السفير السعودي وعقدة المالكي

السفير السعودي وعقدة المالكي

29 اغسطس 2016
حديث عن دور للمالكي بالحملة ضد السبهان(مروان نعماني/فرانس برس)
+ الخط -
موقف السعودية كان إشكالياً من عراق ما بعد صدام حسين، فالموقف الرسمي كان رافضاً للاحتلال الأميركي في 2003، والسعودية، وطوال فترة عدائها لنظام البعث، بعد 1990، لم تحتضن المعارضة العراقية، أو تدعمها. وقبيل الاحتلال الأميركي، كانت العلاقات العراقية السعودية تسير باتجاه انفراج ما، ونتذكر هنا العناق الشهير، بين ولي العهد السعودي آنذاك، الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، ونائب الرئيس العراقي، عزت الدوري. ارتباك الموقف من عراق صدام، والاحتلال الأميركي، جعل السعودية تغيب، بشكل شبه تام، عن عراق ما بعد 2003. فالاعتراف بالاحتلال، والحكومة التي انبثقت عنه، كانت خطوة صعبة، في ظل مقاطعة أغلبية العراقيين العرب السنّة للعملية السياسية، في الوقت الذي كان يعدّ فيه عدم الاعتراف بنظام بغداد، تخلياً عن العراق لطهران.

حُسم هذا الارتباك أخيراً، مع إعادة السعودية علاقتها الدبلوماسية مع العراق، وتعيين ثامر السبهان، العام الماضي، سفيراً للمملكة في بغداد تحت شعار "عدم ترك العراق فريسة لإيران". هذه الخطوة، التي يراها البعض متأخرة بعدما تغلغلت إيران في كل العراق، يراها آخرون غير مبررة، باعتبار أن هذا البلد "لا يزال" تحت الاحتلال الإيراني، لكنها بكل حال، لم تكن لتمر مرور الكرام.

أصبح السبهان سريعاً عرضة لتهديد المليشيات، وعرضة لانتقادات البرلمانيين العراقيين الموالين لها، ولإيران من ورائها، إلى حد التهديد باغتياله. لكنّ هذا الرفض العراقي (الإيراني) للسبهان، انتقل أخيراً من قاعة البرلمان وخطابات قادة مليشيات الحشد الشعبي، ليكون موقفاً رسميا للحكومة العراقية التي طلبت من السعودية، قبل يومين، استبداله.

وهنا يأتي السؤال سريعاً، لماذا فاض الكيل بالحكومة العراقية وطالبت باستبدال السبهان؟ وهنا تحولت المسألة لأمر شخصي، مع السفير، لا بسبب مواقف السعودية، على الرغم من استحالة الفصل بين الموقفين. السبب الذي جعل بغداد تطالب باستبدال السبهان، هو ذاته الذي تسبب بإقالة وزير الدفاع العراقي، خالد العبيدي، على الرغم من دوره العسكري الرمزي، الإيجابي للحكومة، بإضفاء مسحة "سنيّة" على وجهها الطائفي. فالسبهان، والعبيدي، كانا يهاجمان الفاعل الأهم في الساحة العراقية، حليف إيران والمليشيات، نوري المالكي، والذي لا يتمتع بأي منصب رسمي الآن (بعد إلغاء منصب نائب الرئيس رسمياً على الأقل)، لكنه يملك ما يجعله - ربما - حاكماً فعلياً لبغداد.