الصحافة الفرنسية تفضح صمت الغرب عن مأساة حلب

الصحافة الفرنسية تفضح صمت الغرب عن مأساة حلب

19 فبراير 2016
القصف الروسي على حلب (الأناضول)
+ الخط -
في افتتاحية مجلة "بوليتيس" لهذا الأسبوع، يتحدث مدير المجلة دونيس سييفير بشكل صريح عن "اتفاق روسي أميركي غير مُصرح به"، بخصوص الوضع في سورية، على حساب السوري وثورته. متسائلاً: "هل يوجد طريق ما بين الحرب وبين التخلّي الجبان؟" إذ "بينما ينهمك الطيران الروسي في سحق التمرد، تحت طوفان من القنابل شمال حلب، يدوّي صمتٌ في العواصم الكبرى. ولا يُسمع سوى القلق من تدفق مهاجرين جدد إلى أوروبا".

ويرى سييفير أن لا جواب في مواجهة سلطة موسكو ودمشق "اللتين لا يوجد لديهما أي حدّ في ممارسة العنف، إذ هما مستعدتان لاستئصال ساكنات بأكملها من أجل أهدافهما"، سوى الحرب. ولكن هذه لم تعد ممكنة، بعد أن ضاعت فرصة إعلانها سنة 2013 حين "تجاوز بشار الأسد "الخطوط الحمراء" الشهيرة، باستخدامه للسلاح الكيماوي".

ويرى سييفير أن "واشنطن يبدو أنها انضمت إلى موسكو. لأنه يجب وضع حد لهذه الحرب الأهلية، التي لا نهاية لها، ولو عبر سحق التمرد، ومعه السكان المدنيين. المشهد، بالتأكيد، ليس شهيّاً، ولكن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ليسا منخرطين، بشكل مباشر، في المذبحة، وفلاديمير بوتين ينجز الأمر بشكل جيد. بل وتلقى تقرير جون كيري، الذي رأى أن الدبلوماسية الروسية تمتلك "أفكاراً بناءة".

ويتأسف دونيس سييفير لأن الغارات الروسية لم تحرك المجتمع المدني في الغرب: "من دون شكّ لأن الرأي العام الأوروبي ضحية للخلط بين التمرد وداعش. لكن توجد أسباب أخرى لهذا التخاذل. ماذا كان سيقال لو أن القنابل التي تتساقط على حلب كانت أميركية؟ كان سيحدث صراخ، وهو مُبرَّر. اليوم، لا شيء. هل بعض بقايا الحنين ما بعد الستاليني تَكمُنُ وراء بعض التسامح مع بوتين؟ أم أن الأمر يتعلق بمعاداة أميركا، ولكن بالطريق الخطأ. ولكن هذا نقاش آخر".

وغير بعيد عن فكرة خذلان الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي للثورة السورية، ولمدينة حلب، إحدى رموزها، كرست صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية (الثلاثاء 16 فبراير/شباط)، صفحتها الأولى وأربع صفحات الأخرى للشأن السوري، بعنوان مثير "أوروبا والأمم المتحدة يحتضران، أيضاً، في حلب." ويكشف الملف كيف أن النظام السوري وحلفاءه يوشكون أن يسيطروا على حلب، أمام أعين اتحاد أوروبي عاجز وأمام أمم متحدة يحرّكها بشار الأسد.
وفي افتتاحية الصحيفة، التي وقّعها مارك سيمو، نقرأ أن "تفكيك النظام السوري لترسانته الكيماوية، التي استخدم جزءاً منها ضد شعبه، أقنعت بوتين بضعف الأميركيين. ومن حينها لم يتوقف عن دفع بيادقه، في أوكرانيا كما في الشرق الأوسط. العقوبات وكذا انخفاض سعر النفط أضعفا اقتصاد روسيا وليس طموحها. إذ الشهية تأتي مع الأكل".

وتتحدث الصحيفة الفرنسية عن سلبية عمل الأمم المتحدة على الأرض السورية وعن خضوعها لسلطة بشار الأسد، وهي سياسة تتعرض للانتقاد من قبل جميع المنظمات التي تقدم العون للمدنيين. وتنقل الصحيفة عن مراسلها لوك ماثيو، في تركيا، غضباً شديداً من قبل الفاعلين الإنسانيين والناشطين والدبلوماسيين، من سوريين وغربيين، على الأمم المتحدة. ولا يقتصر الأمر، الآن، على مجرد انتقادات أو تأسف، كما كان الأمر في السابق، بل يعبّرون هؤلاء عن "حذر عميق". ويذهب البعض إلى الإعلان صراحة أن "الأمم المتحدة تخدُم نظام الأسد".

وجاءت قضية مدينة مضايا المحاصرة لتزيد من الشكوك حول عمل الأمم المتحدة في الداخل السوري. إذ إن مدير إحدى منظمات المجتمع المدني السورية لم يتوقف منذ أكثر من سنة عن إطلاع مكتب تنسيق القضايا الإنسانية التابع للأمم المتحدة في دمشق بالأمر. "لم يكونوا يردّون علينا في معظم الأحيان، وفي المرات القليلة التي كانوا يردون، كانوا يقولون إنهم طلبوا من السلطات السورية السماح لهم بإرسال المساعدات إلى مضايا، ولكنها رفضت، فلم يجدوا ما يفعلونه". وحتى حين أخبرَت بعض منظمات المجتمع المدني الأممَ المتحدة بإقدام حزب الله اللبناني على الاستيلاء على الأموال التي كانت ترسلها إلى سكان مضايا، لم تتلقّ أي جواب.

وأمام هذا الوضع المعقد الذي تُضاعف فيه روسيا من غاراتها الجوية "بعض المواقع تتعرض، منذ أسبوعين، لخمس غارات كل ساعة، من قبل الطيران الروسي وبراميل الأسد المتفجرة"، وفي الوقت الذي لا يخفي بشار الأسد إرادته في التوسع في كل سورية، يأبى المدافعون عن حلب إلا الاستمرار في المقاومة، ولو أن "الأرض تضيق بهم"، كما تقول الصحيفة.


اقرأ أيضاً: تيسير النجار في اتصال هاتفي بزوجته: وعدت بإفراج قريب

المساهمون