"تسييس" إيصال المساعدات بسورية... فضيحة جديدة تلاحق الأمم المتحدة

"تسييس" إيصال المساعدات بسورية... فضيحة جديدة تلاحق الأمم المتحدة

21 أكتوبر 2016
ديرالزور فقط تتزود بمساعدات من الجو (فاديم سافيتسكي/ Getty)
+ الخط -
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فضيحة جديدة بحق الأمم المتحدة، مشيرة إلى أنّ المنظمة الدولية دفعت ملايين الدولارات لشركة طيران روسية خاصة، كانت ممنوعة من التعامل مع المنظمة منذ أكثر من 10 سنوات بتهمة الرشوة، كي تلقي مساعدات إنسانية على منطقة خاضعة لسيطرة النظام، في وقت تقدم تبريرات لعدم القيام بخطوة مماثلة في مناطق سيطرة المعارضة.


وقالت الصحيفة، في تقرير، اليوم الجمعة، إنّ شركة "أباكان إير" ومقرّها موسكو، هي الشركة المدنية "الوحيدة" التي تم إعطاؤها إذناً بتقديم مساعدات إنسانية عبر إلقائها من الجو على "منطقة وحيدة" في سورية، وتسيطر عليها قوات النظام.

وبحسب الصحيفة، فإنّ مالكي الشركة نيكولاي إيستيمنكو وابنه بافيل، كانا متورطين في فضيحة مالية مع الأمم المتحدة قبل 10 سنوات، بعدما أوصى تقرير داخلي للمنظمة بمنع التعامل معهما.

وقالت الصحيفة إنّ "قصة تمكّن شركة إيستيمنكو من أن تكون المورّد الوحيد للمساعدات الإنسانية عبر الجو في سورية، هي مزيج من السياسة والمصالح الخاصة، وبيروقراطية الأمم المتحدة".

وأوضحت الصحيفة أنّ قوات النظام السوري منعت الأمم المتحدة وبعثاتها الإنسانية من إيصال الغذاء والدواء للمناطق المحاصرة، في حين سمحت لشركة "أباكان إير" التي يربطها عقد مع "برنامج الغذاء العالمي" التابع للأمم المتحدة، بإلقاء مساعدات غذائية لحوالي 110 آلاف شخص في مدينة دير الزور الخاضعة لها، ويحاصرها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وهي المنطقة الوحيدة التي تحصل على مساعدات من الجو.

ووفقاً لقاعدة بيانات الشركة الروسية، بحسب الصحيفة، فإنّه تبيّن أنّ الشركة دفعت في العام 2007، لمسؤول أممي، ما لا يقل عن 186 ألف دولار كعمولات، في وقت وفرت الشركة خدمات تأمين جوية لشركات تعاقدت معها الأمم المتحدة.

وقد حصلت الشركة، في المقابل، على معلومات قيّمة حول عقود الطيران، وفق ما بيّنه تحقيق داخلي أجرته الأمم المتحدة، وأورد تفاصيله موقع "ويكيليكس"، وكشف أنّ الدفوعات حصل عليها الدبلوماسي الروسي ألكسندر ياكوفليف، والذي كان عاملاً في قسم التوريدات في الأمم المتحدة.

وخلص التحقيق إلى أنّ إيستيمنكو "شارك في أعمال إجرامية، بما في ذلك الرشوة والفساد وغسل الأموال"، ومن خلال شركة أخرى، قدّم خدمات تأمين لشركات الطيران التي تعاقدت معها الأمم المتحدة.



وبدوره، أكد "برنامج الغذاء العالمي"، أنّه بحث تقديم مناقصات تنافسية من أجل خطة المساعدات، وكانت شركة "أباكان إير" المتوفر الوحيد.

وقالت المتحدثة باسم البرنامج، عبير عطافة، في رسالة إلكترونية للصحيفة، إنّ "شركة أباكان أبدت استعدادها وقدرتها للقيام بهذه المهمات الخاصة"، مشيرة إلى أنّ "مشغلين آخرين تبين افتقارهم للخبرة التي تتطلبها عمليات من هذا النوع في إلقاء المساعدات، أو أبدوا تحفظات أمنية للقيام بهذه المهمات في سورية".

وأكدت عطافة أنّ الشركة قد عملت مع الأمم المتحدة في مهمات بجنوب السودان، بعدما نجحت في اختبار تقييم سلامة المنظمة هناك، إلا أنّها لم تعلّق على تجاوز الشركة للمعايير الداخلية بعدما تبيّن أن مالكَيها متورطان بفضيحة مالية مع المنظمة الدولية.

وفي وقت تدفع الأمم المتحدة، عبر "برنامج الغذاء العالمي"، لشركة طيران روسية من أجل إلقاء المساعدات على المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام، تقدم حججاً لعدم إلقاء المساعدات على المناطق التي تخضع لسيطرة الفصائل المعارضة، من قبيل أنّ هذه المناطق "مكتظة بالسكان ولا تصلح لإلقاء المساعدات من الجو".

وقال مدير برنامج "أطباء من أجل حقوق الإنسان"، ويدني براون، للصحيفة: "نعلم مسبقاً أنّ تقديم المساعدات إلى الناس يتم بناءً على انتمائهم السياسي"، مشيراً إلى أنّ "تقديم المساعدات من قبل طرف متورط في الصراع، يعزز النظرة وواقع أنّ إيصال المساعدات مسيّس للغاية".

وتلقي هذه الفضيحة الجديدة الضوء، بحسب الصحيفة، على كيفية استغلال النظام السوري وحلفائه من المسؤولين الروس، آلية إيصال المساعدات من قبل الأمم المتحدة، على الرغم من أنّ كبار مسؤولي المنظمة يتهمون النظام ذاته بانتهاك القانون الإنساني الدولي.