المغرب بعد بنكيران

المغرب بعد بنكيران

29 أكتوبر 2017
+ الخط -
غادر رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، منصبه هذا، وطويت صفحته بحلوها ومُرها، وإن كان مرها أكثر، لكن، هل بعد هذا الرحيل أو لنقل بعد الإقصاء، أصبحت كل أمور المغرب على ما يرام؟ ما هي تداعيات إسقاط بنكيران من رئاسة الحكومة على الشعب، وعلى بعض الأحزاب المغربية، وعلى المشهد السياسي بصفة عامة؟
يلاحظ المتتبع للأحداث السياسية في المغرب أن أحداثا كثيرة وقعت، بعد إبعاد بنكيران من رئاسة الحكومة، لا يمكن إغفالها، بل وتعتبر إشارات دالة على تفسير ما يدور في الساحة السياسية في المغرب.
أولا، تمّ تسليم رئاسة الحكومة لسعد الدين العثماني، وهو سياسي مخضرم، ومخطئ من يقول أنه أقل شراسة من عبد الإله بنكيران، فالرجلان من مرجعية واحدة وحزب واحد وماض مشترك واحد، لكن الظرفية الحالية تفرض على العثماني الركون والمهادنة. وهنا تجدر الإشارة أن هذه السياسة هي سياسة حزب بأكمله، أي عدم الاصطدام بالدوائر العليا، بمعنى أنه حتى ولو ظل بنكيران كبير صقور حزب العدالة والتنمية رئيسا للحكومة، فإنه سيتصرف مثل العثماني، لكن الفرق بينهما أن العثماني فرض عليه الصمت وبنكيران كثير الكلام.
ثانيا، بعد إبعاد بنكيران سقطت وجوه سياسية لم تكن لتظهر على الساحة، لولا رئيس الحكومة السابق، فبعد هبوب رياح 20 فبراير وصعود حزب العدالة والتنمية، أصبحت لهذا الحزب قوة كبيرة، لم يكن لأحد القدرة على الوقوف أمامها، خصوصا وأنّ في مقدمتها شخص مثل بنكيران، يمتلك كاريزما كبيرة و قوة خطابية لا يضاهيه فيها أحد، خصوصا وأن الرجل من خلفية دينية، ومن حركة خبرت فن الخطابة والإلقاء وإقناع المتلقي. أمام هذا الزحف الكبير للحزب الإسلامي، كان ولابد لأهل العقد والحل أن يفكروا في طريقة لكبح جماح هذا المارد، خصوصا وأنّ تلك الفترة لم تكن لتسمح بممارسة القوة بشكل ظاهر.
وهنا، يجب الاعتراف بأن ما يسمّى المخزن وحزب العدالة والتنمية جنّبا المغرب الدخول في متاهة كبيرة لحرص الطرفين على عدم الاصطدام بشكل مباشر، وتم اللجوء إلى طرق بديلة، منها استقدام أشخاص ذوي مواصفات معينة، ووضعها في رئاسة أحزاب مغربية للحد من الظاهرة البنكيرانية التي لم يكن لأحد القدرة على إيقافها، لذا فكر أصحاب القرار بكبحها على عدة واجهات وعرقلتها في انتظار الفرصة المناسبة للتخلص منها.
إنّ صعود نجم عدة أشخاص وتربعهم على رأس أحزاب مغربية معروفة، كان الفضل فيه لعبد الإله بنكيران، وكذلك كان إبعاد هذا الأخير سببا في أفول نجمهم.
لم تتحسن حالة المغرب، بعد رحيل أمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي، فالأوضاع تتأزم أكثر، وبقعة الاحتجاجات تتزايد، لكن كل ما في الأمر أنّه مع رحيله رحلت زعامات مصطنعة، وأخرى في الطريق تتحسس رأسها، والأوضاع تتطلب زلزالا سياسيا كما قال ملك البلاد، ولربما بعدها تتغير الأحوال، وفي انتظار التغيير المنشود، خصوصا بعد خطب الملك محمد السادس الذي انتقد فيها الأوضاع السياسية والسياسيين في المغرب بشكل مباشر، إذ لا زال الجميع يتنظر هل سيكون حال المغرب أفضل، بعد رحيل بنكيران، ودخول حزبه إلى بيت الطاعة.
2D490069-E953-4BA4-A066-85F79C569506
2D490069-E953-4BA4-A066-85F79C569506
يونس كحال (المغرب)
يونس كحال (المغرب)