محمد القوماني لـ"العربي الجديد": شخصيات ستدعم المرزوقي ستشكل مفاجأة

محمد القوماني لـ"العربي الجديد": شخصيات ستدعم المرزوقي ستشكل مفاجأة

09 ديسمبر 2014
حظوظ المرزوقي بالانتصار قوية (العربي الجديد)
+ الخط -

يكشف رئيس حزب "الإصلاح والتنمية" التونسي، محمد القوماني، في حوار مع "العربي الجديد" أن العمل جارٍ مع أحزاب وشخصيات فاعلة لدعم الرئيس التونسي والمرشح منصف المرزوقي في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وستشكّل حدثاً عند الإعلان عنها.

ويعرب القوماني عن تفاؤله بحظوظ فوز المرزوقي بالانتخابات الرئاسية، معتبراً أن الأخطاء التي يرتكبها زعيم "نداء تونس" الباجي قايد السبسي "كثيرة ولا يمكن أن تصدر عن شخص يدّعي توحيد التونسيين"‫.

كيف ترى المشهد السياسي بعدما حدث في البرلمان التونسي، وهل هناك متغيرات حقيقية‫؟

أعتقد أن ما حصل في توزيع المسؤوليات في مجلس النواب، أدى رسالة إيجابية، مفادها أن هناك إمكانية للتفاهم بين حركة "النهضة" وحزب "نداء تونس"، لكنه لا يرتقي إلى مستوى التحالفات السياسية التي تقتضي اتفاقات بعيدة المدى.

وملخص هذا التفاهم الحاصل، هو أن "النداء" صاحب المرتبة الأولى في البرلمان، حصل على رئاسة المجلس بأغلبية كبيرة بعد تصويت حركة "النهضة" له، حتى لا يكون رئيس البرلمان مُنتخباً بأغلبية نسبية.

كما أن "النهضة" القوة الثانية حصلت على منصب النائب الأول بنسبة تصويت عالية من ضمنها أصوات "النداء"، فيما المركز الثالث في البرلمان كان لـ"الاتحاد الوطني الحر"، وهذه بداية للتفاهم وإمكانية التعايش، حتى لا ينقسم البرلمان إلى كتلة بأغلبية نسبية تكون صاحبة القرار وكتلة أخرى كبيرة في مواجهتها‫.

ولكنه ليس تحالفاً؟

لا، لا يمكن أن يكون تحالفاً، هو مستوى تعايش جيد لتونس، ولكنه ليس تحالفاً.

هل تعتقد أن هذا التفاهم يمكن أن يؤثّر على المسار الرئاسي؟

مستوى هذا التفاهم لا يؤثر في المسار الرئاسي‫، وهو قد يخفّض الاحتقان، ويُبعد "النهضة" عن الظهور كمنافس لـ"نداء تونس". ولكن الموقف العام لـ"النهضة" أبقى على حرية الاختيار بالنسبة لقواعدها الانتخابية في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، ولو كان تحالفاً لأفضى إلى إسناد رئاسة البرلمان لـ"النهضة"، فالتحالف يقتضي اتفاقاً واضحاً حول الحكومة والرئاسة والبرلمان، وهذا ما لم يحدث.

وموضوع الحكومة سيختبر تحالف الحزبين من عدمه‫. ثم إن "النهضة" لا يمكن أن تقف في مواجهة جزء كبير من قواعدها التي تذهب فكرياً وتاريخياً في اتجاه دعم الرئيس والمرشح منصف المرزوقي. كما أن جزءاً مهماً من "النهضة" يرى البقاء في المعارضة مصلحة أكبر للحركة، بالإضافة إلى أن بعض قواعد "نداء تونس" ترفض التحالف مع "النهضة".

