الصومال: حراك أميركي لرأب صدع الخلافات بشأن "اتفاقية طوسمريب"

الصومال: حراك أميركي لرأب صدع الخلافات بشأن "اتفاقية طوسمريب"

05 سبتمبر 2020
يجري الحديث عن عدم نية فرماجو تكليف رئيس حكومة جديدة (ياسويوشي تشيبا/فرانس برس)
+ الخط -

تستمر الجهود الدولية والإقليمية في مقديشو لرأب الصدع بين الرئاسة الصومالية من جهة ورئيسي ولايتي بونتلاند وجوبالاند، بعد اعتراضهما على الاتفاقية التي وُقّعت في مدينة طوسمريب منتصف شهر أغسطس/ آب الماضي، حيث يجري السفير الأميركي دونالد يموماتو جهوداً حثيثة ولقاءات موسعة مع قيادات سياسية ورؤساء الولايات الفيدرالية والرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو، لإنهاء الخلافات واحتواء التوترات، ودفع البلاد نحو تنظيم انتخابات رئاسية ونيابية، حفاظاً على مسار التداول السلمي للسلطة في الصومال.

ونصّت الاتفاقية التي تم التوصل إليها أواخر شهر أغسطس/آب، والمكونة من 17 بنداً، على أن تكون انتخابات 2020/2021 بنظام التجمعات الانتخابية، وأن يكون المجمع الانتخابي لكلّ مقعد 301 ناخب، وهو ما يكون معدلاً عن النظام الانتخابي الذي اعتمدت عليه البلاد عام 2016، والذي كان خلاله يصوّت 51 ناخباً لكلّ مقعد، هذا إلى جانب تخصيص كلّ ولاية فيدرالية نحو أربع دوائر انتخابية، لتوسيع رقعة المشاركين في الانتخابات.

وفي لقاء جمع بين السفير الأميركي لدى الصومال في الثاني من سبتمبر/ أيلول ورئيسي ولايتي بونتلاند سعيد دني وجوبالاند أحمد مدوبي، جرى النقاش حول استكمال اتفاقية مدينة طوسمريب التي انتهت بإجراء نظام التجمعات الانتخابية في البلاد، والتنازل لمصلحة البلاد، وعدم التفريط بمنجزات الاستقرار السياسي والأمني الذي تحقق في الصومال في الفترة الأخيرة.

يقول نواب في مجلس الشيوخ الصومالي إن من أسباب معارضة رؤساء بونتلاند وجوبالاند لمؤتمر طوسمريب عدم توفر حكومة صومالية

وقالت السفارة الأميركية في مقديشو قبل أيام عبر حسابها على "تويتر"، إن السفير الأميركي التقى برئيس ولاية بونتلاند سعيد عبدالله دني، وتحدثا عن سبل استكمال اتفاقية طوسمريب، وشددا على أن الصومال يحتاج إلى تسويات وتوافق سياسي، وأن المرحلة الحالية تحتم الحكمة من القادة الصوماليين.

كما أجرى السفير الأميركي لقاءً مع الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود، رئيس "حزب الاتحاد من أجل السلام والتنمية" في الثالث من سبتمبر/أيلول، لإقناع منتدى الأحزاب السياسية المعارض بالتنازل بشأن استكمال ما تبقى من بنود اتفاقية طوسمريب، لإجراء الانتخابات المرتقبة.

وقد أبدى منتدى الأحزاب السياسي المعارض ترحيبه باتفاق طوسمريب، لكنه طالب بإشراك قيادات المعارضة السياسية ورؤساء الولايات الفيدرالية (بونتلاند وجوبالاند)، وتعديل بعض البنود، على أن تتضمن الاتفاقية مطالب المعارضة المتمثلة في الأحزاب ورؤساء الفيدراليات التي لم تشارك في هذا المؤتمر .

وبحسب نواب في مجلس الشيوخ الصومالي، فإن من أسباب معارضة رؤساء بونتلاند وجوبالاند لمؤتمر طوسمريب، عدم توفر حكومة صومالية وذلك بعد عزل رئيس الحكومة حسن علي خيري أواخر يونيو/حزيران الماضي.

