لم يعد أحد محصّناً

لم يعد أحد محصّناً

23 فبراير 2018
دعماً للنساء المعنفات (داميين مايير/ فرانس برس)
+ الخط -
كرّت السبحة. لم يعد أحد محصناً. رؤساء إدارة أو مديرون أو عاملون في شركات سياحية أو خدماتية، وأخرى عاملة في مجال الإنتاج أو الأزياء أو التصوير. يحصل التحرّش الجنسي فيُفضح ويُبلّغ عنه. ونتيجة الفضح والتبليغ، يُفصل أو يُقال أو يُعاقب. وفي أحسن الأحوال، يُحقّق معه. لعلّ آخر التبليغات عن تحرّش واتجار جنسي بالنساء حصل بحق منظّمات دولية خيرية وإغاثية، لا سيما "أوكسفام" ومنظمة "إنقاذ الطفولة".

قد نظن أن تركيز الحديث على الجرائم الجنسية مؤخراً، يعني أن هكذا جرائم مستجدة بحق النساء والفتيات. لكن الواقع الحقيقي هو أنهن لطالما كنّ ضحية لمثل هذه التصرفات، منذ زمن بعيد، وكن يفضلن لاعتبارات عدة. بات كافياً أن تعبّر النساء على الفضاء الإلكتروني عن تعرضهن للتحرش الجنسي، حتى تكرّ السبحة. تحكي امرأة لتتشجّع أخرى وهكذا دواليك. ولعلّ ما قالته الشابة الباكستانية سابيكا عن تعرّضها لتحرّش جنسي، خلال تأدية مناسك الحج، شجّع كثيرات على فضح ما تتعرض له النساء حول العالم، بغض النظر عن المكان والزمان. لم تعد النساء في حاجة إلى دليل دامغ (يصعب تأمينه غالباً)، ولم يعدن يخشين تعرّضهن لمضايقات أو ضغوط.

نذكر هنا كيف انتقل الحديث عن العنف المنزلي من كونه موضوعاً يُحكى في الأروقة وخلف الأبواب، إلى موضوع رأي عام. الفارق أن الوصول لنقل موضوع العنف إلى العلن قد أخذ عشرات السنوات، في حين أن حملات مناهضة التحرّش الجنسي وفضحها في أقل من أربعة أشهر، كانت قد شكّلت أكبر وأقوى شبكة دعم عالمية للنساء.



في خضم كل الحراك العالمي، لم تظهر بعد للعلن قضايا تحرّش جنسي في المؤسسات أو الشركات في المنطقة العربية. هل هو نقص الجرأة لدى النساء في المنطقة، أم أن شبكة الدعم الإلكترونية في حاجة إلى تدعيم؟ في الوقت الذي كسرت فيه بعض النساء حول العالم تابو "الجنس" والتحرّش الجنسي، ما زال الحديث عن التحرّش الجنسي في مجتمعاتنا "تابو" أو من المحرمات. في هذا الإطار، تفضّل النساء السوريات اللاجئات الانتحار على التبليغ عن تعرّضهن للتحرّش الجنسي. هكذا، تبقى النساء ضحية لفعل التحرّش والسياق الثقافي والاجتماعي، فلا يجدن من ينصفهن.

وإلى أن يسير علينا "أثر الدومينو"، تبقى المفارقة أن "أوكسفام" تعمل في مجال مناهضة التحرّش الجنسي والعنف ضد النساء والفتيات، في حين تركز منظمة "إنقاذ الطفولة" جهودها على تكريس حقوق الأطفال وحمايتهم.

(ناشطة نسوية)

المساهمون