إلى أي حدّ هذا التحليل موضوعي وليس تفاؤلاً مفرطاً وسط الأحزاب المساندة للمرزوقي‫؟

هذا التحليل موضوعي؛ لأنه مبني على معطيات داخل "النداء" و"النهضة"، أما الأحزاب التي تساند المرزوقي، ومنها حزبنا، فاختيارنا أساسه حاجة تونس إلى التوازن السياسي، و"النداء" يمسك حالياً برئاسة البرلمان، وإذا حصل على رئاسة الجمهورية والحكومة، فهذا سيقود شيئاً فشيئاً إلى الاستبداد، بغض النظر عن تقييمنا للأشخاص، لأن هذا سيؤثر على تركيبة المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء والتعيينات في المناصب العليا في الدولة، وكل هذا يُشكل توجهاً طبيعياً نحو الاستئثار بمفاصل الدولة.

هل الفريق الداعم للمرزوقي ما زال متفائلاً بالانتصار؟

نعم نحن متفائلون؛ لأن المرزوقي حقق نسبة جيدة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية تدفع إلى الارتياح، وجاءت مخالفة لكل التوقعات الأخرى واستطلاعات الرأي التي لم تكن تمنحه أكثر من 7 في المائة.

ونعتقد أن الأخطاء التي يرتكبها منافسه (زعيم نداء تونس) الباجي قايد السبسي كثيرة، ولا يمكن أن تصدر عن شخص يدّعي توحيد التونسيين، فاتهامه لجزء من الناخبين بأنهم متطرفون، يُذكّر بالمنظومة القديمة؛ لأنه يمثل ازدراءً لحوالى مليون تونسي. وهذه الأخطاء فيما يبدو وراء إبعاده عن دائرة الإعلام المباشر بعد تكرارها‫.

حظوظ المرزوقي قوية؛ لأن الفارق مع المنافس ليس كبيراً، ونحن نراهن على جزء ممن انتخبوا شخصيات أخرى بأنهم سيصوّتون في هذه المرحلة للمرزوقي، مثل قاعدة "الجبهة الشعبية" ‫وتيار "المحبة" وزعيم الحزب "الجمهوري" أحمد نجيب الشابي ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر وعبد الرزاق الكيلاني وغيرهم، فهناك مشترك فكري ونضالي بين هذه الأحزاب والمرزوقي. كما أن قواعد هذه الأحزاب متحررة من قرارات قياداتها وستصوّت بحرية، بالإضافة إلى الشباب الذي لم يصوّت في الدور الأول والذي نرجّح أنه قريب من المرزوقي.

إذا أعلن السبسي دعم رئيس للحكومة من خارج حزبه قبل الانتخابات الرئاسية، هل يعني ذلك أنه ضد التغول؟

أُرجّح شخصياً أن يعلن السبسي عن الشخص المكلّف بتشكيل الحكومة قبل الانتخابات الرئاسية، لأن هذا الأمر يُعتبر ورقة انتخابية، وقد يُؤثر جزئياً على المسار الرئاسي، ولكن ليس بالحجم الكافي. فرئيس الحكومة يمكن أن يتغير بعد بضعة أشهر، في حين أن رئيس الدولة باقٍ لخمس سنوات، وهو ضمانة التوازن، لأن "النداء" المثقل بمسألة التغول يُمسك بالأغلبية في مجلس النواب، وسنبيّن للناخبين أن الإعلان عن رئيس حكومة من خارج "النداء" ليس ضامناً لعدم التغول.

ما تأثير خسارة المرزوقي عليكم سياسياً؟

شعار الدور الأول كان "ننتصر أو ننتصر". ونحن نعتقد أنه سينتصر بالفعل، ولكن حتى في حال حصول العكس، فسنكون قد شكّلنا قوة سياسية جدية في مواجهة "النداء" الذي سيفهم أن جزءاً كبيراً قد صوّت ضده ولا يلتقي معه. وهذا له معنى سياسي هام؛ لأنه سيفرض نوعاً من الرقابة والتوازن في المشهد السياسي التونسي.