وقال النائب في مجلس الشيوخ عبدي عوالي قيبديد يوم الأربعاء الماضي، في جلسة بمجلس الشيوخ، إن غياب رئيس للحكومة الصومالية يقوّض جهود أي وفاق سياسي بين الشركاء السياسيين، مشيراً إلى أن كل اتفاق يُعقد في ظل عدم توفر حكومة صومالية يجعلها كلها مجرد أحاديث جانبية، ولا ترقى لمستوى نظام سياسي بين الحكومة الصومالية والولايات الفيدرالية.

وأوضح قيبديد أن المؤشرات تدل على أن الرئيس الصومالي لا ينوي تكليف رئيس حكومة جديدة في البلاد، لإنهاء الفراغ السياسي الذي تعيش فيه حالياً.

ومن المرتقب أن يعقد الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو لقاء مع رئيسي بونتلاند وجوبالاند، بشأن التباحث حول المسائل العالقة، لاستكمال بنود طوسمريب، ولم تفلح الجهود المبذولة حالياً حتى الآن لإجراء لقاء رسمي بين تلك الأطراف، بسبب بعض الشروط المطروحة للنقاش لكلّ من رئيسي بونتلاند وجوبالاند.

وقد عارض نواب في البرلمان الصومالي إجراء اجتماعات ولقاءات بين الرئيس الصومالي من جهة ورئيسي بونتلاند وجوبالاند من جهة ثانية، من دون توفر حكومة صومالية جديدة تمثل قبائل الهوية القاطنة في جنوب البلاد.

وقال النائب في البرلمان الصومالي موسي سودي لوسائل إعلام محلية، إن غياب تمثيل قبائل الهوية في البلاد (رئيس الحكومة) في اللقاءات والاجتماعات الحالية، يعكس نوايا الرئاسة الصومالية لدفع البلاد نحو الخراب مجدداً، حسب تعبيره.

ودعا سودي الشركاء السياسيين، إلى ممارسة الضغط على الرئاسة الصومالية لتكليف رئيس حكومة وتشكيل حكومة جديدة، لكي تعمل على إجراءتها واستعداداتها لتنظيم الانتخابات، أو إجرائها إذا لم تتوفر حكومة جديدة قبل حلول عام 2021.

من جهتها، حذرت منظمات المجتمع المدني في الصومال من حدوث فراغ سياسي في البلاد، وأعرب مسؤولوها عن مخاوف من تمديد فترة الرئاسة الصومالية الحالية من خلال تعطيل العمل بالدستور الصومالي، وعدم تأليف حكومة جديدة، بعد تأخر تكليف رئيسها من قبل الرئيس الصومالي.

ويقول الرئيس السابق لمنظمات المجتمع المدني ديني حاج ديني في تصريحات صحافية، إن تنظيم انتخابات رئاسية ونيابية في فترة قصيرة أمرٌ مستحيل، وإن السعي لانتخابات مباشرة غير ممكنة يُراد منه تمديد فترة المجلسين التشريعي والتنفيذي، والالتفاف على مطالب المعارضة السياسية في البلاد.

وقد حذرت أيضاً بعثات دبلوماسية مقرها في مقديشو، من مغبة تمديد فترة الرئاسة الصومالية من دون تفاهمات أو اتفاقيات مع الشركاء السياسيين، تفادياً لوقوع شرخ عميق في الأزمة السياسية وجرّ البلاد إلى الفوضى الأمنية والسياسية.

يذكر أن الصومال شهد في العقد الأخير انتخابات غير مباشرة، ورثت البلاد استقرارا سياسياً وتداولاً سلمياً للسلطة وذلك منذ انتخابات عام 2012، لكن وبحسب خبراء، فإن التلكؤ في تنظيم انتخابات رئاسية مباشرة أو غيرها، ينال من أرصدة الصومال السياسية، ويعرّض استقراره الداخلي للانهيار، فضلاً عن توسع أطماع خارجية نحو الهيمنة على البلاد، من خلال تحالفات دولية وإقليمية وخليجية، وخصوصاً بعد الانفتاح الذي شهده القرن الأفريقي عام 2018، والأزمة الخليجية التي اندلعت عام 2017 .