حقوق الإنسان وكذبة الاعتراف بدولة فلسطين

حقوق الإنسان وكذبة الاعتراف بدولة فلسطين

03 ديسمبر 2014
+ الخط -

في العاشر من ديسمبر/كانون الأول من عام 1948، تم الإعلان عن الوثيقة الدولية لحقوق الإنسان. وفي 14 مايو/أيار من العام نفسه، تم الإعلان عن قيام دولة إسرائيل، وذلك قبل 8 ساعات من إنهاء بريطانيا لانتدابها على فلسطين، التي اعتبرت أرضاً بلا شعب، تم منحها لشعب بلا أرض!

هنا، نسأل ما جدوى وقيمة الإعلان العالمي لحقوق الانسان، إن لم تلتفت إلى ظلم الذي وقع على فلسطين أرضا شعباً من إسرائيل والقوى العظمى الداعمة لها.

أيعقل أن تمنح حقاً وتقرأه، وفي عين الوقت، تمنع حقا وتنكره. أيعقل أن تتصدر المبادئ السامية ديباجة ومواد هذا الإعلان بشكل نظري، وتنقلب وتتبدل عملياً، في حال تعارضت الحقوق المعترف بها، مع مصالح الدول العظمى.

لننظر إلى ديباجية ما سمي إعلانا لحقوق الإنسان، التي تبدأ: "لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم".

ليس هذا فحسب، بل إن المادة الأولى من الإعلان اعترفت بحقوق الإنسان وحريته، ومنعت استعباده، أو حتى استغلاله، إذ قالت: "يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء". المادة هذه تأثرت كثيرا بقول الصحابي الجليل عمر بن الخطاب الذي قال: متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً". لكنها تغاضت عن أفعال الدول الاستعمارية آنذاك، والتي كانت تحتل دولًا مثل الجزائر وترفض الاعتراف بوجودها.

صحيح أن ديباجية ومواد الإعلان ذو سبك راق، كنص أدبي متعوب عليه، معانيه نبيلة وسامية، تؤكد أهمية الحقوق نظرياً، لكنها عملياً تقول عكس ذلك، فحقوق الإنسان نسبية، تختلف من دولة إلى أخرى، بل أن الكثير من الدول سٌلبت حقوقها، عندما اصطدمت بمصالح الدول العظمى التي دعمت سيطرة بعض الأنظمة التابعة لها، وأكدت حقها في حصار شعوبها، بما يخدم مصلحتها، ومصالح تلك الدول.

أليست هذه إحدى الأكاذيب الدولية الكبرى التي أسست للظلم والتزوير والكيل بمكيالين، أحقا يمكن اعتبار حقوق الإنسان، أينما وجد، واحدة لا اختلاف ولا تمايز بينها. أليست حقوق الإنسان الصومالي أو التنزاني مثلاً تختلف عن حقوق البريطاني أو الفرنسي، كما أن العدالة والسلام اللذين يعيشهما الإسباني أو الإيطالي، تختلف اختلافاً جذرياً عن العدالة والسلام اللتين يعيشهما السعودي، أو المصري، هل حق الفلسطيني في الوجود كما حق الإسرائيلي؟

السؤال الذي يطرح نفسه، آن للشعوب وحكوماتها أن تعترف بهذه الحقوق وموادها، وهي بالأصل واقعة تحت نير الاستعمار، بكافة صورة، ولا تملك إرادتها.

أين هي حقوق الإنسان، إذن، التي أنكرت على الفلسطيني حقه في الوجود، بعدما سلبته كامل حقوقه، لا بل أسست ومنحت إسرائيل الضوء الأخضر وشرعت لها الوسائل التي تبيح لها القتل والتهجير والحصار للشعب الفلسطيني الأعزال، دفاعاً عن نفسها، كحق مشروع لضمان استمرارها، أي إسرائيل، دون أن يتأذى الضمير الإنساني؟

إلى اليوم، تقبع فلسطين تحت سطوة وسيطرة دولة الاحتلال الإسرائيلي، إلى اليوم، يقف العالم متفرجاً، غير مكترث بمفاعيل آلة القتل الإسرائيلي، ومشاريعها التوسعية. إلى اليوم ما زال الفلسطيني غير معترف به كإنسان، يستحق الحياة، إلى اليوم يقُتل الحلم الفلسطيني باستعادة دولته، لا من قبل الغرب الديمقراطي فقط، بل حتى من أقرب الناس اليه!

لا شك أن الاعتراف بقيام دولة فلسطين، ضرورة مهمة جداً، لدى السيد محمود عباس الذي يراها وسيلة لاستعادة شعبيته، دولة تستمد قوتها من مساندتها لعصابات دايتون المبنية على سياسات التنسيق الأمني سيئة الصيت!

avata
avata
خالد عياصرة (الأردن)
خالد عياصرة (الأردن)