المعلم العربي.. إليك الوصايا السبع

المعلم العربي.. إليك الوصايا السبع

06 سبتمبر 2015
دعوة للمعلم لمراجعة الحقوق والواجبات "المهنية" (Getty)
+ الخط -
كما كل عام، يُستهل العام الدراسي الحالي بأجواء عاصفة تشعلها مساعي بعض فئات المعلمين نحو إثارة المشهد التعليمي بالإعلان عن انتواءهم تنظيم وقفات احتجاجية لاستعادة ما طالما وصفوه بـ"حقوقهم المسلوبة" أو لمقايضة كل من تسول له نفسه توقيع الملامه عليهم أو سؤالهم المراجعه.

عموماً لا ينتهي حديث المعلمين عن الكرامة المهدرة والازدراء والتهميش، لا يلزمك أن تكون بينهم لتراعي ذلك، يكفيك أن تعبر في جولة قصيرة بين صفحات المعلمين على فيس بوك، فيها تشم شياطاً تحس غلياناً تلمح انكساراً مكابراً في كل التعليقات والمشاركات.
بيد أنه مهما زاد كسب المعلم من الدروس الخصوصية يبقى ارتفاع يد تلميذه على يده غصة يتنساها المعلمون ولكنهم أبداً لا ينسوها.

الاستعداد للمدرسة
المؤسف في ذلك هو انحسار كل مطالب المعلمين واقتصارها على التسويات المالية، أبداً لم يرفعوا لافتات تندد بكثافات الفصول أو بتهالك المباني أو بتزايد حاجتهم لدورات تدريبية تمكنهم من مواكبة تطور المناهج أو غير ذلك من المشكلات التي تواجههم وتعيق عملهم، بل قلما يعتني -أكثرهم- حتى بمناقشة القوانين التي تخص العملية التعليمية، فرغم فورة التصريحات التي ما تبرح تجتاحنا مؤخراً عن تطوير التعليم، يردد المتابع منهم "اربط الحمار مطرح ما يشاور صاحبه" ربما يعزز ذلك مشاعرهم تلك وإن بصورة غير واعية. 

تفسد تلك الأجواء غالباً سبل الاستعداد المهني للعام الدراسي، ورغم التجاهل تبقى فنيات الاستعداد للعام الدراسي مطلب هام وضرورة قصوى لنفض اليأس وشحذ الهمم واستعادة الثقة بالنفس، ربما هى مبحث المعلمين المستجدين وكذلك القدامي الواعيين بضرورة العمل على تطوير ذواتهم كضرورة لا تقل عن تحصيل مكتسبات مالية بل ربما هى شرط لها.
وفيما يلي خلاصة خبرات حكاها معلمون وأثراها خبراء ومهتمون لحقائق يجب التنويه عنها والتذكير بها في مستهل كل عام دراسي جديد.  

أولا: إدارة الصف لا تساوي إخراس التلاميذ
التمكن من إدارة الصف وقيادة التلاميذ بسلاسة هو أحد أهم التحديات التي تشغل كل المعلمين، وهى موضع التباهي والخذلان بينهم، إذ يفخر البعض أنه يرمي الإبره فيسمع صداها! ويخجل آخر من تعسره في فعل ذلك، صحيح .. إنها قد تتحقق بصورة فطرية لدى البعض إلا إنها كذلك تكتسب بالوعى والمران والإصرار. المهم هو الانتباه لأنه كثيراً ما يعطل بلوغها وضعها كمرادف للقدرة على إخراس التلاميذ.

فالهدوء التام للتلاميذ ليس معيار لنجاح المعلم ولا دليل على حسن إدارته للفصل، إنما هو مرادف لرهبة التلاميذ ربما من رد فعل المعلم العصبي أو العنيف، لذلك فلا داعِ لتوتر المعلم من ارتفاع صوت التلاميذ في بعض أوقات الدرس خاصة مع ارتفاع الكثافات، إذ قد يكون ذلك دلالة على تفاعل التلاميذ وتجاوبهم معه، أو وسيلتهم لتسريب بعض الطاقة في ظل الأجواء التعليمية الجامدة، إنما عليه فقط أن يُحدد إشارة خاصة ينبه تلاميذه لأن يفهموا منها أنه سيعاود الحديث وأن عليهم التزام الصمت، كل ما سيأتي لاحقاً يدعم المعلم كذلك في تطوير مهاراته الإدارية والقيادية. 

ثانيا: توظيف المعرفة
التمكن من المادة العلمية هو مفتاح المعلم للشعور بالثبات أمام تلاميذه، وهو ما ينعكس حتماً على رؤية التلاميذ لمعلمهم، ولكن في ذلك ينبغي الانتباه لعدة أمور، الأول: هو عدم اقحام كل ما يقرأه المعلم للإلقاء على مسامع التلاميذ وإن بغير موضع فقط للتباهي وإثبات الذات، والثاني هو الوعى بأن المادة العلمية هى بالأصل أداة المعلم لتحقيق أهدافه وليست هدفاً بحد ذاتها، لذلك عليه -ما استطاع- أن يتصيد المعلومات التي يمكن استغلالها في مخاطبة الوجدان أو استفزاز مهارات التلاميذ "النقدية أو الحسابية أو اليدوية... إلخ".


اقرأ أيضا:استعد لدخول المدرسة مع د.بتول خليفة

كذلك عليه أن يُولي مزيداً من الاهتمام للمعلومات المرتبطة بالحياة أو التي تشغل الرأى العام ليقلل الفجوة المهولة بين المدرسة والحياة، لذلك ينصح بالإشارة مثلاً إلى أن الجريدة كذا نشرت عن هذا الموضوع منذ فترة أو أن ذلك المضمون كان موضوع حلقة ما في أحد البرامج.. وهكذا.

