الشباب... قيادات وبيادق بين "داعش" والأحزاب

الشباب... قيادات وبيادق بين "داعش" والأحزاب

04 فبراير 2016
الشباب أدوات تُستغل في السياسة (Getty)
+ الخط -
ثورة الشباب هو الوصف الأكثر ملاءمة لثورات الربيع العربي التي انطلقت من تونس بشباب لم يكن مسيّساً ولا منتمياً لأحزاب سياسيّة في البلاد، ولكنّه شباب عاش القهر والفقر في ظلّ دكتاتوريّة جعلت من الشباب عنواناً لدعايات سمجة تحت عناوين "سنة الحوار مع الشباب"، تلك السنة التي أسقط فيها الشباب نظاماً عمل على تنميط الشباب وقولبته وفق رؤية قائمة على طمس مشاغله الحقيقيّة من شغل وحريّات في قضايا الكرة وحفلات يأتيها من كل صوب لينسى همومه.


الشباب... بيادق لدى الأحزاب
تونس، مصر، ليبيا، المغرب، اليمن وسورية بلدان شهدت تغييرات بفضل شباب لم يركن للحسابات السياسيّة التي تمتّع بها "الشيوخ"، وساهمت بعضها في انتكاسة تلك الثورات، فمصر قام شبابها بثورة ضاعت من يد "شيوخ" علموا فقط أنّهم رأس الحكمة ولهم خبرة في إدارة الشأن العام ولهم رأي لا يشقّ له غبار وليس على الشباب إلاّ أن يفدوا الثورة الضائعة بأجسادهم وأعمارهم فيما يتناسى الكلّ أصل الداء.

أصل الداء أنّ الشباب يعاملون في الأحزاب الكبرى خاصّة وفق منطق "الجماعة فوق عارفين كل حاجة" وطبعاً "الجماعة فوق موش عارفين أي حاجة" فتذهب المبادرات وقت السّعة في بيروقراطيّة قاتلة تحت مسمّيات "المرور عبر المؤسّسات الحزبيّة" تلك المؤسّسات التي لم تعلم من الدولة غير أنّها في أحسن الحالات جهاز للقمع ولم تدرك أنّ الدولة ليست جهازاً معادياً وإنما كان النظام هو العدوّ فيما تبقى الدولة أداة للتطويع والإصلاح و"التثوير" وفق مبادئ جديدة وبآليات جديدة تضمن الحريّات المدنيّة والسياسيّة وترسي منطقاً لا فئويّاً.

طبعاً ليس لهذا المنطق أي مجال للتطبيق في الواقع، فالمواقع أهمّ من إنشاء جيل من الشباب يقوم بالتغيير، انظروا ملتقيات ومؤتمرات المعارضة السورية في الخارج أو تلك التي تنقل على أنها مجالس ثورية في الداخل أين الشباب فيها؟ وما فائدة هذا السؤال وهم مجعولون فقط لكي يُقرّر لهم أين يموتون وبأيّ سلاح وليس لهم الحقّ في أن يعبّروا على موقفهم ممّا يحصل، على الرغم من جهودهم في محاربة نظام دكتاتوري ركّز مجازره على الشباب والنساء والأطفال.

لا يعدو الشباب في هذه البلدان إلا أن يكون بيادق حتى في تلك التجارب الناجحة نسبيّاً، ففي تونس شباب قام بثورة يحكم من رئيس تسعيني منتخب ديمقراطياً، وهذا ما يكعس كذلك عقليّة مجتمع بأكمله، فيما يبقى شباب الأحزاب، إمّا معبّراً عن بيانات أحزابه أو مبرّراً لقراراتها ولا يعطى فرصة للمشاركة في قراراتها أو حتى للوصول إلى مناصب عليا في الدولة كما في بعض البلدان المتقدّمة.

النفور من الأحزاب والشأن العام نتيجة طبيعيّة وردّة فعل مفهومة إزاء ممارسات ترسّخت في بلدان تحتفل بعيد الثورة الخامس فقط ودماء شهدائها لم تجفّ بعد.

الشباب.. قيادي في داعش
هذه ليست دعوة للانضمام لداعش وليست من قبيل التمجيد، ولكنّ أغلب مكوّنات ما يسمّى بتنظيم الدولة الإسلامية من الشباب يقودون ويسمع لهم كما يتباهون بكون خليفتهم البغدادي شاب.

قد يكون لتنظيم الدولة بريقه في أذهان الشباب العربي إذ يبقى إثبات الذات وسط المجتمعات العربية المنكرة للإنسان عموماً، فما بالك بشاب يريد إثبات أنه قادر على تغيير العالم مهما كانت الوسيلة فقد يكون له مستوى علمي جيّد ولا يجد فرصة في إثبات مهاراته ويجد له تنظيم الدولة مكاناً يناسب تلك المهارات فمن صانع لأفلام غزت العالم وأبهرته بالحرفية العالية وجودة صناعة قام عليها شباب من الأكيد أنّه مبدع، ولكن لم يجد من يكتشف تلك المواهب.

شباب يقود في تنظيم إرهابي أرعب العالم وقام بجرائم ضدّ الإنسانيّة فيما يبقى الشباب المثقّف الواعي إمّا بيدقاً أو على حاشية الفعل المجتمعي ليلتحق، في الأخير، بداعش وتستغل مواهبه في قتل وإرهاب السلطة والمجتمع الفضل فيه.

(تونس)

المساهمون