مقاتلات "أف 16" العراقية: أزمة ذخيرة وغياب الإشراف

مقاتلات "أف 16" العراقية: أزمة ذخيرة وغياب الإشراف

01 مايو 2020
يشرف الأميركيون على تدريب القوات الجوية العراقية(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

يشهد العراق تزايداً لافتاً في الفترة الأخيرة في عدد الهجمات التي ينفذها تنظيم "داعش"، الذي ما زالت بعض خلاياه تختبئ في مناطق جبلية وصحراوية بشمال البلاد وغربها، الأمر الذي يفرض حضوراً مستمراً لسلاح الجو العراقي كقوة إسناد ومعالجة لجيوب التنظيم، خصوصاً في المناطق الجبلية من شمال البلاد وشمال شرقها، إذ يجري الحديث عن وجود مشاكل تواجه عمل مقاتلات "أف 16" التي تعتبر العمود الفقري لسلاح الجو العراقي، والتي اشترتها بغداد من الولايات المتحدة بموجب عقد أُبرم بين البلدين عام 2011. ويؤكد سياسيون ونواب لـ"العربي الجديد"، ما يصفونه بـ"التضييق الذي تمارسه واشنطن على القوات العراقية منذ مطلع العام الحالي"، ما قد يسبب نقصاً في الذخيرة وجوانب تتعلق بالدعم الفني والصيانة وقطع الغيار لهذا النوع من الطائرات، فضلاً عن تفاقم الصعوبات التي تواجه العراقيين في حال إشرافهم بمفردهم على طائرات "أف 16" بعد انسحاب الفريق الأميركي، الذي كان مكلفاً ذلك من قاعدة بلد الجوية (60 كيلومتراً شمال بغداد)، على خلفية الهجمات المتبادلة بين القوات الأميركية وفصائل عراقية مسلحة مدعومة من إيران.

وبحسب رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية السابق، حاكم الزاملي، تمارس الولايات المتحدة تضييقاً على القوات العراقية في ما يتعلق بتجهيز سرب مقاتلات "أف 16" وتسليحه، معتبراً في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن هذا التضييق سبّب محدودية في عدد الضربات ومهمات سلاح الجو بملاحقة جيوب تنظيم "داعش" وتتبعها، في مناطق عدة من البلاد بالفترة الماضية. ويؤكد أن التحالف الدولي سحب نفسه من عمليات رصد خلايا التنظيم واستهدافها في العراق بذات الوقت، متهماً واشنطن بالتنصل من بنود العقد التي تنصّ على تزويد العراق بما يحتاجه لسرب المقاتلات من عتاد ودعم فني وتسليح وتجهيز وتدريب طواقم. ويكشف أن الفريق الأميركي الذي كان مشرفاً على الطائرات، والذي غادر قاعدة بلد الجوية، قبل أشهر لم يعد، وعلى رئاسة أركان الجيش وقيادة القوة الجوية، أن تجد بدائل سريعة لهذا الفريق.

ويشير إلى أن العراق لا يملك مخزوناً كافياً من الذخيرة لهذا النوع من الطائرات، وأغلب عقود التجهيز والتسليح كانت ناقصة، لذلك سيخضع العراق للابتزاز الأميركي في قضية التسليح والتجهيز لهذه الطائرات المهمة التي صرف عليها العراق مليارات الدولارات. ويلفت إلى أن الولايات المتحدة لم توافق على تدريب طيارين عراقيين جدد على طائرات "أف 16".

