أزمة حكم في تونس

27 فبراير 2017
أقدم الشاهد على تغيير وزاري بسيط (ستيفي لوس/فرانس برس)
+ الخط -
عاشت تونس، نهاية الأسبوع، حدثاً سياسياً مهماً يقترب في توصيفه من الأزمة، وستعيش على صداه وإيقاعه كامل هذا الأسبوع، وربما تكون تداعياته هامة على المشهد السياسي العام، خصوصاً على حكومة يوسف الشاهد وعلاقتها بالأحزاب الداعمة لها والمعارضة ايضاً.

فقد أقدم الشاهد على تغيير وزاري بسيط، في ظاهره، ولا يشمل إلا وزارتين ونائب وزير (كاتب دولة)، لكنه تحول بلمح البصر إلى أزمة حقيقية، دفعت أهم حزبين في البلاد، "النهضة" و"نداء تونس"، وأهم منظمة اجتماعية، اتحاد الشغل، إلى تغيير جدول الأعمال وعقد اجتماعات طارئة لبحث هذا القرار، الذي شمل وزارات قد تكون عادية في أي حكومة، وهي الشؤون الدينية (المنصب الشاغر منذ أشهر) والوظيفة العمومية الذي يشغله النقابي البارز، عبيد البريكي.

لكن "النهضة" رأى أن الشاهد أقدم على قراره من دون العودة إليه وإلى بقية الموقعين على اتفاق قرطاج. وأعرب "نداء تونس"، حزب الشاهد نفسه، عن تفاجئه من التغيير، وعدم علمه بالموضوع إلا قبل خمس دقائق من نشره للعموم. وإذ يبدو غضب "الندائيين" يتعلق خصوصاً بتنحية كاتب الدولة لدى وزير التجارة، والأول "ندائي" والثاني "نهضوي"، بسبب خلاف بينهما، بحسب ما أكدته مصادر، لـ"العربي الجديد"، فإن اتحاد الشغل اعتبر أن تغيير نقابي من وزارة الوظيفة العمومية، وتعيين رجل أعمال على رأسها، يعد خياراً خطيراً وانقلاباً على وثيقة قرطاج. وتقاسمت كل الأحزاب تقريباً هذا الرأي، بما فيها المعارضة والمؤيدة، ما وضع الحكومة في مواجهة أزمة حقيقية قد تعصف بها.

وأياً تكن نتائج وتداعيات هذا القرار، فقد أكدت، مرة أخرى، أن يوسف الشاهد، أو أي رئيس حكومة في تونس، لا يستطيع أن يقدم على قرارات فعلية بصفة شخصية من دون الرجوع إلى البقية، مهما كانت درجة وأهمية هذا القرار. وأثبتت مرة أخرى أن التوازنات السياسية في تونس هشة إلى درجة قد تطيح بأيّ كان وفي أي موقع، بقطع النظر عما إذا كان الشاهد قد أقدم على قراره لجسّ النبض وقياس درجة حريته في التحرك. وبقطع النظر عما إذا كان القرار مجرد خطأ سياسي عابر، فإن الثابت أن هناك أزمة حكم حقيقية في تونس، وأن المرحلة لا تزال تحتاج إلى توضيح طبيعة التوافقات ونظام العلاقات.

المساهمون