احتكار إسرائيلي - أميركي لنفط فلسطين

01 فبراير 2016
تسرق إسرائيل النفط وتمنعه عن الفلسطينيين(محمد عبد /فرانس برس)
+ الخط -
جاء توقيع رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على المادة 52 من قانون مكافحة الاحتكار الشهر الماضي، ليشكّل بداية النهاية للأزمة التي عاشها الكيان المحتل منذ أربع سنوات، بعد اعتصامات عدّة قادتها جمعيات إسرائيلية ضد سياسة الاحتكار النفطي، وليلغي المنافسة في سوق الغاز الطبيعي بحجة تحسين أمن كيان الاحتلال في مجال الطاقة، إضافة إلى تعزيز المصالح والعلاقات الخارجية.
ولكن إذا أردنا العودة بلمحة تاريخية سريعة عن هذا الإطار القانوني، لا بد من طرح سؤال: ما هو التكتيك النفطي الذي يعتمده الاحتلال لتوطيد هيمنته على موارد الفلسطينيين النفطية؟ ومن هم شركاؤه؟
تضم ورقة الإطار القانوني مجموعة توصيات وإصلاحات لمرسوم حكومة الاحتلال رقم 442 بتاريخ 23 يونيو/ حزيران 2013، والذي تبنى بدوره توصيات لجنة زيماك (Zemach) المنشورة عام 2012 بهدف دراسة السياسة العامّة للحكومة في مجال الغاز الطبيعي.
وكان قد سبقت هذه اللجنة لجنة أخرى عام 2010 للتدقيق في السياسة المالية بشأن موارد النفط والغاز الطبيعي في كيان الاحتلال، وأوصت برفع الضرائب على النفط والغاز من مستوى 12%، كما جاء في قانون 1952 للنفط والغاز، إلى مستوى يتراوح بين 50% -70%.
تجدر الإشارة هنا إلى أنّ اللجنتين المذكورتين عُيّنتا تحت ضغط الشارع جرّاء نمو الاحتكار وتأثيره على الاقتصاد الرأسمالي، وكانت الغاية الدّفع نحو المنافسة الشفافة وتفكيك الشركات القابضة التي تسيطر على الاقتصاد، وفصل المؤسسات المالية عن الشركات العالمية.
ومن توصيات لجنة زيماك، وفق تقرير صادر عنها، والتي لم تؤخذ جميعها بالاعتبار من قبل الحكومة، زيادة حصة السوق المحلّية من الغاز من 450 مليار متر مكعب إلى 540 مليار متر مكعب، أو من 50% إلى 60% من الاحتياطي في تامار، تنين، وغيرها من حقول الغاز الصغيرة. أمّا التوصية الثانية، فهي بناء خط أنابيب ثان تحت البحر من حقل تامار إلى الشاطئ بحلول نهاية 2016، وهو مطلب لن يتحقق قريباً.
بالتوازي مع مناقشات اللجنتين، قام مفوض مكافحة الاحتكار دايفيد جيلو بمحادثات مطولة مع الشركات المحتكرة من أجل التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يفتح باب المنافسة في الأسواق المحلية ويعفيهم من الضغوطات القانونية. إلا أنه عاد وبدّل رأيه نتيجة تدخّلات عدّة، ممّا أطاح نهاية عام 2014 بكلّ ما توصلوا إليه على مدى ثلاث سنوات، وأدخل كيان الاحتلال في دوّامة لا يزال يتخبّط بها حتى اليوم، أبرزها خلافٌ حادّ نشب بين جيلو ونتنياهو المصمّم على توقيع الاتفاق وإعفاء الشركات من المنافسة.
وفق تقارير صحافية إسرائيلية، كلّ ذلك أدّى إلى استقالة جيلو من منصبه بداية 2015 لبقائه عند موقفه الرّافض للاحتكار، وتسمية البروفيسور كاندل (Kandel) من قبل نتنياهو لاجتراح الحلول والخروج من هذه الأزمة، وهي اللجنة الثالثة في غضون أربع سنوات تُخصّص لمناقشة قوانين الغاز الطبيعي ولكن هذه المرّة من دون أن تحوز على ثقة الرأي العام.
وشدّدت اللجنة على وجود نقص للخبرات بين المشرّعين الإسرائيليين في مجال الغاز الطبيعي وغياب المهنية التقنية مع ممثّلي الشركات العالميّة. وأقرّت مجموعة توصيات وتعديلات لمرسوم الحكومة رقم 442 عرفت بـ "الإطار القانوني للغاز الطبيعي"، والذي اعتبره معارضوه أنه يصبّ في مصلحة الشركات.
من جهة أخرى، يُحدّد الإطار القانوني مُهلاً زمنية لبيع حقلي الغاز الصغيرين كاريش وتانين، ويُجبر شركة ديليك الإسرائيلية على بيع حصتها من حقل تامار، كما يفرض على شركة نوبل اينيرجي الأميركية تخفيض حصتها في الحقل عينه من 36.9% إلى 25%، ويوجب على كلا الشركتين أن تبرهنا نهاية عام 2017 عن استثمارات بقيمة 1.5 مليار دولار في ليفياتان، لترتفع إلى 4 مليارات نهاية عام 2020.
بعد إنهاء فريق عمل كاندل مهمته، تم عرض الإطار على وزير الاقتصاد في ذلك الحين، أرييه درعي، والذي رفض التوقيع على المادة 52. وفي مناورة سياسية، استقال من منصبه ليحلّ مكانه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، والذي طلب مشورة لجنة الشؤون الاقتصادية في الكنيست، وقام يوم الخميس 17 كانون الأول/ ديسمبر الماضي بالتوقيع على الاتفاق. وبإقرار هذا الإطار التنظيمي والقانوني، يصبح معظم قطاعات الغاز الطبيعي المسلوب من الفلسطينيين محتكراً من قبل شركة أجنبية واحدة وهي نوبل اينرجي، والتي تسيطر على معظم الثروات، وتتحكّم بالأسعار التي تقدّر بأنها باهظة في وقت يتهاوى فيه سعر البرميل إلى أدنى مستوياته.
(متخصص بالصناعة النفطية)
المساهمون