"الضحاك" لـ فلاديمير ميدفيديف: الأرض الطاجيكية الوعرة

"الضحاك" لـ فلاديمير ميدفيديف: قصص الأرض الطاجيكية الوعرة

10 ابريل 2020
مشهد من جبال طاجيكستان
+ الخط -

بين أفغانستان والصين وقيرغيزستان وأوزبكستان تمتد طاجيكستان أصغر دولة في آسيا الوسطى، على مساحةٍ تسعون بالمئة منها جبلية، وبعد استقلالها إثر تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، غرقت البلاد في حرب أهلية جعلتها حتى اليوم من أفقر دول الاتحاد السوفياتي السابق.

على أراضيها الوعرة يدير الروائي الطاجيكي فلاديمير ميدفيديف أحداث روايته "الضحّاك: الملك الثعبان"، حيث يسرد في عمله السردي الطويل مصير شعب الجبل الذي يبدو محكوماً عليه بالفوضى والاستبداد.

صدرت النسخة العربية من الرواية حديثاً عن "الدار العربية للعلوم ناشرون"، وترجمها عن الروسية الأكاديمي فؤاد المرعي. وتنطلق أحداثها من عودة "زهورتشو" أحد أبناء الحزب الشيوعي سابقاً، في خضم الحرب الأهلية، إلى البلاد وفرضه قانونه هناك في الوقت الذي يبني فيه ثروته على زراعة الخشخاش.

يستوحي الكاتب القصص الأسطورية حول الملك "ضحاك" الذي يُروى أنه طاغية جائر قاتل يعيش على كتفه ثعبان، ويقيم العلاقات بين شخصياته في فترة الاضطرابات بين الفلاحين المحليين الفقراء وأصحاب الثروات، والتي يصفها ميدفيديف من خلال عيون وكلمات الرواة السبعة.

تتأرجح الرواية باستمرار بين المأساة والكوميديا، ويتيح الكاتب لنفسه تعدد الشهادات ليعطي روايته حياة وقوة بدلاً من الاكتفاء بالسرد الخطي، فالواقع الطاجيكي ليس له وجه واحد، ويعرف ميدفيديف - الصحفي الذي قضى معظم حياته في البلاد - الكثير عن ذلك.

تفتح القصة على حياة الشاب أندريه، المولود من أب طاجيكي وأم روسية. الموت الوحشي لوالده سيقوده ووالدته وشقيقته إلى مغادرة المدينة للانضمام إلى أسرهم في قرية جبلية بعيداً عن الواقع الذي عاشوا فيه حتى ذلك الحين.

زرينا، أخت أندريه، تصبح شخصية مركزية في الرواية عندما تلفت نظر زهورتشو. من شخصيات العمل الأخرى دافرون الضابط السوفيتي السابق، والشيخ فاهوب، والناسك الصوفي، وأوليغ الصحافي الروسي الذي تسمح نظرته الخارجية ومعرفته السياسية التاريخية بفهم تفاصيل ما يحدث وخلفياته.

في الرواية يظهر البلد المتجذر بعمق في تقاليده، وحياته بعد انهيار العالم كما عرفه قبل 1991، وكيف فرض عدد من "البارونات" سلطتهم على السكان من خلال لعبة من التهديدات والوعود بالحماية والثروة للجميع، ويُبرز الكاتب حالة من الفوضى الدائمة؛ حيث يتم تشكيل التحالفات وكسرها ويقاتل الرجال والنساء من أجل بقائهم، حيث بدا لكثير منهم أن زراعة الخشخاش يمكن أن تمثّل مستقبلًا أفضل.

هناك أيضاً الكثير من التساؤلات حول مصير النساء، يقدمها ميدفيديف من خلال رحلة زارينا التي ستضطر إلى الزواج من زوهورتشو خلال حفل سريالي لا تشارك فيه العروس ولا زوجها.

يُذكر أن فلاديمير ميدفيديف وُلد في أربعينيات القرن الماضي في منطقة بايكال، وقضى معظم حياته في طاجيكستان، عمل صحافياً ويتحدث الروسية والطاجيكية. وقد أجرى بحوثاً إثنوغرافية وكان من المراقبين للحياة السياسية للبلاد وتغيراتها عن كثب، فاز بالعديد من الجوائز الأدبية في بلاده وفي روسيا، وتُرجمت روايته "الضحاك" إلى عدة لغات.

دلالات

المساهمون