مشهد مسرّب من النهاية

مشهد مسرّب من النهاية

15 يوليو 2017
عادل داود / سورية
+ الخط -

إنسان على عتبة
أن تجلس على عتبة وحدك
لا باب خلفك، وأمامك الأيام ملثمة
تمر بك دون أن تلقي التحية
فيمر منها الكثير وأنت تنتظر
وتنسى ما كنت جالسًا بانتظاره.

تنتظر وحدك
تنام وتصحو كثيرًا حتى امتزاجهما
"تلك التي تطفو على الأفق حياة"
ترمي الشص في الأفق وتسحبه
فتصطاد رملًا

يصيبك الهلع
وتكتشف، بعد أن تنهي دورة حول نفسك
أن الفراغ الذي حدّقت فيه طويلًا
حمل في عينيك نفسه
ومحى بصورته الأسماء كلها

ها أنت أيها الإنسان عاجزٌ
لا نجدة لتطلقها ولا طريقًا لتهرب
تسقط من الذاكرة على لسانك كلمات مبعثرة:
حبيبة، هداية، سلم، طمأنينة
حين أردت نطقها، علَّقتْ الحيرةُ على شفاهك الأقفال

ها أنت أيها الانسان على العتبة جالس
توقفت عن التفكير والانتظار
خفضت رأسك، ودفنت ساقيك في التيه
لم يعد يجدو أن تعرف:
إن كان مدخل العتبة من الخلف أو الأمام.


مشهد مسرب من النهاية
بعد أن أكملت رحى الكآبة دورة كاملة، صار الحزن باردًا، جافًا، ولا نعومة في أصابعه الصفراء، أسرفت بالماء لكن الجفاف تفشى، الرمل الساخن في روحي يتنفس كل شيء.

جدران من الغيم تأكل الطرق كلها، سقوف من الغيم تبدأ من كعب الساق وتعلو. هذه المتاهة ليست متاهة، إنها صورة مقلوبة من المنطق، تُؤوّل الأحلامُ فيها الحقيقة.

شعاع الإنارة الخافت يسقط قبل وصوله، الضوء الميت عتمة لزجة وأكّالة، تقضم من تحتها الأرض، طفيلية، تبتلع الخطوة الراكضة إلى الامل، والهاربة من حتفها، وأنا وجبتها المفضلة.

خلف الستارة، كانت الحيرة تركض في مضمار دائري، ثم فجأة سقطت، فتوقف كل شيء عن الحركة، غزت الأرَدَةُ قماش الستارة الحمراء، وعندما أكملت التهامه، كان ما خلف الستارة خام فاسد من الفراغ.

رحى الكآبة أكملت دورة ثانية، تَفرّقَ فتات الحزن وظلت برودته في المكان، لم يبق متسع لمشاعر أخرى، أنا جالس بين فلقتيها الآن، حبال النجاة تهوي من الأحلام على رأسي، وتخبرني عظامي بصوت تكسرها: لقد بدأت الدورة الأخيرة..

 

المساهمون