مؤشر السعادة.. التونسي سعيد رغم الإرهاب

مؤشر السعادة.. التونسي سعيد رغم الإرهاب

18 مارس 2016
التونسي سعيد رغم كل الظروف (العربي الجديد)
+ الخط -

لم تمنع قلة ذات اليد والتهميش، الطفلة دعاء العامري (10 سنوات)، من الاستمتاع واستغلال الوقت للترويح عن النفس في منطقة العمران، إحدى المناطق المهمشة، بأحواز العاصمة تونس.

تقول دعاء لـ"العربي الجديد"، "بمناسبة العطلة المدرسية، قدمت إلى دار الثقافة ابن زيدون بالعمران، لمتابعة بعض العروض الموسيقية، وممارسة أنشطة بسيطة كالرسم والرقص، وأكثر ما يسعدني مشاهدة مسرحيات عرضت في دار الثقافة، ومنها عرض "القبصيّون".

ويستمتع عدد كبير من الأطفال، بالبرامج الترفيهية التي تعرض في الفضاءات ودور الثقافة والنوادي، كما تعج أغلب المقاهي والمطاعم بالوافدين والزوار، عائلات اغتنمت العطلة المدرسية للترفيه عن الأبناء، بعد أن فتحت دور الثقافة بمختلف المحافظات التونسية، وخاصة تلك المتواجدة بالأحياء الفقيرة والمهمشة، أبوابها لاستقبال العائلات وأطفالهم ليستمتعوا ببرامجها التي تضم العروض المسرحية والموسيقى والرقص والرسم، حيث يمرح الشباب والفتيات.

ورغم المرتبة الـ98 التي احتلتها تونس، ضمن تقرير "مؤشر السعادة العالمي لسنة 2016"، إلا أنّ مراقبين يؤكدون أن "التونسي يحب الترفيه، ومتشبث بالحياة" يحاول أن يكون سعيداً رغم الإرهاب وصعوبة الأوضاع الاقتصادية.

وبين الواقع والمؤشرات التي تصدرها الشركات العالمية تختلف القراءات، حيث يؤكد مدير ثقافة ابن زيدون، سفيان قاسمي، لـ"العربي الجديد"، أن "الظروف الصعبة التي مرت بها تونس مؤخراً، زادت من عزيمة التونسيين للخروج والاستمتاع، بل يحاولون تقريب أبنائهم من الأنشطة الثقافية، وكل ما له علاقة بالترفيه والسعادة".

وأشار إلى أن طلبات الانخراط في دار الثقافة التي يُديرها ارتفعت، وأن حضور العروض الموسيقية والمسرحية كان لافتاً للنظر. "هذا الملتقى كان فرصة ترويح عن النفس لأهالي منطقة العمران، وجبل الأحمر وحي الزياتين وراس الطابية، التي تعتبر من الأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية".

من جهته، شكك رئيس مؤسسة "سيقما كونساي" لسبر الآراء، حسن الزرقوني، لـ"العربي الجديد"، في تقرير مؤشر السعادة، معتبراً هذه التقارير تفتقد إلى الدقة والموضوعية، وأن الواقع بعيد كل البعد عنها.

وقال إن ترتيب تونس في المرتبة 98 من حيث مؤشر السعادة، غير دقيق، لأن هناك حياة ذاتية للتونسي يعيشها بتناقضاتها، وهو سعيد بطريقته وراض بحياته. ولفت إلى أنّ قراءة بسيطة في مؤشر السعادة، الذي صدر مؤخراً تكشف أنّ هناك بلداناً يعرف القاصي والداني مستوى العيش فيها، ومع ذلك نراها تسبق تونس في الترتيب، رافضاً تحديد البلدان تفادياً للحساسيات.


اقرأ أيضاً:"مؤشر السعادة": الدنمارك الأولى وسورية قبل الأخيرة

وأوضح أنّ قياس مؤشر السعادة، هو عبارة عن جملة من المؤشرات المركبة، تعكس في مجملها الثقافة الغربية، التي تبقى نظرتها إلى "السعادة" مختلفة بحكم أن الحضارة ليست ذاتها، وحياة الشعوب مختلفة، مؤكداً أن مقاييس السعادة تختلف من بلد لآخر.

وبين الزرقوني أنّ التونسي الذي يعيش في الجنوب مثلاً، لديه قناعات معينة تجعله سعيداً، بعيداً عن الرّفاه والجاه، معتبراً أن فلاحاً في صعيد مصر سعيد بواقعه، وهؤلاء قد يعتبرهم الغرب تعساء، لمجرد أنهم لا يتوفرون على الوسائل التكنولوجية.

وأضاف أنه رغم التفاوت الاجتماعي، وعدم المساواة في الجهات، حيث لا تزال بعض المناطق تعاني التهميش والفقر، إلا أن التونسي سعيد بطبعه، دون أن ينفي وجود شعور عام بالإحباط، نتيجة الظرف الاقتصادي العام، والأوضاع الأمنية والإرهاب.

من جهته، قال مدير مؤسسة ''أمرود كونسيلتينغ''، نبيل بالعم، لـ"العربي الجديد"، إنّه لا يجب التسليم بأن كل نتائج المؤسسات العالمية لسبر الآراء دقيقة، أو أنها ذات مصداقية، معتبراً أن بعض هذه المؤسسات تعتمد على شبكة الانترنت في استسقاء الآراء، وبالتالي فالأجوبة والعينات ليست صحيحة دائماً.

وأضاف بالعم، أن قياس مؤشر السعادة يتم بعد طرح عدد من الأسئلة في عدة مجالات، وبعد ذلك توضع خارطة بالبلدان وفق مؤشرات السعادة. وأوضح أن مؤسسته قامت مؤخراً باستطلاع حول التشاؤم والتفاؤل في تونس، وخلصت إلى أن مؤشر التفاؤل كان مرتفعاً بين 70 إلى 86 في المائة، ولكن خلال شهر فبراير/شباط الماضي، تراجعت النسبة إلى 67 في المائة.

بدورها، قالت رئيسة جمعية سند للتنمية الاجتماعية، كريمة شطيبة، لـ"العربي الجديد"، إنّ التونسي يميل إلى السعادة، ويسعى وراء الأشياء التي تسعده، ولكنه يميل أيضاً إلى البحث عن أشياء غير مكلفة، مبينة أنهم عندما ينظمون رحلة بثمن مناسب لفائدة الأسر يكون الإقبال كبيراً.

وأضافت أنهم خصصوا برنامجاً في عين دراهم، شمال غرب تونس، يضم معارض صناعات تقليدية وأنشطة ترفيهية من 18 إلى 27 مارس/آذار، مشيرة إلى تزايد وعي التونسيين وإقبالهم على الأعمال الجماعية التطوعية، فهي لا زالت تخلق شعوراً بالسعادة التي قلما نجدها في بلدان أخرى تدعي السعادة.

اقرأ أيضاً:"مؤشر السعادة" السوري.. يكفي النجاة من الموت