وقال الكاتب والمحلل السياسي عاطف الجولاني، لـ"العربي الجديد"، إن أهمية المبادرة أنها عبارة عن محاولة للوصول إلى قواسم مشتركة بين الحراكات الشعبية والجانب الرسمي، موضحاً أن "محاور المبادرة تجمع بين مطالب الحراك الشعبي والأوراق النقاشية التي طرحها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال السنوات الماضية، مثل الحكومات البرلمانية وقانون الانتخاب، وغيرها". واعتبر أن "أهم ما في المبادرة أنها محاولة لجمع الأطراف المختلفة حول طاولة حوار واحدة، من أجل الخروج من الأزمة الحالية، بشقيها الاقتصادي والسياسي، والوصول إلى اتفاق يُخرج الجميع من الأوضاع الصعبة التي يعاني منها الأردن على المستويين الداخلي والخارجي". لكن الجولاني ربط "نجاح أي مبادرة بقدرة الطرف المبادر على الوصول إلى الأطراف الأخرى والتحرك الإيجابي للتقريب بين وجهات النظر"، مؤكداً "أهمية ألا يكون هدف المبادرة التعبير عن موقف، حتى لا يكون مصيرها الفشل".
وأشار الجولاني إلى أن "الحركة الإسلامية غير محسوبة على الجانب الرسمي، كما أنها لم تشارك بالحراك أيضاً بشكل صريح، وهذا يعني أنها تبتعد عن الطرفين بمسافة معينة، وهذا يجعلها أكثر قوة بطرح المبادرة". وحول النظر إلى الحركة الإسلامية كمعارضة، قال الجولاني "نعم هناك إشكالات بين الحركة والجانب الرسمي، لكن الأمر يتعلق بتمتين الجبهة الداخلية، ولا يخفى على أحد الحضور القوي للحركة الإسلامية في الشارع الأردني. إذا كان الجانب الرسمي يشعر بعظم التحديات التي تواجه الوطن، فهنا سيلتقي الأردنيون من جميع الأطياف السياسية من أجل التوصل إلى جبهة داخلية قوية موحدة لمواجهة الأزمات الحالية". واعتبر أن "البحث عن المصلحة العامة يوجب على الجميع التركيز على الأفكار التي تجتمع حولها كل الأطراف، وعدم التركيز على صاحب المبادرة، حتى تكون هناك فرصة للتقدم إلى الأمام".
وخلال المؤتمر الصحافي، قال الذنيبات إن "الأردن يعاني من انسداد سياسي واقتصادي، ويعاني من أزمة مزدوجة على الصعيدين الداخلي والخارجي. ففي الداخل لا توجد إرادة سياسية حقيقية لقيادة البلد إلى بر الأمان. أما خارجياً فهناك ضغوط إقليمية ودولية تحتاج إلى توحيد الصف لتجاوزها". وأوضح أن "هذه المبادرة السياسية منفصلة عن الوثيقة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، التي يجري العمل على إتمامها"، مؤكداً أن "المدخل إلى الإصلاح الاقتصادي هو الإصلاح السياسي"، مشيراً إلى "عقد عدة لقاءات مع شخصيات سياسية ووطنية لبحث مضامين هذه المبادرة، والتي تشكل أرضية للحوار بين مختلف المكونات السياسية". وحذر من أن "ما يمر به الأردن من تحديات داخلية ينذر باحتقانات مجتمعية وانسداد سياسي يعيق تقدّم مسار الإصلاح الشامل، ويتسبب بحالة من الاستقطاب المجتمعي تلحق الضرر بمصالح الوطن".
ورغم أن المؤتمر الصحافي كان مخصصاً للحديث عن مبادرة الحركة الإسلامية، إلا أن العكايلة استشعر الخطر المحدق بالحركات الإسلامية بعد خسارة حزب العدالة والتنمية في تركيا لبعض البلديات الرئيسية مثل أنقرة وإسطنبول، واصفاً ما جرى في الانتخابات التركية بأنه انكسار لراية مهمة. وأشار العكايلة إلى أن "المبادرة تأتي في ظل ما يواجه الأردن من تداعيات السياسة الأميركية المنحازة ضد القضية الفلسطينية، ومحاولات فرض مشاريع سياسية مشبوهة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وتشكّل تهديداً مباشراً للأردن، كمشروع صفقة القرن والإجراءات الأحادية لحسم مستقبل مدينة القدس وشطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم، وتحركات إقليمية مشبوهة". وقال إن "ملك البلاد ذكر خلال الفترة الماضية أنه يتعرض لضغوط خارجية، خصوصاً في مواجهة صفقة القرن والوصاية الهاشمية"، مشيراً إلى أن "هذه المبادرة توحد الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات، الأمر الذي يتطلب تشكيل حكومة إنقاذ وطني ذات عمق جماهيري". واعتبر أن "حكومة عمر الرزاز غير قادرة على مواجهة حكومة الأشكيناز"، مشيراً إلى أن "الحل الساسي هو المفتاح لتجاوز الأزمة الاقتصادية".
وأكدت المبادرة ضرورة "تعديل التشريعات والإجراءات الناظمة للحريات العامة، بما يحول دون التضييق على حرية الأفراد وممارسة الضغوط على عمل الأحزاب والهيئات الشعبية". كما دعت إلى "التوافق على خطة عمل وطنية لمكافحة الفساد المالي والإداري، عبر إجراءات عملية رادعة، وانتهاج خطط اقتصادية شاملة، تُخرج الوطن من أزماته المتراكمة وتقوده نحو تحقيق استقلالية الاقتصاد الوطني، وتساهم في حل مشاكل البطالة والفقر والمديونية وعجز الميزان التجاري، وتراجع النمو الاقتصادي". وشددت المبادرة على "ضرورة التوافق على برامج وطنية للحفاظ على هوية المجتمع وثقافته وقيمه، وتعزيز وحدته الوطنية وتمتين جبهته الداخلية، ومواجهة نزعات التقسيم والتمزيق على أسس أيديولوجية ومجتمعية، وتعزيز روح التسامح والاعتدال ورفض كل نزعات التشدد والتطرف". وأكدت "ازدياد صعوبة الوضع الاقتصادي بسبب الفساد وفشل السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة، حيث لجأت الحكومات لمواجهة أزماتها المالية المتفاقمة إلى التوسّع في سياسة رفع الأسعار وفرض وزيادة الرسوم والضرائب، وإثقال كاهل المواطن بمزيد من الأعباء والضغوط التي لم يعد قادراً على تحمّل المزيد منها".
وكانت بعض الحراكات الشعبية قد وجهت، الأسبوع الماضي، العديد من الانتقادات للحركة الإسلامية بعد حشدها للجماهير في مسيرة دعماً للقدس وسط عمان، في الوقت الذي تحجم فيه الحركة عن المشاركة في الاحتجاجات الشعبية على الدوار الرابع. وتشهد علاقة الحركة بالحكومة والأجهزة الرسمية جفاءً لا يصل إلى حد القطيعة.