الأكراد يريدون ضمانات قبيل الحكومة العراقية الجديدة

الأكراد يريدون ضمانات قبيل الحكومة العراقية الجديدة

26 اغسطس 2014
الأكراد لا يريدون تكرار تجربة المالكي معهم (الأناضول/Getty)
+ الخط -

تبدو حالة انعدام الثقة بين الأطراف الرئيسية في العراق، العنوان الأبرز للمفاوضات الجارية قبل أسبوعين على انتهاء مهلة التشكيل الوزاري الجديد.

يكشف عضو الوفد الكردي المشارك في مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، زانا سعيد، لــ"العربي الجديد"، عن مطالبة الأكراد بوجود أطراف ضامنة لأي اتفاق بينهم وبين الشيعة لدخول الحكومة. ويضيف "أخبرنا المفاوضين الشيعة بمطلبنا دخول الولايات المتحدة الاميركية وإيران والامم المتحدة والمرجعية الشيعية في مفاوضات تشكيل الحكومة، كأطراف ضامنة تُلزم العبادي والتحالف الوطني الشيعي الالتزام بالاتفاقات".

ويلفت سعيد إلى أنه "حتى الاطراف السنية تريد جهات تضمن اتفاقاتها مع الشيعة لدخول الحكومة كما طالبنا نحن".

ويعزو المراقبون حالة عدم الثقة السائدة بين الأكراد والشيعة من جهة، وبين السنة والشيعة من جهة ثانية، إلى تنصل الطرف الشيعي، الذي يقود الحكومة العراقية منذ عام 2005، من التزاماته المكتوبة وغير المكتوبة، وخصوصاً المالكي خلال فترة 2006 - 2014.

وكان المالكي خلال تأليف الحكومة المنتهية ولايتها، قد وقع اتفاقاً عام 2010، تعهد عبره بتلبية مطالب الأكراد المتعلقة بتسليح مقاتلي البشمركة وحل مشكلة المناطق المتنازع عليها، وتمرير القانون الاتحادي للنفط والغاز، فضلاً عن تفعيل المشاركة الكردية في الجيش العراقي وغيرها من التعهدات، لكنه لم يلتزم بها. وكرر المالكي السيناريو نفسه مع القائمة العراقية، التي تمثل السنّة، إذ وعدها آنذاك باستحداث منصب سيادي جديد، يدعى مجلس السياسات الاستراتيجية، يتولاه إياد علاوي.

وجاءت مجزرة مسجد "مصعب بن عمير" في ديالى ومقتل واصابة العشرات من المصلين قبل أيام، لتزيد من ضعف الثقة بين السنة والشيعة، على الرغم من أن تحليلات ربطت بين الحادثة وخطط للمالكي لتقويض جهود خلفه العبادي في تشكيل الوزارة خلال المهلة المحددة.

وكان رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، قد كلف العبادي بتشكيل الحكومة
خلال فترة شهر، ابتداءً من يوم 11 أغسطس/ آب الحالي. ورغم انقضاء نحو نصف المهلة، فإن المفاوضات لا تزال في مرحلتها الأولى.

وفي السياق، يشير سعيد إلى أن "الاجتماعات الحالية هي لمعرفة المواقف الأولية لبعضنا البعض. نحن نريد أن نعرف موقف التحالف الشيعي، ورئيس الحكومة المكلف إزاء المطالب الكردية، ثم سنعود إلى الإقليم لعرض النتائج على قيادة اقليم كردستان، قبل بدء جولة ثانية تتعلق بطبيعة المشاركة والمواقع التي ستعرَض على الأكراد لشغلها في الحكومة".

ويتوقع الأكراد أن يعطي العبادي بعض الإشارات، دليلاً على حسن النية تجاههم، كالإعلان عن نيته إطلاق رواتب موظفي اقليم كردستان وميزانية الإقليم، اللتين أوقفهما المالكي بقرار شخصي منذ مطلع العام الحالي 2014.

لكن سعيد يؤكد أن الأكراد "لم يلمسوا أي تجاوب جدي لحل هذه المشاكل الملحّة التي مضى عليها سبعة أشهر". ويضيف "توقعنا من العبادي أن يعلن عن رغبته بدعم قوات البشمركة بالسلاح والمال لمواجهة التهديد الذي يواجه إقليم كردستان، لكنه لم يفعل".

ويشير إلى أن "كل ما نسمعه منه ومن المفاوضين الشيعة قولهم إنهم مستعدون لحل المشاكل وفق الدستور، وهي عبارة ظل المالكي نفسه يكررها باستمرار".

وكان الوفد الكردي المفاوض، قد اجتمع مرتين، خلال أقل من أسبوع مع العبادي، الذي طالب الأكراد بالإسراع في تسمية مرشحيهم للمناصب الوزارية، من دون أن يعرض عليهم برنامج حكومته، بحسب المفاوضين الأكراد.

كما أن العبادي لم يبد أمام الوفد الكردي أي التزام بمعالجة الملفات الخلافية المعلّقة بين كردستان وبغداد، بل أبلغهم بأنه سيعطيهم الوعود بعد أدائه اليمين والمصادقة على حكومته في البرلمان.

ويعلّق مسؤول كردي على المفاوضات الجارية بالقول إنه "إذا كان العبادي يستعجل تأليف حكومته، فالأكراد ليسوا كذلك، ويهمهم تحقيق مطالبهم، مع ضمانات التنفيذ".

لكن المصاعب التي تتهدد تشكيل الحكومة الجديدة لا تتصل بالسنّة والأكراد فحسب، إذ إن الخلاف موجود بين القوى الشيعية نفسها.

ففي الوقت الذي تجتمع فيه جماعات مثل المجلس الاسلامي الأعلى، التابع لعمار الحكيم، والتيار الصدري، وقسم من ائتلاف دولة القانون، بينهم العبادي، وشخصيات شيعية في جبهة واحدة غير معلنة، تتكون من 127 برلمانياً، يقف المالكي وقسم من دولة القانون في جبهة ثانية.

ويدفع أعضاء كل من الفريقين، لتغليب رأيه على الآخر، وفيما يسعى الفريق الأول الى انجاح جهود تشكيل الحكومة يقوم الثاني بعرقلة تلك الجهود.

وحول الخلاف الشيعي – الشيعي، يقول سعيد إن "الشيعة يشعرون بخطر يتهدد حكمهم، إذا فشلوا في انجاح مهمة العبادي، خلال مهلة تأليف الحكومة الجديدة". ويدعو "التحالف الشيعي إلى خطوات جريئة وسريعة، خلال المهلة المتبقية لإرضاء الاكراد والسنة، وإلا فإن الحكومة لن تتشكل، ما سيضع جمع الأطراف أمام خيارات سيئة جدا".

كما أن فشل العبادي، قد يدفع المالكي، بحسب سعيد، إلى "طرح نفسه من جديد، لتتأزم الأوضاع وتتجه نحو العنف، وسط الرفض الكردي والسني وحتى الشيعي، لرئيس الوزراء السابق".