مرضى القصور الكلوي في مصر مهدّدون بالموت

مرضى القصور الكلوي في مصر مهدّدون بالموت

13 يونيو 2020
استعداد لجلسة الغسيل (Getty)
+ الخط -

حسمت وزارة الصحة والسكان المصرية خيارها بزيادة القدرة الاستيعابية لمستشفيات عزل مصابي كورونا على حساب مرضى القصور الكلوي، إضافة إلى تخفيض جلسات العلاج، ما قد يؤدي إلى وفاتهم

يُواجه مرضى القصور الكلوي في مصر خطر الموت من جراء قرار وزارة الصحة والسكان زيادة القدرة الاستيعابية في المستشفيات المخصصة لعزل وعلاج مرضى فيروس كورونا، البالغ عددها حتى الآن 340 مستشفى على مستوى الجمهورية، الأمر الذي أدّى إلى إخلاء العديد من وحدات الغسيل الكلوي في المستشفيات الحكومية، علماً أن مصر سجلت 20 ألفاً و433 وفاة بين مرضى القصور الكلوي في عام 2017، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وتشهد وحدات الغسيل الكلوي في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة والسكان المصرية ازدحاماً في عدد المرضى في مختلف المحافظات، بسبب إغلاق بعض الوحدات في وجه مرضى القصور الكلوي، ما يزيد من معاناة الفقراء ومحدودي الدخل، الذين يترددون على المستشفيات العامة لإجراء الغسيل الكلوي سواء مجاناً أو بكلفة بسيطة، نظراً لعدم قدرتهم المادية على إجراء الغسيل في المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة.




ويقول مصدر مسؤول في وزارة الصحة المصرية رفض الكشف عن إسمه، إن وزيرة الصحة والسكان هالة زايد طالبت مديريات الصحة في المحافظات بتوفير المزيد من الأماكن في المستشفيات بهدف عزل مصابي كورونا، من دون أي مراعاة للأشخاص الذين يعانون من أمراض أخرى، مضيفاً أن "الوزارة أخلت مباني كاملة في المستشفيات لاستخدامها في عزل مرضى كورونا، من بينها مستشفيات فيها وحدات للغسيل الكلوي، مع نقل مرضى القصور الكلوي إلى وحدات للغسيل في مستشفيات أخرى".

يضيف المسؤول لـ"العربي الجديد"، أن "بعض إدارات المستشفيات الحكومية نقلت الأسرّة في عدد من وحدات الغسيل الكلوي لاستخدامها في غرف العزل، نتيجة عدم وجود أسرّة كافية لاستقبال مرضى كورونا"، محذراً من نقص كبير في الأدوية في وحدات الغسيل الكلوي، مثل دواء "كلكسان" (Clexane)، الأمر الذي يهدّد حياة مرضى القصور الكلوي بالموت في ظل غياب الرعاية الطبية.

يُتابع المسؤول أن عشرات مرضى القصور الكلوي لقوا حتفهم بالتزامن مع أزمة كورونا، في ظل تخفيض عدد جلسات الغسيل أسبوعياً من ثلاث مرات إلى مرتين، إضافة إلى ساعات الجلسة الواحدة من أربع ساعات إلى ثلاث ساعات وأحياناً ساعتين، لاستيعاب المرضى الآخرين. إضافة إلى ما سبق، تشهد وحدات الغسيل الكلوي نقصاً في الطواقم الطبية، بعد نقل الأطباء والممرضين للعمل في مستشفيات العزل بناءً على قرار وزاري.

ويوضح المسؤول أن "وحدات الغسيل الكلوي في مستشفيات الصعيد تشهد ازدحاماً بين المرضى الذين ينتظرون دورهم، في وقت يكلف أطباء غير متخصصين للإشراف على وحدة الغسيل"، مستدركاً أن "الأزمة ليست في زيادة عدد المرضى بقدر ما تتعلق بالمشاكل الفنية الناتجة عن أجهزة الغسيل المتهالكة، وأعطالها المتكررة، علاوة على نقص المواد المعقمة، والأدوية الأساسية لعلاج المرضى أثناء الغسيل".

ويقول المسؤول إن "العجز الكبير في الطواقم الطبية، ونقص عدد الأسرة، يزيدان من مخاطر إصابة مرضى القصور الكلوي بفيروس كورونا بسبب ضعف مناعتهم"، مشيراً إلى أن هناك وحدات للغسيل في بعض مستشفيات الصعيد المجاورة للمراكز الخاصة لعزل مرضى كورونا، وبالتالي هناك خشية من احتمال وصول الوباء إلى مرضى الكلى وبالتالي لذويهم وأقاربهم.

من جهته، يقول الطبيب أحمد ع. في قسم الكلى في أحد مستشفيات الصعيد، إن وحدات الغسيل الكلوي تعمل في الوقت الراهن بأقل من طاقتها، وتُعدّ مصدراً لنقل العدوى والفيروسات، بسبب عدم الاهتمام بإجراءات التعقيم والنظافة، مضيفاً أنه "ربما يكون عمال النظافة سبباً في انتقال العدوى نتيجة الإجراءات الوقائية المحدودة، على غرار عدم توفر القفازات وغيرها، وعدم الاهتمام بتنظيف أرضيات الغرف والأسرة".

وكانت الجمعية المصرية لأمراض وزراعة الكلى قد أعربت عن أسفها لوجود عدد كبير من المرضى أمام وحدات الغسيل الكلوي في مختلف المحافظات، بعد استخدام عدد من الوحدات كأماكن لعزل مرضى كورونا، ما يشكل خطراً على حياتهم، لافتة إلى أن مرضى القصور الكلوي في مصر يُقدرون بمئات الآلاف، ومعظمهم في القرى ومناطق الأرياف.

وفي سبتمبر/ أيلول عام 2018، شهدت مستشفى ديرب نجم المركزي في محافظة الشرقية المصرية مأساة بعدما توفي العشرات من مرضى القصور الكلوي، فضلاً عن إصابة آخرين بغيبوبة نتيجة تهالك أجهزة الغسيل. وتغيرت ألوان أجساد بعض المرضى إلى الأزرق بسبب نقص الدم بعد ثلاث دقائق فقط من بدء جلسات العلاج، نتيجة العطل الذي أصاب شبكة تشغيل الأجهزة، ما ترتب عنه سحب الدم من المرضى من دون أي تعويض.




وتعدّ نسبة أمراض الكلى كبيرة في مصر لأسباب عدة، منها تلوث مياه الشرب في الكثير من المحافظات. ولا تخلو قرية أو مدينة من مرضى بالكلى، بمعظمهم دون الخمسين من العمر، بحسب إحصائيات شبه رسمية.

وتشير دراسة نشرتها دورية "ساينتيفيك ريبورتس" إلى ارتفاع معدلات الوفاة بين مرضى القصور الكلوي الحاد في وحدات الرعاية في عدد من المستشفيات المصرية، ويُقدر عدد المصابين بهذا المرض عالمياً بـ13 مليون شخص سنويّاً، ويؤدي إلى وفاة نحو 1.7 مليون شخص كلّ عام.

المساهمون