تتهافت الدول على إرساء منظومة معرفية تمكّنها من اللحاق بالركب التكنولوجي وتطوير مقدّراتها المعرفية، من أجل بناء اقتصاد قوي قادر على الصمود في وجه تقلّبات الأسواق العالمية، العولمة، التنافسية وسرعة الأداء.
تعاني الدول العربية من فقر معرفي تتجلّى مؤشراته في ضعف كبير لبنية إنتاج المعارف، حيث نجد أن الدول العربية تخصص فقط 0.4 % من الناتج المحلي الإجمالي للبحث والتطوير، وبذلك تساهم بنسبة ضئيلة لا تتجاوز 0.5% من الإنفاق الاجمالي العالمي على البحث والتطوير، بما مجموعه 7 مليارات دولار، حسب تقرير منظمة اليونيسكو عن العلوم للعام 2014. وممّا يلاحظ في هذا الشأن أن التحليل النوعي لهذه المؤشرات يظهر هدراً مالياً لمخصصات البحث والتطوير في العالم العربي، حيث تُصرف على شكل رواتب للأساتذة الباحثين من دون ربطها بالإنتاج العلمي، الأمر الذي لا يحفّز على البحث بالجامعات العربية.
وفي هذا السياق، تمثل قلة الباحثين أحد أوجه القصور في التركيبة المعرفية العربية، فعددهم محدود في مليون ونصف مليون باحث، بما يقارب 400 باحث لكل مليون نسمة. وينفق على الباحث العربي ما يعادل 40000 دولار مقابل 200000 دولار للباحثين بالدول المتقدمة و120000 دولار بالدول النامية. وعلى هذا الأساس، نسجل قلة في المنشورات العلمية العربية التي وقفت عند سقف 14235 منشوراً في العام 2014، بما يمثل 1.56% من المجموع العالمي للمنشورات العلمية، وكذلك ندرة في براءات الاختراع، فلم يسجل العالم العربي سوى321 براءة اختراع من ما مجموعه 210977 براءة اختراع مسجلة لدى المنظمة الدولية للملكية الفكرية.
وفي هذا السياق، تمثل قلة الباحثين أحد أوجه القصور في التركيبة المعرفية العربية، فعددهم محدود في مليون ونصف مليون باحث، بما يقارب 400 باحث لكل مليون نسمة. وينفق على الباحث العربي ما يعادل 40000 دولار مقابل 200000 دولار للباحثين بالدول المتقدمة و120000 دولار بالدول النامية. وعلى هذا الأساس، نسجل قلة في المنشورات العلمية العربية التي وقفت عند سقف 14235 منشوراً في العام 2014، بما يمثل 1.56% من المجموع العالمي للمنشورات العلمية، وكذلك ندرة في براءات الاختراع، فلم يسجل العالم العربي سوى321 براءة اختراع من ما مجموعه 210977 براءة اختراع مسجلة لدى المنظمة الدولية للملكية الفكرية.
وبناءً على ما تقدم، نستنتج وجود فجوة كبيرة بين العالم العربي والدول المتقدمة، فهناك فروقات تكنولوجية تفصل من يمتلك القدرة على استخدام تقنيات المعلومات والتواصل ومن يستهلكها، وتتسع هذه الفجوة الرقمية باختلافات معرفية تخص إمكانات التعلّم وإنتاج المعرفة عبر نُظُم وطنية للابتكار قادرة على تحويل الموارد المعرفية الأولى إلى قدرات استيعابية تنبني على الارتقاء بالكفاءات وتنمية المعارف عبر التراكم والتعلّم المستمر. وهنا، وجبت الإشارة إلى أن امتلاك التقنيات والأجهزة غير كاف لإقامة نظام وطني للابتكار، بل هو تحديث سطحي يستلزم إرادة سياسية قوية وحركة مجتمعية فاعلة ومناخ أعمال مشجع، تعمل على تصوّر شامل مدخله سياسي ـ ثفافي وناتجه اقتصادي لبناء اقتصاد معرفي قوي.
