مصطفى محمود..."العلم والإيمان" لا يزال حاضراً رغم الغياب

مصطفى محمود..."العلم والإيمان" لا يزال حاضراً رغم الغياب

31 أكتوبر 2015
في ذكراه (فيسبوك)
+ الخط -
"أهلاً بيكم"، كلمتان طبعتا ذاكرة امتدت طوال 18 سنة في التلفزيون المصري، عبر برنامج تعدّت حلقاته الـ 400 حلقة، كما بلغت إيرادات البرنامج 10 ملايين دولار عام 1997. برنامج "العلم والإيمان" لم يكن قائماً على ديكور فخم، ولا مقدمات شهيرة ولا نجوم، بل اقتصر على رجل يتحدث على كرسي، ويمرّ وراءه بعض مشاهد الفيديو. "أهلاً بيكم" في عالم مصطفى محمود، صاحب أشهر البرامج المصرية في ذكرى غيابه السادسة.
لم يكن العالم مصطفى محمود بعيداً عن عالم السينما والتلفزيون. انكب كمفكر وعالم على الكتابة وإصدار الكتب، ولكنه كان ميالاً إلى الموسيقى منذ صغره، كما صرّح في إحدى مقابلاته الإذاعية. مصطفى محمود، الذي يثير الجدل دائماً بانقلابه من علماني ملحد إلى التدين وتقديم نفسه كعالم إسلامي، كان صديقاً شخصياً لعدد كبير من الفنانين، وأولهم الموسيقار محمد عبد الوهاب. وعن مسجد ومستشفى مصطفى محمود اللذين شيدهما، يروي الرجل أنّ الفكرة كانت مشتركة بينه وبين عبد الوهاب، إذ قال حينها للموسيقار: "أنا افكر يا عُبد بالآخرة، فلا يعقل أن أقابل الله بشوية كلام"، فضحك الموسيقار، وأجابه: "ما هو انا ح أقابله بشوية مزيكا". أكمل مصطفى محمود مهمته بنجاح، وشيد الصرحين متكلاً على إيرادات من فاعلي الخير.


ينتقد البعض العالم المصري بسبب إعجابه بالرئيس المصري الراحل، أنور السادات، لكن ذلك لم يخفت من أضواء الشهرة التي نالها برنامجه في مصر، ففي الساعة التاسعة والنصف مساء، كانت مصر تتسمر أمام الشاشة لمدة ساعة، وتستمع لرجل يتحدث عن الفلك أو الحيوانات أو التاريخ، لا شيء في الاستديو إلا الدكتور بهدوئه ورصانته، وبعض التعليقات التي حفظها المصريين كـ "بصوا! يا سبحان الله"، تعليقات كان يوردها محمود على الفيلم الذي يحضره بغية عرضه على الجمهور، وغالبا ما يكون وثائقيا عالميا، ما قبل عصر الفضائيات.
الأفلام التي كان يحضرها العالم المصري، كان معظمها من السفارات الغربية بالتعاون مع التلفزيون المصري، أما موسيقى الناي الشهيرة التي صاحبت البرنامج طوال مدة عرضه، فكانت للملحن محمود عفت. اللافت أن محمود اختار الموسيقى بدلاً من مقطوعة خصصها عبد الوهاب، واعتبرها الدكتور غير ملائمة للمضمون.
لكن، يد "رجل مبارك" صفوت الشريف طاولت برنامج العلم والإيمان، فأوقف 4 حلقات منه عام 1997 تحت حجة "الأسباب السياسية"، فتوقف البرنامج كله بعد رفض محمود سطوة "رجل النظام" حينها، لتنتهي حقبة أطول برنامج وصاحب الإيرادات الكبيرة. يذكر أن مصطفى محمود بدأ بأجر 350 قرشاً للحلقة الواحدة وكان يتقاضى 300 جنيه حين توقف البرنامج.


يعيش برنامج "العلم والإيمان" في ذاكرة المصريين حتى الآن، ومعظم الفضائيات الدينية لا تزال تبثه حتى اليوم وحتى الرسمية منها. حلقات عدة من ذلك البرنامج لا ينساها المصريون، والبعض منهم يستعين بمقتطفات للدكتور مصطفى محمود ليعبر عن الوضع الحالي في مصر. الملفت أن الكلمة التي لا ينساها المصريون تبدو كتصور للوضع الحالي في معظم الأقطار العربية، ففي إحدى حلقاته التي كانت بعنوان "المستقبل"، قال محمود: "المستقبل هو وليد لحظتنا، نحن من نصور المستقبل. هناك مجموعة من الدول لا سيما تلك التي تعيش في الانقلابات والفقر والتخلف والأمية، ستتسع الفجوة بينها وبين الدول الأوروبية، لدرجة أن المسافة ستكون بين مجموعة دول ومجموعة أخرى كالمسافة بين القرود و" البني آدمين"، ستحول هذه الدول المتخلفة شعوبها لمجموعة نسانيس للتجربة بالنسبة للدول المتقدمة في العالم. سنجد أن هناك شعوبا وناسا لا نصيب لها في العلم، ولا نصيب من الاخلاق ،طيب على الأقل إذا فاتنا العلم ما يصحش تفوتنا الأخلاق. أرجو أن تكون هذه الحلقة صيحة نذير وجرس إنذار للخطر الذي يهدد كل أمة كسلانة". كانت هذه كلمات في حلقة سجلها محمود عام 1978 من برنامج لا يزال يعرض منذ عام 1971 على الشاشة.

اقرأ أيضاً: تنوير الظلاميين

دلالات

المساهمون