"المساءلة والعدالة".. فيتو سياسي على مرشحين للانتخابات العراقية

"المساءلة والعدالة".. فيتو سياسي على مرشحين للانتخابات العراقية

20 مارس 2018
+ الخط -
قرابة الخمسين يوماً فقط هي المتبقية على موعد الانتخابات التشريعية العراقية المقرر أن تجري في الثاني عشر من مايو/ أيار المقبل، لكن أسماء المرشحين النهائية لم تكتمل إلى غاية الآن بسبب إجراءات هيئة المساءلة والعدالة التي وضعت فيتو على ترشيح بعض الأسماء.

مصدر في هيئة المساءلة والعدالة قال لـ "العربي الجديد" إن الهيئة استهلكت وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً في تدقيق ملفات جميع المرشحين للانتخابات العراقية، موضحاً أن فرق البحث تمكنت من العثور على منتمين سابقين لحزب البعث المحظور في العراق ضمن قوائم المرشحين.

وأشار إلى أن هيئة المساءلة والعدالة أحالت عدداً من الأسماء إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم، مؤكداً أن قوائم أخرى ستصدر خلال الأيام المقبلة، ولفت إلى أن إجراءات الهيئة ستطاول عشرات المرشحين.

من جهته، يؤكد عضو مجلس مفوضية الانتخابات العراقية حازم الرديني أن القوائم الأولية التي أرسلتها هيئة المساءلة والعدالة شملت 17 مرشحاً سيتم استبعادهم من الترشيح للانتخابات، مبيناً خلال تصريح صحافي أن من حق المستبعدين الطعن أمام هيئة التمييز المكونة من سبعة قضاة.

وأوضح إن مفوضية الانتخابات تسلمت قوائم بأسماء 86 مرشحاً تتشابه أسماؤهم مع مسؤولين في النظام السابق (نظام صدام حسين)، مؤكداً أن هؤلاء المرشحين سيتم استدعاؤهم للتأكد من أوراقهم.

من جهته، قال عضو هيئة المساءلة والعدالة فارس البكوع إن المرحلة الأولى من عملية تدقيق أسماء المرشحين للانتخابات تتضمن استدعاء أكثر من ثمانين مرشحاً لتدقيق أسمائهم، موضحاً أن الهيئة أرسلت أسماء عشرات المرشحين إلى مفوضية الانتخابات من أجل التأكد من أوراقهم.

وأشار إلى انه على المشمولين بالتدقيق جلب أوراقهم الرسمية للتأكد من مطابقة اسمه مع الأسماء المطلوبة في قاعدة البيانات التي تضم الكادر المتقدم في حزب البعث المنحل، والأجهزة الأمنية للنظام السابق، مؤكداً في تصريح متلفز أن أسماء بعض المرشحين قد تتطابق حتى الاسم الرباعي مع المشمولين بإجراءات المساءلة والعدالة، إلا أن الاختلاف يمكن أن يكون من خلال اسم الأم أو السن.

يشار إلى أن هيئة المساءلة والعدالة هي وريثة هيئة "اجتثاث البعث" التي أنشئت بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 لملاحقة رموز نظام صدام حسين واجتثاثهم من مؤسسات الدولة مع أقاربهم، وشملت إجراءات الهيئة عشرات الآلاف من المسؤولين والموظفين والضباط والمنتسبين الذين كانوا يعملون في الأجهزة الأمنية الخاصة.

وتتعرض إجراءات هيئة المساءلة والعدالة لانتقادات عدة من قبل حقوقيين وسياسيين، ويطالب الخبير في القانون الدستوري محمد السعدي قرارات هيئة المساءلة والعدالة التي تضغط على طرف، وتغض النظر عن أطراف الأخرى، مؤكدا لـ "العربي الجديد" أن على الهيئة أن تتعامل مع الجميع على قدم المساواة.

وأشار إلى أن الدستور العراقي يحظر وجود أي كيان ينتهج العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو يحرض أو يمهد أو يروج أو يبرر لكل ما ذكر، مبيناً أن اغلب هذه الأمور تنطبق على جهات عراقية عدة ربما بعضها يتبوأ مركزاً سياسياً مرموقاً.

وتأتي إجراءات هيئة المساءلة والعدالة بحق المرشحين للانتخابات بعد أسابيع على قرارات للهيئة بمصادرة وحجز أموال رموز النظام العراقي السابق.

رئيس لجنة المساءلة والعدالة في البرلمان العراقي دافع عن إجراءات هيئة المساءلة والعدالة، مؤكداً خلال مقابلة متلفزة أن هذه الإجراءات جاءت بناء على قانون جاء من الحكومة وصوت عليه البرلمان.

وأشار إلى أن القانون الذي جاء إلى البرلمان من الحكومة لم يستثنِ أي أحد، موضحاً أن إثارة إجراءات المساءلة والعدالة في هذا الوقت لا علاقة لها بالانتخابات، بل هي إجراءات جرت في وقتها الطبيعي.

ولفت إلى قيام بعض السياسيين بالتباكي على بعض المشمولين بإجراءات هيئة المساءلة والعدالة، مؤكداً أن هذا التباكي يمثل استغلالاً من اجل تحقيق أهداف انتخابية.

إجراءات هيئة المساءلة والعدالة قوبلت بالرفض من قبل برلمانيين عراقيين، ووصفها عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار محمد الكربولي بأنها قرارات محبطة تصادر جهود وتضحيات من دافع عن العراق.

وأشار إلى أن توقيت إجراءات هيئة المساءلة والعدالة تمثل نسفاً لجهود المصالحة الوطنية، ومساعي طي صفحة الماضي، مبيناً أن هذه الأمور تعيد المجتمع إلى المربع الأول الذي كان يعاني منه العراقيون قبل خمسة عشر عاماً، وطالب هيئة المساءلة والعدالة، ولجنة المصالحة والمساءلة في البرلمان العراقي إلى إعادة النظر بقراراتها.

ويرى المحلل السياسي العراقي حسن الكناني أن إجراءات هيئة المساءلة والعدالة يمكن أن تكون مقبولة إذا تمت بشفافية وحققت العدالة، مؤكداً لـ "العربي الجديد" أن لا أحد يحق له الاعتراض إذا كانت الإجراءات وفقا للدستور.

وأضاف "أما إذا كانت هذه الإجراءات من اجل تصفية الحسابات فإنها لن تؤدي إلا إلى مزيد من الفرقة والتناحر بين مكونات الشعب العراقي"، مبينا أن العراقيين عانوا كثيرا خلال السنوات الماضية بسبب سياسات التمييز التي تسببت باصطفافات طائفية وعرقية ما تزال أثارها قائمة إلى غاية الآن.