ويشدّد الزاملي على أن قضية التسليح والتجهيز الخاصة بطائرات "أف 16" ودبابات "أبرامز" وقطع الغيار والعتاد والكثير من الأمور الأخرى الخاصة بالتسليح، يجب أن تطرح في الحوار الاستراتيجي المرتقب بين بغداد وواشنطن في يونيو/ حزيران المقبل، مؤكداً أن العراق يجب أن يفكر في مصادر تسليح أخرى، مثل روسيا والصين، إن لم تلتزم أميركا ما تحتاجه طائرات "أف 16"، ودبابات "أبرامز". وبحسب مسؤولين عراقيين وأميركيين، فإن حواراً استراتيجياً سينطلق بين البلدين بعد شهرين بشأن قضايا عدة، من بينها التسليح، ودعم القوات العراقية وتدريبها. مع العلم أنه في العام الماضي، أعلنت وزارة الدفاع العراقية وصول الدفعة الأخيرة من طائرات "أف 16"، التي تمثلت بـ 5 طائرات، وفقاً للعقد المبرم بين بغداد وواشنطن عام 2011، ليرتفع عدد المقاتلات العراقية من هذا الطراز إلى 32، وفقاً لما أفاد قائد القوة الجوية الفريق أنور حمه أمين في حينها.



بدوره، يقول عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، بدر الزيادي إن جميع المقاتلات العراقية يقودها طيارون عراقيون وتحقق نجاحاً في تتبع فلول ومعاقل "داعش" واستهدافها، لكن أسعار الصواريخ التي تحملها هذه الطائرات غالية ولا يمكن إلقاؤها على تجمّعات محدودة، بل تضرب التجمعات الكبيرة فقط. ويتحدث عن امتلاك العراق كادراً فنياً متدرباً بشكل كامل، ولا مشكلة في تسيير طائرات "أف 16"، كذلك إن المستشارين والمدربين الأميركيين لا يزالون في قاعدة بلد الجوية، التي لم يجرِ إخلاؤها من القوات الأميركية بشكل كامل. ويضيف أن "العراق يمتلك ذخيرة لطائرات أف 16، لكنها ليست مكتملة"، مبيناً أن العراق يفكر في الذهاب إلى دول أخرى من أجل التسليح، كي لا يبقى معتمداً فقط على الأميركيين، مضيفاً أنه "قد يكون هناك تسليح شرقي من روسيا والصين وكوريا الجنوبية من أجل التنويع".

في المقابل، يرى عضو البرلمان، هوشيار عبد الله، أن العراق لا يزال بأمسّ الحاجة للتدريب والإشراف في ما يتعلق بطائرات "أف 16"، مضيفاً: "نحن بحاجة للاستفادة من المستشارين الأميركيين والآخرين ضمن التحالف الدولي". ويشدّد في حديث لـ"العربي الجديد" على ضرورة الوعي وامتلاك  وزارة الدفاع والمنظومة العسكرية العراقية نظرة واقعية للاستفادة من مستشاري الدول المنضوية ضمن التحالف الدولي، مشيراً إلى أن استخدام هذا النوع من الطائرات يحتاج إلى تفاهم بين بغداد وواشنطن. ويلفت عبد الله إلى أن مسألة تشكيل الحكومة الجديدة ستنعكس على مسألة طرح قضية الطائرات في الحوار المرتقب بين بغداد وواشنطن من عدمه، موضحاً أن حكومة تصريف الأعمال برئاسة عادل عبد المهدي، لا تمتلك صلاحيات كاملة لأنها حكومة تصريف أعمال، معبّراً عن أمله في أن تتباحث الحكومة الجديدة مع الأميركيين بشأن هذا الملف الحساس.

وسبق أن أشارت تقارير أميركية في فبراير/ شباط الماضي إلى وجود مخاوف لدى واشنطن من احتمال استيلاء مليشيات عراقية موالية لإيران على تقنية أميركية حساسة تتعلق بطائرات "أف 16" الموجودة في قاعدة بلد، بعد انسحاب الفريق الأميركي المشرف على الطائرات من القاعدة، على خلفية التوتر بين القوات الأميركية والفصائل المسلحة. وكانت شركة "سالي بورت غلوبال" الأمنية الأميركية، تتولى مهمة توفير الأمن لسرب طائرات "أف 16" العراقية، بينما كان مقاولون من شركة "لوكهيد مارتن" الأميركية يقدمون الدعم الفني والصيانة للطائرات، إلا أن الشركتين انسحبتا من القاعدة بعد تعرضها لهجوم من قبل مليشيات مسلحة.



المساهمون