مسرحية موت

مسرحية موت

04 مايو 2017
+ الخط -
بدأ الأمر بمسرحية، وانتهى إلى مفارقة غير محسوبة، بدليل أن الزعيم يرقدُ ميتًا، في المستشفى، على الرغم من أنه لم يكن مصابًا بأي داء، ولا يشكو شيئًا، بل دخل إلى المستشفى، بناء على نصيحة مستشاره الجديد فرج.

عمومًا، لم يكن الزعيم يحسب أي حساب للموت في حياته؛ لأنه اعتاد على سماع ذلك الهتاف المحبب إلى نفسه من حناجر شعبه، كلما رأوه في المواكب والخطب العصماء: "نموت ويحيا الزعيم".

كان هتافًا يشعره بأن عمره ممتد، ولن ينتهي أبدًا؛ بدليل أن هناك شعبًا على استعداد لمقايضة عمره كله، لقاء أن يبقى الزعيم على قيد الحياة، وكان يتعمّد، كلما انتابه هاجس الموت، وهذا نادر الحدوث، أن يفتعل جولة ما في الشوارع، أو أن يرتجل خطبة بلا مناسبة، فقط ليسمع ذلك الهتاف الخالد، الذي يمنحه الخلود.

وكان خلود الزعيم يسير على ما يرام، حتى حدث ذلك التحول المباغت، بتعيين فرج مستشارًا له، والأخير بدأ يثير الريبة في نفسه عن ولاء شعبه له، وخصوصًا صحة الهتاف الأحبّ إليه، واقترح على الزعيم، للتثبت من مصداقية الشعب، أن يدّعي المرض، ويدخل إلى غرفة العناية الحثيثة، ويصدر إعلانًا يطلب فيه أن يتنازل كل مواطن عن يوم من حياته، لإنقاذ الزعيم خلال أسبوع، لكن أحدًا من الشعب لم يستجب أو يقترب حتى من المستشفى.
ومع نهاية المهلة، مات الزعيم.

دلالات

EA8A09C8-5AE7-4E62-849E-5EBF1732C5FF
باسل طلوزي

كاتب وصحافي فلسطيني. يقول: أكتب في "العربي الجديد" مقالاً ساخراً في زاوية (أبيض وأسود). أحاول فيه تسليط الضوء على العلاقة المأزومة بين السلطة العربية الاستبدادية عموما والشعب، من خلال شخصيتين رئيسيتين، هما (الزعيم) والمواطن البسيط (فرج). وفي كل مقال، ثمة ومضة من تفاصيل هذه العلاقة، ومحاولة الخروج بعبرة.

مدونات أخرى