اتفاق أوروبي "تاريخي" حول خطة التعافي الاقتصادي بعد كورونا

الاتحاد الأوروبي يتوصل لاتفاق "تاريخي" حول خطة التعافي الاقتصادي بعد كورونا

5698EA23-7F4D-47FA-B256-09D7BCA82E5A
ناصر السهلي
صحافي فلسطيني، مراسل موقع وصحيفة "العربي الجديد" في أوروبا.
21 يوليو 2020
+ الخط -

بعد مفاوضات شاقة على مدى أربعة أيام، توصل قادة الاتحاد الأوروبي، فجر اليوم الثلاثاء، إلى اتفاق "تاريخي"، حول خطة الإنعاش الاقتصادي لإعادة الحياة للدورة الاقتصادية، بعد تضررها بسبب جائحة كورونا.

ويشمل الاتفاق الذي تم التوصل إليه في بروكسل، نحو 750 مليار يورو.

وكتب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، في تغريدة على "تويتر"، كلمة واحدة: "اتفاق".

وفي مؤتمر صحافي عند الفجر، قال ميشال، وفق ما نقلته "رويترز"، إن "هذا الاتفاق يبعث بإشارة ملموسة إلى أن أوروبا قوة عمل". وأضاف: "الأمر أكثر من مجرد أموال. إنه يتعلق بالعمال والأسر ووظائفهم وصحتهم وضمانهم الاجتماعي. أعتقد أنّ هذا الاتفاق سيعتبر لحظة فارقة في رحلة أوروبا وسينطلق بنا أيضاً إلى المستقبل".

ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاتفاق بـ "التاريخي". وقال ماكرون: "نتائج القمة تاريخية حقاً". وأضاف أنّ الاتفاق جاء بعد مفاوضات طويلة وشاقة تعيّن خلالها تقديم تنازلات لإقناع الدول التي كانت تعرقل الاتفاق بقبوله.

ومضى يقول إنّ التنازلات كانت متناسبة وضرورية، لوضع خطة تعافٍ ضخمة بما يكفي كي تكون فعالة. وقال في إفادة صحافية: "لا يوجد عالم مثالي لكننا أحرزنا تقدماً".

واتفق القادة الأوروبيون على صندوق إضافي يتعلق بموازنة السنوات السبع المقبلة للاتحاد. ويبدو أنّ المنح المالية مشروطة بإصلاحات ستتضح طبيعتها وفقاً لشروط فرضتها صيغة التفاوض "الشاقة" بحسب بعض القادة الأوروبيين.

من جهتها، رأت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أنّ الاتفاق يظهر أن دول التكتل قادرة على العمل معاً حتى خلال أكبر أزماتها، فضلاً عن استعدادها لسلك مسارات جديدة في ظروف غير معتادة.

وقالت ميركل، في مؤتمر صحافي مشترك مع ماكرون: "هذه إشارة مهمة تتجاوز حدود الاتحاد الأوروبي، وهي أنه مع كل الخلفيات المتباينة (لأعضاء التكتل)، فإنه قادر على التحرك والعمل".

وأضافت أنّ "نتائج قمة الاتحاد الأوروبي لا تعكس نهجاً مشتركاً إزاء القواعد المالية فحسب، وإنما تجاه حكم القانون أيضاً".

أما رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، فقال إنّ الاتحاد الأوروبي اتفق على صندوق "طموح" للتعافي الاقتصادي سيمكن المنطقة من مواجهة جائحة فيروس كورونا "بقوة وفاعلية". وأضاف، في مؤتمر صحافي بعد القمة: "نحن راضون بعد إقرار خطة طموح لإعادة إطلاق (الاقتصاد) ستمكننا من مجابهة الأزمة بقوة وفاعلية".

وأوضح كونتي أنّ 28% أو 209 مليارات يورو من الصندوق البالغ حجمه 750 مليار يورو الذي جرى الاتفاق عليه في القمة ستذهب لإيطاليا، منها 81 ملياراً في صورة منح و127 ملياراً كقروض.

وكانت المفاوضات الشاقة بين قادة أوروبا قد توقفت، أمس الإثنين، بسبب خلافات بين مجموعة التقشف؛ الدنمارك والسويد والنمسا وهولندا من جهة، ودول كالمجر وبولندا من جهة أخرى، حول الحصص التي تستحقها الدول كمنح وقروض.

ويبدو أنّ مجموعة التقشف استطاعت أن تفرض بعض مقترحاتها بشأن قيمة المبالغ التي تتوجب استعادتها على شكل قروض، وتخفيض مساهمتها في صندوق الإنعاش المقترح منذ مايو/ أيار الماضي، من قبل ميركل، وماكرون.

ووفقاً لما رشح عن الاتفاق الأوروبي، فإنّ الخلاف حول قيمة المنح جرت تسويته بخفض إلى 390 مليار يورو بدل 500 مليار، ورفع مبلغ القروض من 250 مليارا إلى 360 مليار يورو، مع شروط تتعلق بإصلاحات مطلوبة من الدول المتلقية لتلك المبالغ.

وحصلت بعض الدول، بما فيها الدنمارك، على خفض مساهمتها في الصندوق بنحو 300 مليار سنوياً. وتوصل القادة الأوروبيون إلى تسوية مع المجر حتى لا تستخدم حق النقض "الفيتو"، ضد مشروع الاتفاق الأوروبي، لا سيما حول آليات التوزيع والاستحقاقات في ما خص المنح والقروض.

وتمكّن رئيس وزراء هولندا مارك روته، من وضع شرط يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية المطلوبة من الدول المستفيدة من صندوق الإنعاش، كحل وسط للتوصل إلى هذا الاتفاق.

وبعدما جرى الإعلان عن الاتفاق، فجر اليوم الثلاثاء، يتوجب اعتماده بتصويت البرلمان الأوروبي عليه، وفق المعاهدة الأوروبية، هذا فضلاً عن وجوب اعتماده من البرلمانات الوطنية لرفع الحد الأقصى لمساهمتها المالية.