قراءات إسرائيلية لمقال العتيبة في "يديعوت أحرونوت"

قراءات إسرائيلية لمقال العتيبة في "يديعوت أحرونوت"

14 يونيو 2020
تصاعد الخطوات التطبيعية للإمارات مع الاحتلال الإسرائيلي (مايكل بروشستين/Getty)
+ الخط -
أبدت وسائل الإعلام الإسرائيلية اهتماما بقراءة مضامين المقال الذي نشره السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الجمعة الماضي.

وفي تحليل أعده معلّقها لشؤون الشرق الأوسط، سيت فرانتسمان، لفتت صحيفة "جيروسلم بوست" إلى أن مقال العتيبة جاء للتحذير من مغبّة إسهام قرار ضم مناطق في الضفة الغربية في تعزيز مكانة كل من تركيا وقطر وإيران، على حساب المحور العربي الآخر الذي يضم مصر والسعودية والإمارات والبحرين.

وأشارت الصحيفة إلى أن العتيبة لفت أنظار القيادة الإسرائيلية إلى ضرورة عدم السماح لكل من تركيا وإيران تحديدا بتحقيق مكاسب عبر تبنّي الخطاب المعارض للضم، مشيرة إلى أن السفير الإماراتي أكد، بشكل غير مباشر، أن قرار الضم سيؤثر سلبا على شبكة التحالفات الإقليمية في المنطقة.

وأبرزت "جيروسلم بوست" أن الهدف الرئيسي لمقال العتيبة يتمثل في تحذيره من أن ضم مناطق الضفة يمكن أن يؤثر سلبا على قدرة كل من إسرائيل والدول الخليجية على الاستفادة من شبكة العلاقة بين الجانبين، مشددا على أنه أراد أن يؤكد أيضا على أن كلا من إسرائيل والدول الخليجية يحتاج كل منها الآخر.

وأوضحت أن العتيبة نصح رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بعدم الإقدام على الضم، على أساس أنه يمكن أن يسهم في إضعاف مكانة إسرائيل الإقليمية التي تعاظمت، ويقود إلى عزلتها. إلى جانب أن المقال يحذّر عمليا من إمكانية أن يقود قرار الضم إلى عودة القضية الفلسطينية إلى الواجهة من جديد، بعد أن تم تهميشها بعد صعود الكثير من التهديدات في المنطقة.

ولاحظ فرانتسمان أن اللغة التي استخدمها العتيبة في مقاله لغة "غير قاسية" جعلت خطابه للقيادة الإسرائيلية يبدو كأنه "تحذير من زميل وليس من خصم". ناهيك عن أن المقال خلا من أية تهديدات، ومن دون تحديد خطوط حمراء لإسرائيل، مع تكريس انطباع بأن الضم لن يخرج نسق العلاقة القائمة بين تل أبيب وأبوظبي عن مسارها الحالي بالكامل.

وأعاد إلى الأذهان حقيقة أن الخطوات التي أقدمت عليها الإمارات تجاه إسرائيل بهدف تطبيع العلاقة معها تمتاز بـ"التدرّج والتصاعد"، مشيرا إلى أن نشر المقال جاء بعد أن حطت طائرتان إماراتيان في مطار بن غوريون. ولفت إلى أن وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، سبق أن نشر تغريدة تضمنت رابط مقال للباحث البريطاني إيد حسين ربط فيه بين إصلاح الخطاب الإسلامي كمقدمة لبناء تحالف بين إسرائيل والعرب.

وحسب فرانتسمان، فإن كلا من السعودية والإمارات توظفان البحرين كبالون اختبار لتحسين فرص التطبيع مع إسرائيل، مشيرا إلى أن التئام مؤتمر المنامة، في يونيو/حزيران الماضي، والذي أعلن فيه عن الشق الاقتصادي من الخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، المعروفة بـ"صفقة القرن"، يندرج في هذا الإطار.

وذكّر فرانتسمان بأن العتيبة كان ضمن السفراء العرب الذين شاركوا في المؤتمر، الذي أعلن فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن "صفقة القرن".

من ناحيته، رجّح تسفي بارئيل، معلّق الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس"، أن يكون مسؤولون أميركيون قد لعبوا دورا في دفع العتيبة إلى نشر المقال في "يديعوت أحرونوت".

ولم يستبعد بارئيل أن يكون نشر مقال العتيبة هو مجرد جزء من الصراع داخل الإدارة الأميركية، لا سيما بين غاريد كوشنر، صهر وكبير مستشاري الرئيس ترامب، الذي يعارض الضم أحادي الجانب، والسفير الأميركي في القدس المحتلة ديفيد فريدمان المتحمس للخطوة.

وأضاف أن نشر مقال العتيبة جاء بهدف مساعدة كوشنر على الضغط على ترامب لكي يحبط مخطط الضم، مشيرا إلى أن نشر المقال يدل على غضب عدد من كبار المسؤولين في البيت الأبيض من مخطط الضم.


لفت إلى أن مقال العتيبة واعتراضه على الضم يأتي بسبب المخاوف من تداعياته السياسية، لا سيما ارتدادات هذه الخطوة على توجهات الرأي العام في العالم العربي، على اعتبار أن تنفيذ المخطط سيحرج أنظمة الحكم العربية أمام شعوبها.

وأكد أن الشعوب العربية ردت بشكل غاضب على مخطط الضم، مشيرا إلى أن هذا الغضب تم التعبير عنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأن الجمهور العربي رد بغضب كبير على مجرد أن يقوم العتيبة بنشر مقاله في صحيفة إسرائيلية.

ولفت بارئيل إلى أن أكثر ما أثار غضب الشعوب العربية من مقال العتيبة حقيقة أنه وصف إسرائيل بـ"الفرصة"، موضحا أن الضم سيحرج الدول العربية، لا سيما الخليجية، على اعتبار أنه ينسف المبادرة العربية للتسوية التي قُدمت في قمة بيروت 2002.

وأضاف أن محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، يعمل بشكل حثيث مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على توفير الفرص لتطبيق "صفقة القرن"، ولا يكتفي فقط بالعمل على تحسين العلاقة مع إسرائيل عبر السماح للمسؤولين الإسرائيليين بزيارة أبوظبي، ومنح الإذن للطائرات الإماراتية بالتوجه لإسرائيل.

وحسب بارئيل، فإن سعي إسرائيل لتصوير الموافقة العربية على "صفقة القرن" على أنها دعم عربي لمخطط الضم، لا يهدد فقط العلاقة مع العالم العربي، بل سيؤثر سلبا على مكانة الولايات المتحدة في المنطقة.

المساهمون