إسرائيليون يرفضون هجرة اليهود من أوروبا

إسرائيليون يرفضون هجرة اليهود من أوروبا

05 مايو 2015
تخلّي إسرائيليين عن جنسيتهم (جيل كوهين ماغن/فرانس برس)
+ الخط -
حذّرت أوساط إسرائيلية ويهودية، يهود أوروبا من الاستجابة للدعوات التي وجّهها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزراؤه بالهجرة إلى إسرائيل، رداً على ما سموه "تزايد مظاهر اللاسامية" ضدهم، و"تجنّباً لتداعيات تعاظم ثقل الجاليات الإسلامية هناك".
وكان رئيس الكنيست الأسبق، إبراهام بورغ، من أبرز المعارضين لتهجير يهود أوروبا إلى إسرائيل، ووصف الداعين لهذه الهجرة بأنهم "آكلو بشر يريدون أن تقتات إسرائيل على لحوم اليهود، والتضحية بتاريخ اليهود في أوروبا الذي امتد لأكثر من ألف عام".

وفي مقالٍ نشرته صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر بتاريخ 20 أبريل/نيسان الماضي، دحض بورغ دعوة نتنياهو يهود أوروبا إلى الهجرة لإسرائيل على الرغم من زيادة تأثير المسلمين هناك. وأشار بورغ إلى أن "المسلمين في أوروبا يُشكّلون أقل من 5 في المئة من السكان، ويُعامَل معظمهم كمواطنين أوروبيين صالحين، في حين أن المسلمين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلّة، يُشكّلون حوالي 50 في المئة من عدد السكان ويتعرّضون للتمييز على أساس عنصري".

واعتبر بورغ أن "الداعين إلى تفريغ أوروبا من اليهود، يهدفون فقط إلى التدليل على صدق المسار الذي رسمته الصهيونية". وأضاف أن "قادة إسرائيل وزعماء اليهود في الولايات المتحدة يريدون تهجير اليهود من أوروبا، بعد أن تحوّلت إلى مركز للتسامح والحرية والمساواة والعلمانية، وكرّست نماذج إنسانية في التعايش بين الأديان، بخلاف ما عليه الحال في إسرائيل".

اقرأ أيضاً: التنديد بالعنصرية يتحول لمواجهات بين الشرطة والأثيوبيين بتل أبيب 

وشدد بورغ على أن "الحكومات الأوروبية تواجه بحزم كل مظاهر الكراهية على خلفية دينية، وذلك بعكس ما تقوم به إسرائيل". واعتبر أن ما يحدث في أوروبا هو "لقاء مهم بين الإسلام والغرب، ويسمح للطرفين بأن يدرسا بعضهما بعضاً"، لافتاً إلى أن "قطاعات واسعة من المسلمين باتت تؤمن بقيم المساواة والحرية والتكافل الغربية". وعدا عن نظرية بورغ، فإن عدداً من المحللين الإسرائيليين اعتبروا أن الدعوات الإسرائيلية ليهود العالم بالهجرة إلى إسرائيل، عاكسة لـ"ازدواجية المعايير".

وتساءل أمنون أبراموفيتش، كبير المعلقين في قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية: "تخيلوا لو جاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى إسرائيل، ودعا اليهود الروس للعودة إلى روسيا، فماذا سيكون ردّ فعل قادة إسرائيل؟".
كما استفزت دعوات نتنياهو ووزرائه بعض أبرز الكتّاب اليهود في أوروبا. فقد دعا توني ليرمان وديانا ينتو، قادة إسرائيل وزعماء الجاليات اليهودية الأميركية، إلى عدم "التدخّل في شؤون الجاليات اليهودية في أوروبا".
وفي الوقت ذاته، تبين أن تعاظم وتيرة الدعوات التي يطلقها قادة إسرائيل ليهود أوروبا بالهجرة إليها، تأتي نتاج حالة الإحباط من تعاظم مظاهر الهجرة العكسية. ووفق معطيات "سلطة تسجيل السكان والهجرة" في وزارة الداخلية الإسرائيلية، فإن عام 2014 شهد زيادة بنسبة 65 في المئة على عدد الإسرائيليين الذين قدّموا طلبات للحكومة للتنازل عن جنسيتهم الإسرائيلية مقارنة بعام 2013.

ويتّضح أن معظم الذين قدموا طلبات للتنازل عن الجنسية الإسرائيلية، أقدموا على هذه الخطوة كي يحظوا بجنسية أخرى، في حين أن الأغلبية الساحقة من الذين قدّموا هذه الطلبات أرادوا الإقامة في أوروبا تحديداً. مع العلم أن إسرائيل لا توافق على إلغاء الجنسية الإسرائيلية، إلا في حال أثبت مُقدّم الطلب أنه مقيم في دولة أخرى.

وتبيّن، لاحقاً، أنه حتى بعد أن يعود بعض الإسرائيليين الذين تنازلوا عن جنسيتهم، فإنهم في الغالب يكونون غير متحمسين لاستردادها، حتى لا يُطالبوا بأداء الخدمة العسكرية. ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن شارون (41 عاماً)، أحد الذين تنازلوا عن الجنسية الاسرائيلية، قوله إنه "غير معني باستعادة الجنسية الإسرائيلية، كي لا يُجنّد في قوات الاحتياط". وذكرت الصحيفة أن شارون الذي عاد بعد خمس سنوات إلى إسرائيل، أكد عدم رغبته في استعادة الجنسية الإسرائيلية "لأنها لا تمنحني شيئاً، ولا يوجد ما يدفعني للتضحية من أجل إسرائيل".

أما جوناثان (31عاماً)، وهو إسرائيلي مقيم في أستراليا، فنقلت "يديعوت أحرونوت" عنه، أنه قدم طلباً "للتنازل عن جنسيته حتى يحصل على الجنسية الأسترالية، بسبب صعوبة الظروف الاقتصادية في إسرائيل". وأشار إلى أنه "كان يعمل 260 ساعة في الشهر، من أجل تغطية أقساط الشقة التي اشتراها في القدس المحتلة"، لافتاً إلى أن "الأوضاع الأمنية المتدهورة، قلّصت هامش المناورة المتاح أمامه".

وقد أثار الجدل حول هجرة اليهود لإسرائيل والهجرة العكسية، حفيظة الشخصيات اليمينية، التي اعتبرته حرباً على الصهيونية. وأعاد نائب رئيس تحرير صحيفة "ميكور ريشون"، أورلي غولدكلنك، إلى الأذهان حقيقة أن الصهيونية تقوم على دعامتين أساسيتين: جلب المهاجرين وإقامة المستوطنات، مما يعني أن الدعوات للإبقاء على يهود العالم في أماكن تواجدهم، تمثل النقيض من الصهيونية.

وفي مقال نشرته الصحيفة بتاريخ 24 أبريل/نيسان الماضي، حذّرت غولدكلنك من إمكانية أن يعيد التاريخ نفسه ويتعرّض اليهود لما تعرّضوا له في أربعينيات القرن الماضي، مشددة على أنه "يتوجب على رئيس وزراء إسرائيل ألا يمل من دعوة يهود العالم للمجيء والإقامة في إسرائيل".

اقرأ أيضاً تداعيات عدوان غزة: جيش الاحتلال يضغط على نتنياهو