 ثالثا:فضل السؤال وفضل "لا أعرف"
من أكثر ما يقدح في مهنية المعلم أن يرفض الاستماع لأسئلة تلاميذه أو أن يقابلها بالتهكم والسخرية كي لا يعاود التلميذ السؤال مجدداً، والعلة خشيته من قول "لا أعرف" باعتبارها تمثل تهديداً لمكانته لدى تلاميذه، إنما الحقيقة التي لا تعرف الاستثناء إنه لا أحد يحيط بكل شئ علماً. وهى رسالة يجب أن يبلغها المعلم لتلاميذه وتلك هى فرصتها، لذلك عليه أن يدعو السائل ونفسه بكل ثقة للبحث عن المسألة والوقوف على النتيجة.


بل يتعين على المعلم أن يحفز تلاميذه على السؤال وأن يشجعهم عليه، وإن لم يصل لإجابة فالسؤال بحد ذاته جزء من عملية تعلم ناجحة فهو ناتج تفاعل السائل مع المادة، والاستماع للسؤال والإيمان به يبني ثقة التلميذ بنفسه وبقدرته على القراءة المنطقية للمادة، بل قد يبقى عدم العثور على الإجابه حافزاً للبحث والاكتشاف، حتى يتوصل المعلم للإجابة ولو بعد حين فتبقى خبرة يحكيها لتلاميذه الجدد ليعلمهم بها مزيداً من الدروس والعبر.

رابعا: وضع قواعد منظمة
يؤكد الخبراء أن من أكثر ما يساعد المعلم على ضبط الفصل وحسن إدارته هو مشاورة التلاميذ في إرساء قواعد تحدد الواجبات والحقوق لكل من المعلم والتلاميذ، وأن تكتب في لافته وتوضع في مكان واضح بالفصل، وفي ذلك يُنصح بأن يجتمع معلمي كل فصل لمناقشة واقتراح القواعد المناسبة، إذ من المهم أن يُتفادى أن يكون لكل معلم قواعده الخاصة، لأن ذلك يشتت التلاميذ ويدفعهم لتفضيل نظام والضجر بآخر،  مما يبعث على ضرورة تبادل الخبرات بين المعلمين وهى الفريضة الغائبة التي أجهضتها صراعات المعلمين وتنافسهم الشرس على استقطاب التلاميذ بينهم في الدروس الخصوصية.

خامسا: فن الثواب والعقاب
على المعلم أن يذكر نفسه دوماً بأهمية الثواب والعقاب وأنهما يعدان من أهم المحددات السلوكية للإنسان بشكل عام وليس للتلاميذ فحسب، لكن الأهم أن يفطن لفن الثواب والعقاب، فقد تفقد الإثابة تأثيرها في النفس كما قد يفعل العقاب.


"درجات أعمال السنة" هى أشهر وربما أهم أدوات المعلمين لإثابة وعقاب التلاميذ، إلا أن البعض يشكو أنها غير كافية وأن بعض التلاميذ لا يبالون بها، ولعل ذلك ينبع في الأساس من فرط التهديد بها والتعويل عليها وحدها وغياب البدائل، لذلك ينبغي على المعلم أن يعزها فلا يلجأ للحديث عنها إلا كآخر الخطوات وأن يُعول تدريجياً على وسائل أخرى بديلة، كذلك عليه الحذر من أن يبدو عليه أنه يبيت النية للعقاب بل يهتم بإبداء أنه لا يحب ذلك  بل يضطر إليه آسفاً.

سادسا:استغلال وسائل التكنولوجيا (إن وجدت)
يعاني المعلمون عامة مما يعرف بالحصص الاحتياطية وهى تلك التي ينوب فيها معلم عن زميله الغائب، ومنشأ المعاناة أن المعلم يقف فيها صامتاً ويطالب التلاميذ كذلك بالصمت أو الحديث بهدوء، يستمر الهدوء لثوان ثم يرتفع الصوت وتعم الفوضى فيصرخ فيهم مجدداً ليهدأوا وهكذا حتى ينتهي زمن الحصة.


لذلك يلزم التنويه أن التكنولوجيا الحديثة قد توفر بديلاً لذلك، ليس مطلوباً أكثر من الهاتف المحمول، يمكن للمعلم أن يحفظ عليه مادة تعينه على تمضية تلك الأوقات، على سبيل المثال، حفظ بعض الأغاني الإنجليزية ليستخدمها معلم اللغة الإنجليزية لتعريف التلاميذ بطريقة النطق السليمة والانتباه لتركيب الجمل وبعض المفردات الجديدة، كذلك يفعل معلم اللغة العربية بتشغيل قصيدة مؤثرة وملقاة بإحساس، كذلك يمكن عرض بعض الأفلام القصيرة الصامتة والاستماع لتعليقات التلاميذ ورؤاهم حول المادة المعروضة.

سابعا:الابتعاد عن النشاط الصوري
تكليف التلاميذ بإجراء بعض الأبحاث هو أحد الأنشطة التعليمية الثابتة، وغالباً ما يلجأ التلاميذ لطريقة (نسخ/لصق) لإنجاز الأبحاث، كذلك فإن المعلمون يوقعون الدرجات بموجب استلام ورقات البحث التي تلقى مصيرها بالنهاية غالباً في "سلة المهملات"، بدلاً من ذلك يجب على المعلم أن يستعد للبحث في موضوع واحد على الأقل، ثم يكلف التلاميذ بالعمل نفسه ويخصص حصة لمناقشة البحث ثم تكون الدرجة على إجراء البحث والمشاركة في مناقشته.


اقرأ أيضا:20 نصيحة لتعد إبنك لعام دراسي جديد

المساهمون