أهالي عين الحلوة يخشون الأسوأ

أهالي عين الحلوة يخشون الأسوأ

29 يونيو 2020
(العربي الجديد)
+ الخط -

كثيرون في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوبي لبنان يعتمدون في غذائهم على تناول المناقيش (نوع من المعجنات بالزعتر أو بالجبنة) والفول والحمص. هذا ما يقوله رشاد الحاج، الذي يعمل في معمل صغير للمفروشات في المخيم، حيث يقيم مع زوجته. ويخبر "العربي الجديد": "أعمل في هذا المكان منذ خمسة عشر عاماً. أصنع وآخرين غرف النوم والجلوس. كنتُ أتقاضى 30 ألف ليرة لبنانية (نحو 20 دولاراً أميركياً بحسب سعر الصرف الرسمي) يومياً. لكنّ الارتفاع الجنوني في سعر الدولار، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع الأساسية، جعل المبلغ الذي كنت أتقاضاه بلا قيمة. ومع إغلاق المعمل خلال تفشي فيروس كورونا، لم أحصل على أي راتب". 

يضيف الحاج: "بعد فتح المعمل والعودة إلى العمل، اضطرّ صاحب المعمل بسبب الأوضاع الاقتصادية إلى صرف خمسة عشر عاملاً، وأبقى على ثلاثة عمال فقط كنت من بينهم. كذلك خفّض ما كنت أتقاضاه إلى النصف. على الرغم من ذلك، يبقى وضعي أفضل من كثيرين، إذ ليس لدي بدل إيجار، وليس لدي أولاد. لا أدري ماذا سيحلّ بالناس إذا بقي الوضع على ما هو عليه". ويوضح أنّ الآباء اليوم عاجزون عن إطعام أولادهم. فكيف إذا ما ازداد الوضع سوءاً؟

أما سراج، البالغ من العمر (34 عاماً)، والمقيم في المخيم، والذي يملك معملاً للتنجيد فيه، فيقول إن عمله بالأساس هو في النجارة والحفر على الخشب. ويوضح: "أعمل في النجارة منذ ثماني سنوات. بعدها، قررت توسيع عملي وفتح محل للتنجيد وظّفت فيه خمسة عشر عاملاً يتقاضون بدل أتعابهم بحسب العمل الذي يقدمونه". ويلفت إلى أنه عادة ما يتحسن العمل خلال فصل الصيف. "نعمل في الصيف لندخر للشتاء".



يتابع سراج: "بدءاً من يوليو/ تموز عام 2019، أصدر وزير العمل اللبناني السابق كميل أبو سليمان قراراً بضرورة استحصال العمال الأجانب على إجازة عمل، ما أدى إلى تظاهرات وإغلاق طرقات في المخيم، الأمر الذي ساهم في تراجع العمل في المعمل". ويوضح: "حينها، نقلت عملي إلى منطقة بعلبك (تقع في سهل البقاع في لبنان) بسبب كثرة الطلب على ما نصنعه هناك. وبالفعل كان العمل جيداً. لكن بسبب انتفاضة 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي (تحرك شعبي احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية) وإغلاق الطرقات، اضطررت والعمال للعودة إلى المخيم من جديد، وتوقفت عن العمل مدة ثلاثة أشهر. ثم فرض علينا الحجر الصحي نتيجة تفشي فيروس كورونا الجديد. اليوم، نشهد ارتفاعاً جنونياً بسعر صرف الدولار. نبيع الزبون وفقاً لسعر معين، إلا أن الأسعار تتغير في اللحظة نفسها. لم نعد نحقق أية أرباح. أفضل أن يشتري الزبون البضاعة بنفسه وأن أتولّى تنفيذ ما يطلبه".



ويشير سراج إلى أنّه "خلال شهر رمضان الماضي، لم أكن قادراً على تأمين المال، واضطررت إلى ترك أحد المحال الذي كنت قد استأجرته للعمل. كنت أدفع شهرياً مليوناً ونصف مليون ليرة (ألف دولار بحسب سعر الصرف الرسمي) بدل إيجار المحلات، لكن المبلغ انخفض في وقت لاحق بعدما تخليت عن محلين. ولحسن الحظ أن أصحاب المحال الباقية يبدون تفهماً ولا يطالبونني بتأمين بدل إيجار في الوقت الحالي. كما أنني أبقيت على ثلاثة عمال مقربين مني يتحملون وضعي إن لم أستطع دفع أجورهم". سراج متزوج وله ثلاث بنات، جميعهن يتعلمن ولديهن احتياجاتهن كباقي الأطفال. ويقول إنه ممتن لأن بيته ملك له.



أما أبو أحمد، وهو سائق سيارة أجرة ويعيش في مخيم عين الحلوة، فيقول: "قبل الأزمة، كنا نعيش وضعاً مأساوياً لأن الفلسطيني ممنوع من العمل في هذه المهنة. ومنذ تحرير ضبط مخالفة بحقي كوني فلسطينياً، لا يسمح لي بمزاولة هذه المهنة والحصول على دفتر قيادة عمومي". يتابع: "أعمل في هذه المهنة منذ ست سنوات. بطبيعة الحال الوضع سيئ قبل تفشي كورونا، لكنه ازداد سوءاً اليوم. في الأيام السابقة وقبل الحجر الصحي، كانت يوميتي أربعين ألف ليرة لبنانية (نحو 26 دولاراً بحسب سعر الصرف الرسمي)، واليوم صارت عشرين ألف ليرة (نحو 13 دولاراً بحسب سعر الصرف الرسمي)، هذا إن استطعنا العمل. وفي ظل ارتفاع الأسعار الجنوني للدولار، لا نعرف كيف سنعيش. فقبل الارتفاع كنا نتقاضى ألفي ليرة من الراكب وما زلنا. لكن أسعار قطع السيارات ترتفع بشكل كبير، وهو ما لا طاقة لنا على تحمله. وما نحصل عليه لا يكفينا. نحتاج إلى الوقود وتفاصيل كثيرة أخرى. نحن ذاهبون إلى الأسوأ".

المساهمون