أزمة المالديف: اعتقالات وفرض حالة الطوارئ ومحاولة انقلاب

أزمة المالديف: اعتقالات وفرض حالة الطوارئ ومحاولة انقلاب

06 فبراير 2018
دعا نشيد الحكومات الأجنبية لمساعدته على "إقصاء" يمين(فرانس برس)
+ الخط -
يفتح النزاع المتصاعد في المالديف (أرخبيل في المحيط الهندي)، بين الرئيس عبد الله يمين، الذي أعلن حالة الطوارئ في الأرخبيل واعتقل رئيس المحكمة العليا وقاضياً آخر، والمعارضة، الباب أمام إمكانية تدخل عسكري خارجي، مع طلب المعارضة من الهند التدخل في الأرخبيل، الواقع في المحيط الهندي.

وبدأت الأزمة عندما وجهت المحكمة العليا، الخميس الماضي، ضربة إلى النظام الحاكم، عبر نقض أحكام بتهم "الإرهاب والفساد والاستيلاء على أموال" صدرت في العام 2015 بحق تسعة معارضين بارزين، بينهم الرئيس السابق محمد نشيد، المنفي في بريطانيا ويعيش حالياً في سريلانكا. لكن يمين رفض قرار المحكمة، وهو ما اعتبرته الأخيرة تدخلاً صارخاً في عملها يستوجب عزل الرئيس، الذي رد باعتقال رئيس المحكمة العليا، عبد الله سعيد، وقاضياً آخر في المحكمة، وإعلان حالة الطوارئ لمدة 15 يوماً. وتعزز حالة الطوارئ السلطات الواسعة جداً التي تتمتع بها قوات الأمن لتوقيف واحتجاز مشتبه بهم، كما تم تعليق مواد دستورية تنص على آليات عزل الرئيس ونائبه وقوانين تتعلق بالإجراءات الجنائية.

وقال يمين، في خطاب متلفز، إن حال الطوارئ فُرض للتحقيق في "هذه المؤامرة، هذا الانقلاب". واعتبر أن قرار المحكمة يمثل "عائقاً أمام قدرة الدولة على العمل بفعالية". وقال إن المحكمة تخطت سلطتها بإصدار أمر بإطلاق سراح السياسيين، وإن الأمر "يعرقل بشكل فج نظم الضوابط والتوازنات". ولمّح إلى أن القضاة انحازوا إلى جانب المعارضة لأنهم كانوا يخضعون للتحقيق بشأن اتهامات فساد. وقال "قررت إعلان حالة الطوارئ لأنه لم تكن هناك وسيلة لإخضاع أولئك القضاة للمساءلة. هذا انقلاب. أردت أن أعرف جيداً كيف تم التخطيط لهذا الانقلاب". وشكل قرار المحكمة العليا  ضربة قوية ليمين وفتح المجال لعودة خصمه نشيد إلى البلاد ولترشحه للانتخابات الرئاسية المتوقع أن تجرى نهاية العام الحالي. وكان يمين قد فاز على نشيد في 2013 في انتخابات أثارت جدلاً كبيراً. وفي معرض قرارها، أمرت المحكمة العليا، الخميس الماضي، بعودة 12 نائباً أقيلوا من مهامهم بداعي الانشقاق عن الحزب التقدمي، الذي يقوده يمين، والانتقال إلى المعارضة، ما يسمح نظرياً للمعارضة بأن تستعيد الأغلبية المطلقة في البرلمان، الذي يضم 85 عضواً، ما يتيح لها سحب الثقة من الحكومة والرئيس، الذي رد بوضع البرلمان تحت حراسة الجيش في خطوة استباقية لتجنب التصويت على سحب الثقة منه. ومنذ السبت الماضي، علقت أعمال البرلمان حيث تشغل المعارضة الغالبية، لكن على الورق.

