الأردن يدرس ترخيص المنتجات المنزلية

31 أكتوبر 2016
مطاعم الأردن تخشى منافسة المنتجات المنزلية (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -


لم تجد سيدات أردنيات سبيلا لمواجهة الفقر وتحسين الأوضاع المعيشية لأسرهن سوى ابتكار طرق مختلفة لتحويل منازلهن إلى مصانع يتم تسويق منتجاتها عبر العلاقات الشخصية المباشرة مع المجتمع المحلي المحيط بهن. ومع رواج هذا النمط الاستثماري في العديد من المناطق، تتجه الحكومة إلى ترخيص الإنتاج المنزلي بهدف دعمه وتحفيزه.
وانتشرت المصانع المنزلية، كما يروق للبعض تسميتها، بالتزامن مع الأزمة السورية وتحدي اللاجئات ظروف الحياة الصعبة، عبر إنتاج مواد غذائية ووجبات طعام وبيعها في الأسواق والمنازل، كما اتجهت كثير من الأردنيات للدخول في هذا المجال.

وباتت منتجات المنازل تنافس محلات تجارية ومصانع ومطاعم كبرى في الأردن لعدة عوامل، أهمها تفوّقها في الجودة والمواصفات والمتطلبات الصحية.
وتركز السيدات على إنتاج الطعام بمختلف أشكاله وبعضهن انخرطن في أعمال الخياطة وصناعة التحف والتراثيات وغيرها.
ويدعم مسؤولون حكوميون فكرة ترخيص الإنتاج المنزلي، ومنهم نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ومسؤول الفريق الاقتصادي الحكومي، جواد العناني، الذي يرفض تسمية هذا القطاع بغير الشرعي ويصفه بالقطاع غير المنظم، بحكم عدم حصوله على الموافقات الرسمية.

وقال مسؤول حكومي لـ "العربي الجديد" إن "الحكومة إدراكاً منها للدور الذي يلعبه الإنتاج المنزلي في الحد من الفقر والبطالة وتحسين مستويات المعيشة للأسر تدرس حاليا السماح بترخيص بعض الأعمال داخل المنازل بدون أي التزامات مالية".
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "السماح رسميا بهذه الأعمال سيمكن السيدات من التوسع في نشاطهن وتسويق منتجاتهن بشكل أكبر في السوق، ما يزيد مشاركة المرأة الأردنية الاقتصادية والتي ما تزال متدنية جداً، وبالتالي تنشيط بيئة الأعمال وتحسين مداخيل الأسر".

وأشار إلى أن الحكومة تعمل على زيادة أعداد السيدات العاملات، وهناك العديد من المبادرات التي تدعم المشاريع الخاصة بالمرأة وتحفيزها على الأعمال وإنشاء المشاريع الريادية.
وتقدر نسبة الفقر في الأردن وفقاً لآخر دراسات حكومية أجريت عام 2010 بـ 14.4%، حيث أرجأت الحكومة الإعلان عن أرقام الفقر الجديدة وفقا لمسوح أجرته العام الماضي لأسباب لم تكشف عنها. لكن مختصين يرون أن نسبة الفقر في الأردن قد ارتفعت كثيرا منذ عام 2010 بسبب ارتفاع الأسعار وثبات الرواتب والأجور ورفع الحكومة الدعم عن السلع والخدمات مثل المحروقات.

وأكد تقرير حديث لمعهد تضامن النساء الأردني (تضامن) على تدني المشاركة الاقتصادية للنساء الفقيرات وغير الفقيرات بسبب العادات والتقاليد والزواج المبكر وتدني فرص الحصول على التدريب والتأهيل والتعليم.
ومن النماذج الناجحة في هذا المجال أم خلدون، السيدة التي تعيش في مدينة جرش وتوسعت في الإنتاج المنزلي ومنه المخلل التفاح والمربى من الفاكهة التي تنتجها مزرعتها الخاصة، وحصلت أم خلدون على علامات جودة من الجهات المختصة وشهادات من وزارة الصحة، حيث تشارك سنويا في معرض تقيمه غرفة صناعة عمان لعرض الصناعات الغذائية للمواطنين.

وفي هذا الشأن، قال مدير غرفة صناعة إربد، نضال الصدر، لـ "العربي الجديد" إنه "منذ فترة لا يشتري كثير من الأردنيين احتياجاتهم من الطعام إلا من خلال سيدات يعملن على إنتاج الأصناف المطلوبة في المنازل وهي تتمتع بمذاق خاص ومختلف عن المطاعم والمحلات الأخرى".
وأضاف أن "الغرفة تقصد أيضا دعم تلك الأعمال ومساعدة هذه الأسر على تحسين أوضاعها المعيشية، خاصة أن تلك المنتجات متميزة وتحظى بإقبال كبير من قبل المواطنين".

من جانبه، قال رئيس جمعية حماية المستهلك، محمد عبيدات، لـ "العربي الجديد"، إن "الإنتاج المنزلي أداة مهمة لتحسين الأوضاع المعيشية للأسر ومحاربة الفقر، خاصة مع عجز الحكومة عن توفير فرص العمل وعدم زيادة الرواتب والأجور".
وأضاف أن "الجمعية تشجع الأفكار والمشاريع الريادية المنزلية التي تعتبر إضافة نوعية لبيئة الأعمال، وإن كانت كميات الإنتاج متواضعة في البداية، لكنها سرعان ما تتسع وتصبح مشاريع استثمارية، وهناك العديد من قصص النجاح في هذا المجال".

وأوضح عبيدات أن المشاريع المنزلية مرتبطة بالمرأة، ولكن في حقيقة الأمر أن جميع أفراد الأسرة وربما آخرين من الجيران والأقارب يساهمون في عملية الإنتاج، خاصة مع ارتفاع حجم الطلبيات وقت المناسبات والولائم المختلفة.
وأكد أهمية مساعدة الحكومة للإنتاج المنزلي لعوائدها الكبيرة ليس على أصحابها فقط وإنما على المجتمع والاقتصاد الوطني بشكل عام.

وأشار إلى أن هناك العديد من المجالات المناسبة لتبنيها من قبل النساء كإنتاج الأطعمة وتصنيع الخضار والفواكه، وكذلك تصنيع الصابون من الزيوت النباتية والحياكة والتراثيات وغيرها.
من جانبه، أبدى القطاع الخاص تخوفه من المنافسة الشرسة للوافدات الجدد، ولا سيما في ظل ركود الأسواق. ويتوقع أن ترتفع وتيرة المعارضة من الصناعيين والتجار لتوجه الحكومة نحو إضفاء الشرعية على الإنتاج المنزلي ومنحه التراخيص والموافقات الرسمية اللازمة.



المساهمون