هناك من يرى أن المرزوقي أكبر من حزبه؟

هذا صحيح، فالنتائج أظهرت أن المقاعد التي فاز بها حزب "المؤتمر" (الذي يترأسه المرزوقي) في انتخابات المجلس التأسيسي كانت بفضل شخصية رئيسه، لكن الانقسامات الحادة وخروج العديد من الشخصيات من هذا الحزب وتأسيسها أحزابا أخرى، بالإضافة إلى بعض المواقف غير المقنعة على أصعدة عدة، جعلت "المؤتمر" يحقق نتائج سلبية في الانتخابات التشريعية الأخيرة. وأعتقد أن المرزوقي كان يدرك هذا جيداً حتى قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية.

هل سيستثمر المرزوقي هذا الوضع الحزبي لتشكيل حزب جديد؟

هذا سابق لأوانه، وبعض مساندي المرزوقي من الأحزاب كان يدعو إلى تأسيس جبهة سياسية، ولكن بعض الأحزاب الأخرى المساندة للمرزوقي، ومنها حزبنا، رفض هذا المقترح، لأن تشكيل جبهة حالياً سيدفع مستقبلاً إلى اندثار عشرات الأحزاب الصغيرة الكثيرة التي لا رصيد لها، وسيؤدي إلى تأسيس جبهات وقوى سياسية جديدة قادرة على منافسة "نداء تونس" و"النهضة" و"الجبهة"، وهو ما يحتاج إلى حوارات جدية ومعمقة.

والتنافس الرئاسي حالياً بصدد تمهيد الطريق تلقائياً لتأسيس قوة أو حزب أو كيان سياسي جديد يقوم على أساس الانتصار لقيم الثورة وحقوق الإنسان، بفعل هذا المد الحقوقي الكبير في تونس. وهناك أيضاً قيم أخرى مثل الانحياز الاجتماعي في مواجهة الليبرالية المجحفة والعروبية المنفتحة، وكلها قد تقود إلى هذا الأمر. ولكن هذا سيكون رهين حوارات الشخصيات السياسية التي أثبتت حتى الآن فشلاً ذريعاً في الالتقاء حول أي اتفاق سياسي.

ما سر هذا الصمت الغريب من حملة المرزوقي؟

نحن الآن نقيّم نتائج الدور الأول، ونستعد للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، بتوسيع قاعدة دعم المرزوقي بأحزاب وشخصيات قوية وفاعلة في المشهد التونسي، وستشكّل حدثاً عند الإعلان عنها. ولكن هناك أيضاً عملٌ على الخطاب الانتخابي للمرزوقي الذي سيشهد تعديلات هامة ليناسب التنافس بين مرشحين، وسيتم التركيز على نقاط ضعف المنافس، كما أن هذا الخطاب سيحاول الإجابة عن أسئلة هامة يطرحها التونسيون؛ مثل الأمن ومواجهة الإرهاب، بما أن المرزوقي الشخصية الحقوقية الديمقراطية السلمية اتُهم باطلاً بدعم الإرهاب.

وسيتطرق الخطاب أيضاً إلى التعاون بين رأسي السلطة التنفيذية (الرئاسة والحكومة)، بعدما وُجهت انتقادات لترشيح المرزوقي على أساس أنه سيعطّل العمل الحكومي وسيشكّل تصادماً مع الحكومة التي قد يقودها "النداء". وهناك أيضاً موضوع المصالحة الوطنية؛ لأن تونس لا يمكن أن تبقى مقسّمة، وينبغي أن يُدفع الرئيس إلى تجميع كل القوى بعد تفعيل العدالة الانتقالية التي تقود إلى المصالحة.

هل تلتقون بالمرزوقي وكيف معنوياته؟

نعم نحن نلتقي به، وهو متفائل، ومتأكد أن التونسيين سيصوّتون للتوازن السياسي، ولضمان الحقوق والحريات، ولشخصية لن تنقلب على المسار الانتقالي، على الرغم من كل أخطائها.