"جورج صاند في نوهان": تأثيث عالم الكتابة

بيت جورج صاند
01 يوليو 2020
+ الخط -

في نهاية 2019، أصدر المفكر الفرنسي ميشيل أونفري، كتاباً بعنوان "انهيارات سيل ماريا.. جينيالوجيا لنيتشه"، واحتُفيَ به ليس فقط بسبب محتواه الفكري، بل أيضاً لطرافة تناوله، حيث يُدرس الفيلسوف الألماني انطلاقاً من المكان، فيقتفي أونفري أثره في منتجع سويسري أقام فيه نيتشه، ويربط بين الخصوصيات الجغرافية والمناخية (ثلوج، جبال، بحيرات..)، ورموز ظهرت في نصوصه وفكره لاحقاً، مفترضاً علاقة بين الفضاء الواقعي والعالم النظري الذي تبلور في ذهن صاحب "هكذا تحدّث زرادشت"، وخصوصاً مفهوم "الأنا الأعلى".

تجد هذه المقاربة صدىً لدى الباحثين (والناشرين أيضاً)، حيث تعود طريقة التناول في كتاب "جورج صاند في نوهان" الذي صدر أخيراً ضمن سلسلة "بوان" عن دار "سوي"، وفيه تتناول المؤرخة ميشيل بيرو (1928) عوالم الكاتبة الفرنسية (1804 - 1876).

وإذا كان أونفري قد ذهب إلى الفضاء في شموليته، فإن بيرو قد اختارت التركيز على البيت كفضاء داخلي، لكونه حاضن العملية الإبداعية. تقوم فرضية بيرو على أن تأثيث فضاء الكتابة لدى المؤلفين يجري خدمة لهذا الطقس تحديداً على حساب كل نشاط آخر يقومون به مثل استقبال الضيوف أو القراءة.

تتقصى بيرو بيت الروائية الفرنسية عبر معطيات جمعتها من نصوص صاند نفسها، ومن أصدقاء وأقارب ترددوا على بيتها وقدموا شهادات لاحقة عن عوالمها، وهي تدرس نقاطاً محدّدة بدقة، مثل اللوحات التي كانت في غرفتها، وعلاقتها بالضوء وتوزيع الأثاث في الفضاء.

لم تأتِ بيرو إلى هذا الموضوع من فراغ. فقد سبق أن قدّمت عملاً مرجعياً بعنوان "تاريخ الغرف" (2009)، ليبدو كتابها حول جورج صاند مثل قراءة في تفصيل، بعد أن قدّمت رؤية بانورامية. من جهة أخرى، يمكن أن نرى العمل الجديد تقاطعاً بين مشروعها "تاريخ الغرف" ومشروعها الذي عُرفت به في الحياة الأكاديمية كمؤرّخة للمرأة، فضلاً عن تخصّص بداياتها البحثية في القرن التاسع عشر.

من أعمال بيرو، نذكر: "الانحراف ونظام العقوبات في القرن التاسع عشر" (1975)، و"النساء أو صمت التاريخ" (1988)، و"تاريخ النساء كما أراه" (2006)، و"المانخوليا العمّالية" (2012). وأشرفت أيضاً على عمل جماعي بعنوان "تاريخ النساء في الغرب" (1990).

دلالات

المساهمون