البرلمان الإيراني يعزل وزير الاقتصاد في حكومة روحاني

البرلمان الإيراني يعزل ثاني وزير في حكومة روحاني

26 اغسطس 2018
حاول كرباسيان الدفاع عن نفسه أمام البرلمان (آتا كيناري/Getty)
+ الخط -

وافق البرلمان الإيراني، الأحد، على إقالة وزير الاقتصاد مسعود كرباسيان، من منصبه، بعد خضوعه لجلسة مساءلة علنية، عن تدهور الوضع الاقتصادي، وسط عودة العقوبات الأميركية بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، ليصبح ثاني وزير تتم إقالته من حكومة حسن روحاني.

وصوّت 137 نائباً بالموافقة على قرار العزل، فيما عارضه 121 آخرون، وامتنع شخصان عن الإدلاء.

وحضر الجلسة النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري، رغم توجيه دعوة للرئيس حسن روحاني للحضور شخصياً، بينما ردّ كرباسيان على أسئلة وانتقادات النواب المتعلّقة بتدهور الوضع الاقتصادي، المرتبط بأسباب داخلية كالفساد وسوء الإدارة، وأخرى خارجية كعودة العقوبات الأميركية بعد انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي.

لكن إجابات كرباسيان لم تكن مقنعة بالنسبة للنواب الذين صوتوا لصالح عزله، ليصبح ثاني وزير تتم إقالته في حكومة روحاني، بعد عزل البرلمان وزير العمل علي ربيعي، في وقت سابق من أغسطس/ آب الجاري.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن، في 8 مايو/ أيار الماضي، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات على طهران، التي دخلت حزمتها الأولى حيز التنفيذ العملي، في أغسطس/ آب الجاري.

وترافق ذلك مع انهيار العملة المحلية أمام الدولار، وارتفاع أسعار السلع، إلى جانب زيادة الاحتكار في الداخل، أو شراء الواردات وفقاً لسعر الريال المخفض والمحدد في البنك المركزي، ومن ثم بيعها بأسعار أعلى أو تخزينها.

وشهدت إيران، مؤخراً، تظاهرات في عدد من المدن، احتجاجاً على الوضع الاقتصادي المتردي، وعلى غلاء الأسعار. ورفعت هذه الاحتجاجات شعارات اقتصادية، تندد بعمل حكومة روحاني، وتخلّلتها شعارات سياسية طاولت النظام في البلاد.

البرلمان يتهم الوزير بالتقصير

وخلال جلسة البرلمان، قال عضو لجنة التخطيط والموازنة البرلمانية حسين علي حاجي دليغاني، وهو أحد الأفراد المنتقدين لعمل كرباسيان، إنّ القدرة الشرائية للمواطن الإيراني انخفضت بنسبة 50٪ خلال المدة التي تولّى فيها هذا الوزير حقيبته، موضحاً أنّ مبالغ تراوح بين 9 و18 مليار دولار قد نهبت، إلى جانب خسارة 57 طناً من الذهب والمسكوكات الذهبية.

وأضاف دليغاني، خلال كلمته في البرلمان، أنّ كرباسيان "بدأ بعمله وزيراً للاقتصاد منذ عام تقريباً، ورفع شعار الأمن والاستقرار الاقتصادي، لكن الوضع ما يزال سيئاً بالنسبة للعمال، والمزارعين، والمعلمين، والسائقين، فضلاً عن أولئك الذين يعانون البطالة".

من ناحيته، اعتبر النائب جليل رحيمي جهان أبادي، أنّ الاقتصاد الإيراني "مريض"، متهماً كرباسيان بأنّه "مقصر"، ووزارته بأنّها "عاجزة عن إدارة الأوضاع"، ومشيراً إلى "وجود فساد اقتصادي في إدارة الجمارك، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين".

وفي السياق، ذكر عضو لجنة الزراعة البرلمانية عباس بابي زاده، أنّ سياسات كرباسيان لم تحسّن الوضع المعيشي للمواطن الإيراني، بل زادت نسب البطالة، قائلاً "لو مرت أي دولة بوضع اقتصادي مماثل، لاعتذر مسؤولو الملفات الاقتصادية على الأقل، لكن هذه الثقافة غائبة عن الداخل الإيراني"، فيما رأى النائب صديف بدري، أنّه كان على كرباسيان أن يتقدمّ باستقالته إثر ارتباك سوق العملات الصعبة، وانهيار العملة المحلية أمام الدولار.


كرباسيان: ليست مسؤوليتي وحدي

وحاول كرباسيان الدفاع عن نفسه، باعتبار أنّه "لا يتحمّل مسؤولية هذا التدهور لوحده"، معتبراً أنّه تسلّم وزارة مثقلة بالملفات، مؤكداً أنّ اقتصاد إيران تأثّر بالتبعات "النفسية" لعودة العقوبات، إلى جانب "عامل الاستغلال الداخلي لسوء الأوضاع"، ورأى أنّ الصورة الحالية للاقتصاد "لم تُرسم دفعة واحدة".

ورفض الوزير المقارنة بين بلاده والدول الأخرى التي شهدت فرض عقوبات أميركية عليها، لافتاً إلى أنّ فرض العقوبات على دول قريبة من إيران، كروسيا وتركيا، لم ترفق بتهديدات بفصلهم عن نظام "سويفت" للتحويلات المالية، ولا بتهديد قطع الصادرات النفطية، ولا حتى بحظر النقل وصادرات البتروكيماويات، قائلاً "لو كان هناك انسجام داخلي لما تدهور الوضع إلى هذا الحد".


في المقابل، خرجت أصوات في البرلمان ممن لم يؤيدوا مساءلة الوزير، ووافقوا على ما جاء في تصريحاته، فاعتبر نائب رئيس مجلس الشورى الإسلامي مسعود بزشكيان، المحسوب على الإصلاحيين، أنّ "الجميع مسؤول عن الوضع الاقتصادي الراهن في البلاد"، داعياً إلى "تشكيل خلية أزمة لإدارة الوضع الاقتصادي".

وصوّتت غالبية أعضاء "لجنة الأمل" الإصلاحية في البرلمان، صباح اليوم، على رفض مساءلة كرباسيان، في محاولة لدعمه، بينما استقال النائب الإصلاحي المعروف الياس حضرتي من اللجنة.

وذكرت عدة مواقع إيرانية أن استقالة حضرتي، تعود إلى موافقته على مساءلة وزير الاقتصاد، وعدم رغبته بالتغريد خارج سرب جبهته.

وكان حضرتي قد كتب، في تغريدة على "تويتر"، السبت، أنّه "بحال اقتنع البرلمان بإجابات وزير الاقتصاد، ووافق على بقائه في منصبه، فهذا يعني أنّ النواب راضون عن الظروف الاقتصادية في البلاد، وهو ما يعني أيضاً أنّ دعوة روحاني لجلسة استماع، يوم الثلاثاء، بلا معنى"، مضيفاً أنّ "الشارع الإيراني سيحكم علينا".

وفتحت السلطة القضائية في إيران حرباً على الفساد، وأصدرت أوامر بالقبض على عشرات السماسرة والمضاربين والمحتكرين والموردين، وبدأت أولى جلسات محاكمتهم، أمس السبت.

ويستعد الرئيس الإيراني لحضور جلسة استماع، يوم الثلاثاء المقبل، للإجابة عن خمسة أسئلة سيطرحها النواب حول الوضع الاقتصادي أيضاً، وهي الجلسة التي تختلف دستورياً في شكلها عن المساءلة أو الاستجواب الذي يتعرّض له وزراء حكومته.

المساهمون