"البيروتي": استعادة مقهى بلا ذاكرة

"البيروتي": استعادة مقهى بلا ذاكرة

28 يونيو 2017
(مقهى البيروتي قبل هدمه عام 1965)
+ الخط -

في ظلّ الانتقادات الدائمة للحكومة العراقية لتقاعسها عن تأهيل المباني القديمة وترك الكثير منها عرضة للإهمال أو تحويله إلى محال تجارية كما حدث مع "مكتبة مكنزي" في شارع الرشيد البغدادي الذي تحوّل إلى متجر لبيع الملابس في العام الماضي، يتشكّك البعض حيال خطط إحياء بعض المعالم التراثية وأن لا تكون مجرّد إعلانات شكلية.

في هذا السياق، أعلنت وزارة الثقافة العراقية إعادة افتتاح مقهى البيروتي في حي العطيفية البغدادي قرب نهر دجلة منذ أيام والذي هُدم عام 1965، في محاولة لاستعادته كملتقى للمثقّفين والكتّاب كما كان عليه الحال في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي.

المقهى الذي أنشأه التاجر اللبناني محمد البيروتي منذ أكثر من سبعة عقود، شكّل أحد أبرز الفضاءات العامة في العاصمة العراقية في زمن تعدّدت فيه التيارات الثقافية والحزبية وشهد سجالات أدبية وسياسية لم تحتملها بعد ذلك السلطة التي فرضت نموذجها المستبد سنين طويلة.

في عراق ما بعد الاحتلال، انفجر المجتمع إلى طوائف وإثنيات مارست كلّ منها استبدادها داخل جماعتها وتجاه الجماعات الأخرى، وأصبح العنف وسيلة وحيدة للتعبير عن ذاتها ورسم علاقتها بالآخر، ولم يعد المقهى والمسرح وصالات السينما وغيرها مكاناً متاحاً للتفاعل والحوار بالنظر إلى حدّة الانقسامات الدائرة وغياب هوية ثقافية جامعة.

من جهة أخرى، تعكس المقاهي التحوّلات الاجتماعية فانحسر دورها في الترفيه ضمن نمط الاستلاب لمنظومة الاستهلاك، التي أصبح الفرد فيه فاقداً للقدرة على التمثيل والحضور خارج منطق التسليع والربح، لكن ذلك لم يمنع القائمين على مشروع "البيروتي" من تخصيص قاعات المقهى لتحمل أسماء "الجواهري"، و"وداد الأورفلي"، و"خان مرجان"، وتجهيز قاعة رابعة باسم زها حديد قريباً ستحتضن العديد من الفعاليات الثقافية والفنية.

دلالات

المساهمون