ضبط البرامج الدينية

ضبط البرامج الدينية

12 أكتوبر 2014
+ الخط -
كتبت قبل سنوات أن البرامج الدينية في المحطات التلفزيونية العربية بحاجة إلى صياغة جديدة تخرجها من خانة الأمر والنهي. واستذكرت البرامج التي بدأت في المحطات الأرضية مع انطلاقة التلفزيون منتصف القرن الماضي، واتسمت بخطاب سمح والكلمة الطيبة.
لكن هذه البرامج نحت شيئاً فشيئاً باتجاه الحدّة، حتى وصلت إلى أسوأ مراحلها مع انتشار الفضائيات وانطلاق خطاب يتحدث عن الدين وكأنه يناقش قانون الجزاء والعقوبات، لا الجوانب الأخلاقية والمسلكية والعلاقة مع الآخر من منطلق المواطنة في المجتمعات العصرية الحديثة. وتمدّد هذا الخطاب برعاية الأقمار الصناعية إلى قنوات خاصة بالطوائف، بعدما خرج البرنامج الديني من رعاية القنوات التلفزيونية العامة، وبات خطاب التعصب والكراهية هو ما يعرّف القناة الدينية الآن.
للمؤسسات الإعلامية المرئية دور في صعود نجم هذه القنوات، فقد تجاهلت الخطاب الديني الذي يواكب العصر مثلما تجاهلت الخطاب الثقافي، وأصرّ بعضها على تحويل البرنامج الديني إلى مركز للفتوى، واعتماد المشاهدين في حل أمور حياتهم على ضيف البرنامج، بدل إعمالهم العقل في شؤونهم الفردية. وغابت قضايا أخلاقية كثيرة عن هذه البرامج، مثل الفساد ولا مشروعية الرشى لدى الموظفين والمسؤولين، وتركز مفهوم الحلال والحرام في اللحوم وودائع البنوك، وكأن هذه البرامج كانت تجامل السلطة بهذا التجاهل.
جاء الربيع العربي ولم يتغير خطاب البرامج الدينية، بل ترك لمواقع التواصل من "واتس آب" وغيرها لتمرر خطاب الخرافة الذي يدّعي على الإسلام ما ليس فيه، وسادت فوضى الفتاوى والمعلومات الدينية المغلوطة.
لقد آن الأوان أن تتحمل القنوات الرصينة مسؤولية البرامج الدينية مرة أخرى، برؤية جديدة تربط الدين بالعصر ولا تتركه على بعد قرون منه.

المساهمون