وأوقف رئيس المحكمة العليا، عبد الله سعيد، والقاضي علي حميد، أمس، بتهمة "الفساد" من قبل عناصر من الشرطة مجهزين بأسلحة. وأعلنت الشرطة، في بيان مقتضب صدر بعيد اقتحام عناصر من قوات الأمن مقر المحكمة العليا في العاصمة ماليه، أن اعتقال سعيد وحميد تم بناء على شبهات فساد تحوم حولهما، وكذلك أيضاً حول مسؤول آخر في المحكمة يدعى حسن سعيد، وقد اعتقل أيضاً. وتجمع مئات المتظاهرين أمام مقر المحكمة، وتم تفريقهم بالغاز المسيل للدموع. وبعدما رفضت تنفيذ قرار المحكمة العليا والإفراج عن السجناء السياسيين، فرضت الحكومة، أول من أمس، حالة الطوارئ لمدة 15 يوماً. كما تم توقيف الأخ غير الشقيق ليمين، رئيس المالديف الأسبق، مأمون عبد القيوم، الذي حكم البلاد لمدة 30 عاماً حتى 2008، بعدما انتقل إلى صفوف المعارضة أخيراً. وعبد القيوم محتجز في مقر إقامته هو وزوج ابنته، لكن نجله فارس، الذي كان واحداً من زعماء المعارضة الذين أمرت المحكمة بإطلاق سراحهم، أُفرج عنه يوم الثلاثاء، وفق ما صرح به محاميه لوكالة "رويترز".

ودعا نشيد، يوم الثلاثاء، الحكومات الأجنبية، خصوصاً الهند والولايات المتحدة، لمساعدته على "إقصاء" يمين. وقال، في بيان وزع في العاصمة ماليه، إن "الرئيس يمين فرض حالة الطوارئ بطريقة غير مشروعة واستولى على الدولة. علينا إقصاؤه من السلطة. إن شعب المالديف لديه طلب مشروع من حكومات العالم، خصوصاً الهند والولايات المتحدة". وأضاف "نرغب في أن ترسل الحكومة الهندية موفداً مدعوماً من جيشها، لإطلاق سراح القضاة والمعتقلين السياسيين". ودعا إلى "تواجد فعلي"، موضحاً أنه يريد من الهند إرسال جنود إلى المالديف. وقال مصدر مقرب من نيودلهي إن الأرخبيل الاستراتيجي الواقع في المحيط الهندي أصبح أكثر قرباً إلى الصين خلال حكم يمين. جدير بالذكر أن هناك تاريخاً من تدخل الجيش الهندي في جزر المالديف. ففي العام 1988 حاول مسلحون سريلانكيون يعملون لحساب رجل أعمال مالديفي، السيطرة على البلاد وسيطروا على العديد من المباني الحكومية. وطلب الرئيس حينذاك مأمون عبد القيوم، الأخ غير الشقيق للرئيس الحالي، مساعدة الجيش الهندي لطرد المسلحين. وأرسلت الهند 1600 من المظليين إلى جزر المالديف، الذين سرعان ما استعادوا سيطرة عبد القيوم.

ونشيد، المقيم في المنفى بعد إدانته بتهمة الإرهاب في العام 2015، ورد اسمه بين الشخصيات التي نقضت المحكمة الأحكام الصادرة بحقها، دعا أيضاً واشنطن لفرض عقوبات مالية على مسؤولي النظام الحاكم. وأمام هذا الوضع المتوتر، نصح عدد من الدول، بينها فرنسا والصين والهند، بعدم التوجه إلى هذه الجزر السياحية ذات الشواطئ الخلابة، والتي تعد 340 ألف نسمة. ودعت الولايات المتحدة حكومة المالديف إلى "احترام المؤسسات الديمقراطية". وجاء في تغريدة لمجلس الأمن القومي الأميركي "إن على حكومة المالديف وجيشها أن يحترما القانون وحرية التعبير والمؤسسات الديمقراطية. العالم ينظر إليكم". وحذرت منظمة العفو الدولية حكومة المالديف من استخدام حال الطوارئ كوسيلة لمزيد من القمع. وقالت نائبة رئيس المنظمة لشؤون جنوب آسيا، دينوشيكا ديسانايك، إن "سلطات المالديف لديها سجل حافل بقمع حرية التعبير وأي شكل من أشكال المعارضة"، مضيفة أن إعلان الطوارئ يعد "تطوراً مقلقاً للغاية".

(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز، أسوشييتد برس)