"الإخوان" والأزمة والخروج

"الإخوان" والأزمة والخروج

17 اغسطس 2015
+ الخط -
لست بصدد مهاجمة أحد، أو محاباة أحد، وإنما أعرض رؤيتي لواقع نعيشه جميعاً، ويتركز حديثي هنا حول جماعة الإخوان المسلمين، والتي أصبحت محل أنظار العالم ومعرض حديثه، خصوصاً بعد وصولها إلى الحكم في مصر، ثم إطاحة نظامها بعد ذلك. وأود هنا أن أفرق بين جماعة الإخوان السياسية وجماعة الإخوان الدعوية، لأنه من الظلم النظر إلى هذه الجماعة، أو الحكم عليها، من منظور سياسي فقط، وإن كان قد ذاع صيتها في المجال السياسي أكثر. إلا أن الجماعة الحقيقية هي الدعوية والخدمية، والتي لا ينكر أحد دورها الكبير في الأمة الإسلامية، وخصوصاً الدور الاجتماعي، حيث ساهمت، ومازالت، في رفع المعاناة عن كاهل كثيرين من خلال الجمعيات الخيرية التابعة لها، والتي تنشر في مجتمعات كثيرة، منها مصر. وساهمت، أيضاً، من خلال المراكز الطبية في تطبيب كثيرين، فضلا عن دورها الدعوي. ولا شك أن شأنها شأن أي كيان يجمع أعداداً كبيرة فيها الصالح والطالح. 

أما عن الجماعة من منظور سياسي فذلك هو ما يمكن أن ننتقد فيه هذه الجماعة التي تعد من أهم تنظيمات العالم، حيث ناضلت كثيراً من أجل الوصول إلى السلطة، في مصر تحديداً، فضلا عن باقي الدول الموجودة فيها، ظنا منها أن في وسعها تقديم مزيد من الخدمات عن طريق الإمكانات الضخمة للدولة، والتي تفوق بالفعل قدرات الجماعة. ولكن، جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، عندما وصلت إلى الحكم في مصر. ولم تستطع الجماعة تقديم شيء للشعب، بل على العكس دخلت البلاد في مشكلات وأزمات كثيرة، وما كان ذلك في الحقيقة إلا أن جماعة الاخوان اعتادت على العمل عشرات السنين في مجالات مختلفة، بعيدا عن الحكم، والذي هو قضية أخرى، تحتاج إلى أفكار مختلفة عن التي كانت تدار بها الجماعة من قبل.
هذا ما لم تكن تقتنع به الجماعة، حيث كانت ترفضه بشدة، متعللة بأن السبب فيما يحدث تلك المجموعات المعارضة لحكمها، بالإضافة إلى الثورة المضادة التي بدأت عملها، حتى من قبل خلع حسنى مبارك، وإن كانت محقة فيما تتعلل به، فإنه يدل على أنها كانت بحاجة إلى تغيير في طريقة تفكيرها وتعاطيها مع الأمور .
ومن الممكن أن نتفق أو نختلف بشأن جماعة الإخوان، من المنظور السياسي. ولكن، لا بد أن نعي أن المجتمع بحاجتها كجماعة تساهم بشكل كبير في أعمال المجتمع المدني، وليتهم ظلوا كذلك، ولو أن الجماعة قررت تخليها عن طموحها في القيادة، والعودة إلى العمل المجتمعي مع دور سياسي، يمثل التوازن في المسرح، نوعاً من أنواع المعارضة التي يجيدونها، وبرعوا فيها عشرات السنين، لكان خيراً لهم وللمجتمع. خصوصاً وأنها جماعة دعوية في الأساس، ومن المفترض أن كل ما يشغلها تحقيق الصالح العام للمجتمع كله، وليس للجماعة فقط. ولكن، للحق، ذلك الأمر لا يكون إلا بعد تسوية ملف الدماء الذى فتح على مصراعيه، ولم يغلق بعد، لأن الدماء لعنة تطارد أصحابها، ولا يقبل إنسان لديه مروءة إهدار دماء بغير حق، فكل الدماء غالية، وكما أنه من غير المقبول مقتل عسكري غدراً، من غير المقبول مقتل مدني ظلماً، فالوطن يحتاج سواعد كل أبنائه، متوحدين في مواجهة الأعداء الحقيقيين، الفقر والجهل والمرض.



54371B97-F27A-4F03-A352-C9873B781B99
54371B97-F27A-4F03-A352-C9873B781B99
السعيد حمدي (مصر)
السعيد حمدي (مصر)