسية الكويتية تحت بند الأعمال الجليلة في عام 2007، مثلما حصل عليها الفنان الإيراني أحمد إيراج.

لكنّ الشاب الإيراني رضا بولادتن، الذي عاش وولد في الكويت، يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "الشباب الوافدين الذين ولدوا وعاشوا وتربوا في الكويت يتخوفون من المستقبل. فهم على الرغم من أنّهم منتمون إلى المجتمع الإيراني ومندمجون فيه، غير أنهم عرضة لترك البلاد في أيّ لحظة بسبب عدم وجود كفيل أو عدم توفّر عمل". يضيف أنّ "الناس يروننا نلبس الدشداشة ونتحدث اللهجة الكويتية فيظنون أنّ أمورنا المالية بخير، لكنّنا بخلاف ذلك عرضة للبطالة في أيّ وقت". ويسأل: "إذا غادرنا الكويت، إلى أين أذهب؟ إلى قرية جدي الريفية في إيران والتي لا أعرف عنها شيئاً؟ كذلك فإنّ لغتي الفارسية ليست فصيحة".

ويتابع بولادتن: "أعرف عدداً كبيراً من أصدقائي الفلسطينيين والسوريين الذين ولدوا وتربوا في الكويت وعاشوا ككويتيين وعندما كبروا أدركوا أنّهم ليسوا كذلك. لكنّهم لم يعودوا إلى بلدانهم، بل هاجروا على الفور إلى كندا والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، وهو ما يفعله الإيرانيون المقيمون هنا كذلك". ويشير إلى أنّ "قلة قليلة من المحظوظين تتمكن من البقاء والصمود هنا، إمّا بسبب وجود قريب كويتي أو بسبب حصولها على منصب مهم في شركة ما. لكنّ هذه ليست حال العدد الأكبر الذي يضطر إلى توديع البلاد بعدما أفقنا من صدمة أنّنا لسنا كويتيين".

في السياق، يقول الباحث الاجتماعي والطبيب النفسي عدنان الشطي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الذين ينجحون بالاندماج داخل المجتمع الكويتي بمعظمهم، هم من الوافدين الذين جاؤوا من الدول المجاورة، من قبيل إيران والعراق وسورية والسعودية، بينما يجد أقرانهم العرب من مصر أو المغرب العربي صعوبة أكبر في الاندماج". يضيف أنّ "المسؤولية تقع على الأهالي في توعية أبنائهم والشرح لهم بأنّهم يملكون وطناً آخر".




إلى ذلك، يقول محمد الحرز، وهو من الأفراد المؤثرين في الجالية المصرية في الكويت، وقد عمل طوال 40 عاماً فيها، إنّ "ثمّة مشاكل كثيرة تمنع الشباب المصريين من الاندماج، أوّلها أنّهم على عكس السوريين والفلسطينيين، يزورون مصر كثيراً لأسباب مختلفة". يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ "كثرة عدد المصريين دفعتهم إلى تأسيس مناطق ومدارس خاصة بهم في الكويت، وهو الأمر الذي جعلهم في عزلة عن محيطهم"، لافتاً إلى أنّه "تجد سوريين وفلسطينيين وعراقيين كثيرين يرتدون اللباس الكويتي ويعملون ككويتيين على سبيل المثال، في حين أنّه قلّما تجد مصرياً كذلك، باستثناء أن تكون والدته كويتية".

المساهمون