غيمة تتجوّل خارج المشهد

22 اغسطس 2016
نوئين ماين هون/ فيتنام
+ الخط -

لوحة شخصية

يهرمُ الملاكُ
يصبح إنساناً
لم يبق الكثير من الحيل السحرية
تحت قميصه انطوى بعناية
جناحان متضائلان
ليس مهماً كم هي جيّدة عدسات النظر
عيناه تمرّان بوقت عصيب
وهو يقرأ مجلّة
بجوار علبة تبغ مجعّدة
في الجيب بطاقة هوية متغضّنة
العنوان في السماء غير واضح
يهرمُ الملاك
يتسكع في آخر كل ظهيرة
حول المقاهي
مديراً ظهره لشمس الصيف
يراقب العابرين
يلحظ الأشجار أوالنباتات
يتجرّع شراباً بارداً
يسير إلى غرفة الرجال
ويقف في الطابور صابراً

***

أحزان الصيف

من صيف إلى آخر
يستمتع العجائز بنزهاتهم
غيمة تتجول خارج المشهد
أمواج ورمال تبدو لامبالية
وكما في فصل أخير من دراما شعائرية
يطوي العشاق البطانيات وكراسي الشاطئ
وعالياً فوق صواري السفينة
يرفرف علم الشِّعر ذو اللونين
أكثر بياضاً من النسيان
أعمق زرقة من المحيط

***

جماليات من أجل عهد جديد

لاحاجة للإثارة المسرحية
دع قطرات ركوة القهوة
تتهم نفسها بسبب قصورها
لا تجادل
تلك الموسيقى المقرّر مصيرها
ستعتني بأصدائها
بعد حظر التجوال في منتصف الليل
اجلس أو ابق واقفاً
سنقف للتصوير مثل موديلات
كل وجه
تعبيرٌ عن صمته الغريب
على جذوع الأشجار الميتة
أسنان الشتاء
بالكاد تترك أثراً

***

عن قراءة مطبوعة قريبة العهد لشاعر فيليبيني تم اغتياله

أراهن أنك عرفتَ أفضل من الآخرين
الأشجارَ وحقول الأرزّ
الطيورَ وجداول الجبل
النساءَ والسجون
في وطنك العزيز
أنا من تلك البقعة الآسيوية المعتمة جئتُ
حيث الأصواتُ الإنسانية تجمع طحالب
داخل أرحام منتهكة سيئة التغذية
حيث الصامت الحقيقي ليس الحجارة
في الأسبوع الماضي
في أثناء مروري بنصب ريزال التذكاري
رأيت رحالة ملهوفاً
يراقب غروب شمس ساحل مانيلا الشهير
كنت أصوّر شاعراً فيليبينياً
يتجوّل في اللحظة نفسها على شاطئ دا نانغ فيتنام
وكنا نتبادل حديثاً ودّياً عبر المحيط الهادئ
حينها تساءلتُ
ما الذي يمكننا اقتسامه
بيننا نحن الاثنين
سوى
انطباعاتٍ سياحية؟

***

أحزان بجوار البحر

لا تشترِ بيتاً بجوار البحر
ما إن تعتادَ على الأمواج والجزر والمدّ
سيختفي الزمن
ومع أن كل صحائف النوتات الموسيقية تبدو بيضاء
يتحوّل القلبُ إلى آلة عزف وتريّة
لا تبن كوخاً على جزيرة أبداً
ما إن تعتادَ على الأصداف البحرية الميتة
ستبدو النهاراتُ والليالي مثل أدراج خالية
ذهبت عنها ألوانُ الفجر والغروب
في غياب كل الصور والأغاني
يصبح الذهن إيقاعاً خالصاً
نظماً تجريدياً
بحورَ صمتٍ شعرية

***

أوائل الثلج

الخريفُ على سرير موته
تحت عين الشمس القاسية
الليلة
لن يجرّ قمرٌ ظلّي
عبر حقولٍ مهجورة
نجمة فيجا الساطعة
تظهر في السماء
أتلك هي المرأة التواقة
في القصص الآسيوي القديم؟
إنني أحفرُ
أنخل غبار الذاكرة
منذ زمن طويل
وعلى قشور نوفمبر
أسقطُ يديّ الفارغتين
الثلجُ يعيد التوازن
شيئاً.. فشيئاً


* CHÂN PHƯƠNG شاعر فيتنامي ولد في كمبوديا عام 1951، وعاد إلى بلده فيتنام عام 1970، ودرس آداب اللغة الفرنسية في جامعة سايغون.

ظهرت أول أعماله الشعرية وتشكلت خلال فترة ما بعد توحيد فيتنام في عهد نظام شمولي، ونشط ثقافياً وسياسياً في المعارضة.

ومع بداية ثمانينيات القرن العشرين أصبح جزءً من شبكة أدبية وفنية تعمل سرّاً في سايغون، والتقى في هذه الشبكة بأصوات معارضة أخرى غالبية أفرادها من "هانوي"، وعلى شكل منشور سرّي تم تداول أول مجموعاته الشعرية في سايغون.

ونشر بعد ذلك، وبوصفه مساهماً منتظماً في مجلات الشتات الفيتنامي الأدبية، خمس مجموعات شعرية باللغة الفيتنامية، كما نشر مجموعة شعرية باللغة الانكليزية. يعيش في المنفى منذ 1987.


** ترجمة عن الإنكليزية محمد الأسعد

المساهمون