المهن الموسمية ملاذ الجزائريين في رمضان

11 مايو 2020
الحكومة وسّعت بعض الأنشطة في الأسواق (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
لجأ العديد من العائلات الجزائرية، إلى المهن الموسمية لمواجهة فيروس كورونا وتداعياته على مداخيلها.

وأقبلت ربات البيوت على تحضير وصفات العجائن والحلويات المعروفة في الجزائر خلال شهر رمضان، قبل تسويقها على طاولات أمام المنازل خلال الفترات القانونية المرافقة للحجر الصحي.

وسيطر بيع أوراق "الديول" (عجين رقيق) والخبز المنزلي والحلويات والحشائش على نشاط العائلات محدودة الدخل، بالنظر إلى كثرة الطلب عليها لقلة العرض بسبب الإغلاق العام.

ويقول "مهدي" وهو طفل في الحادية عشرة من العمر لـ "العربي الجديد " إن توقف والده عن العمل أثر على مدخول العائلة ما استدعى تحمل والدته بعض الأعباء المنزلية مستعينة بما وفرته طيلة الأشهر السابقة لاقتناء مستلزمات تحضير أوراق الديول.

ويضيف: "أجوب الأحياء على الدراجة لأبيع ما تحضره والدتي بشكل يومي ونوفر بذلك مصاريف المنزل، فمدخول والدي اليومي قد توقف بسبب الشلل الذي أصاب قطاع البناء".

مهدي ليس الطفل الوحيد الذي يساعد والديه في توفير بعض المال خلال الشهر الفضيل الذي كان استثنائيا هذا العام، فعلى طول الطريق السريع الرابط بين ولاية البليدة والجزائر العاصمة، صناديق منصوبة يقف أمامها أطفال لبيع ما جادت به أيادي الأمهات.



مريم طفلة في الرابعة عشرة ترتدي كمامات وقفازات وتقف بعيدا عن صندوق تعرض فيه الخبز، وتقول إن والدها لم يعد يعمل منذ بداية الحجر الصحي. فهو من بين العمال الذين تقرر إلزامهم بترك وظائفهم إلى أجل غير معلوم، ما اضطر الوالدة للتكفل بتحضير الخبز بشكل يومي واستغلال المدخول في اقتناء ما يلزم من حاجات "كنّا قد اقتنينا لوازم شهر رمضان على مدار شهر شعبان ونوفر بعضا مما أبيع لشراء ما نحتاجه من مستلزمات إضافية" تقول مريم لـ "العربي الجديد".

أما "عمي محمد" وهو كهل في الستينات، فقد وجد في بيع الأعشاب من نعناع وبقدونس، حرفة لكسب بعض المال، يشتري الحشائش من سوق الجملة ويبيعها في أسواق التجزئة.

ويقول لـ "العربي الجديد": "أوفر مدخولا فيه بركة ما دمنا على قيد الحياة ولم نصب بالفيروس" هذا ما يؤمن به عمي محمد الذي لا يهمه ما يتقاضاه بقدر استمرار الحياة.

ويعتمد الجزائريون على أربعة إلى خمسة أنواع من الحلويات الخاصة بالشهر الفضيل بين "صامصة" و"قطايف" و"قلب اللوز" و"زلابية"، وصفات تحضر بشكل يومي وتباع في المخابز أو على طاولات أمام المنازل وقارعة الطريق.

عز الدين شاب من بئر توتة بالعاصمة في العشرينات من العمر عامل يومي يعيل والدته وشقيقته، توقف مدخوله اليومي بغلق المقهى الذي يشتغل به بسبب فيروس كورونا، يعرض ما لذ وطاب من حلويات والدته على طاولة أمام المنزل.

ويقول لـ "العربي الجديد " إنه يبيع بعضا منها لأقرب مخبز لضيق وقت عرضها بسبب توقيت الحجر الصحي، ولأن هامش الربح قليل، يضطر أيضاً للذهاب إلى بيوت الجيران والزبائن الذين تعود على بيعهم في السنوات السابقة.

واختارت ربات عائلات أخرى عرض منتجاتها عبر صفحات فيسبوك حيث تتلقى الطلبات ويتكفل الأزواج بخدمات التوصيل.

السيدة فايزة توارثت صنع الزلابية عن أجدادها تساعد زوجها في التحضير والترويج. تقول لـ"العربي الجديد " إنها لم تعد تستطيع بيع ما تحضره بشكل يومي، بسبب الحجر المفروض على مدينة بوفاريك ذائعة الصيت بصناعة الزلابية. "لذلك اهتدينا الى البيع عبر الإنترنت حيث أتلقى طلبيات نتكفل بتحضيرها قبل توصيلها الى المنازل مقابل دفع مبلغ بسيط كلفة التوصيل"، وفق السيدة فايزة.

الكيلوغرام بمائتي دينار ومبلغ التوصيل 50 ديناراً، وبالتالي المبلغ ليس كبيراً، هي فكرة سنواصل العمل بها الأعوام المقبلة لأنها تغنينا عن رمي ما يتبقى من منتجات تعودنا على التخلي عنها في حال لم يتم شراؤها في يومها".

وذكر اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين أنه تقدم بطلب للحكومة قصد حث الولاة على منح رخص استثنائية لأصحاب الحرف وصانعي الحلويات والباعة الموسميين، لممارسة النشاط المؤقت خلال الشهر الفضيل وتمكين عشرات العائلات من كسب قوت يومهم بأنفسهم دون الحاجة لمساعدات السلطات.

وأعلنت الحكومة الأسبوع الماضي عن توسيع نشاط بعض المحلات التجارية ضمنها محلات صنع الحلويات والحلويات التقليدية، وهو ما لقي استحسان الباعة، غير أن ظروف البيع والتوقيت الضيق لفترات العرض أدى إلى تزاحم الزبائن في طوابير أمام المحال، ما سبب مخاوف من موجة جديدة لوباء كورونا.

المساهمون