وعلى هذا النحو، فالابتكار يحتاج إلى امتلاك القيم العلمية والثقافية التي تدفع بتطوير البنى الإنتاجية والمرتكزات المعرفية، الأمر الذي يسائلنا عن العقل العربي والنهضة المعرفية. إن الخروج من براثن الفقر المعرفي إلى أفاق الابتكار يستدعي وجود سياسة علمية رصينة تكون حرية التفكير والتعبير حجر الزاوية فيها. وتسعى بذلك إلى إعداد متكامل للناشئة وتحفيز للإبداع والابتكار، معتمدة في ذلك على تحسين جودة التعليم عبر أساليب متجددة تصقل ملكات التنقيب والاستكشاف والقيادة لدى المتعلمين، وإسهامها في رسم معالم جديدة للهياكل الاجتماعية والسلوك الاقتصادي والأداء المؤسساتي بالعالم العربي.
وختاماً، لا بد من العودة إلى الدور المحوري للجامعات في التقدم بالاقتصاد المعرفي، فعلى المستوى العالمي، نجد أن الجامعات أصبحت تؤدي وظائف عديدة تمزج بين التكوين الجامعي، البحث العلمي والابتكار بما يشمله من إبداعات تكنولوجية، تنظيمية، خدمية وإدارية. وفي الواقع، لا تحقق الجامعات هذه الأدوار إلا إذا امتلكت حرية اتخاذ القرار واستقلالية تامة عن ضغوطات الدولة وكذلك التوفر على تمويل ضخم. ونتيجة لذلك، أضحت الجامعات شريكاً في التنمية من خلال الاستثمار في الرأسمال البشري، إقامة علاقات مادية وتجارية مع قطاع الأعمال، توفير بعثات للباحثين للمشاركة في البرامج التكوينية أو في التظاهرات العلمية، الاعتناء بمختلف الأبحاث وتنويعها من حيث النهج والتخصصات، علاوة على إنشاء مراكز للأبحاث والدراسات ورسم السياسات.
أما عربياً، فالجامعات تعاني من إشكاليات تدبيرية أبرزها ضعف الموارد، ويستوجب عليها التوجه نحو مهام جديدة تتعلق أساساً بالتعاقد على الأبحاث، تطوير بنى الابتكار والتشجيع على الاختراع، ناهيك عن تقديم الاستشارات والخبرات، بالإضافة إلى استدعاء العقول العربية المهاجرة والاستفادة من خدماتها، دون أن نغفل المكانة الهامة للإعلام في مرافقة عمل المؤسسات التعليمية بتسليط الضوء على النجاحات العلمية العربية وتخصيص حصص زمنية للتوعية والتوجيه العلمي بما يدعم ثقافة الابتكار ومجتمع المعرفة.
*باحث وأكاديمي مغربي
إقرأ أيضا: السكن الطلابي في لندن: فرص استثمارية خليجية
وعلى هذا النحو، فالابتكار يحتاج إلى امتلاك القيم العلمية والثقافية التي تدفع بتطوير البنى الإنتاجية والمرتكزات المعرفية، الأمر الذي يسائلنا عن العقل العربي والنهضة المعرفية. إن الخروج من براثن الفقر المعرفي إلى أفاق الابتكار يستدعي وجود سياسة علمية رصينة تكون حرية التفكير والتعبير حجر الزاوية فيها. وتسعى بذلك إلى إعداد متكامل للناشئة وتحفيز للإبداع والابتكار، معتمدة في ذلك على تحسين جودة التعليم عبر أساليب متجددة تصقل ملكات التنقيب والاستكشاف والقيادة لدى المتعلمين، وإسهامها في رسم معالم جديدة للهياكل الاجتماعية والسلوك الاقتصادي والأداء المؤسساتي بالعالم العربي.
وختاماً، لا بد من العودة إلى الدور المحوري للجامعات في التقدم بالاقتصاد المعرفي، فعلى المستوى العالمي، نجد أن الجامعات أصبحت تؤدي وظائف عديدة تمزج بين التكوين الجامعي، البحث العلمي والابتكار بما يشمله من إبداعات تكنولوجية، تنظيمية، خدمية وإدارية. وفي الواقع، لا تحقق الجامعات هذه الأدوار إلا إذا امتلكت حرية اتخاذ القرار واستقلالية تامة عن ضغوطات الدولة وكذلك التوفر على تمويل ضخم. ونتيجة لذلك، أضحت الجامعات شريكاً في التنمية من خلال الاستثمار في الرأسمال البشري، إقامة علاقات مادية وتجارية مع قطاع الأعمال، توفير بعثات للباحثين للمشاركة في البرامج التكوينية أو في التظاهرات العلمية، الاعتناء بمختلف الأبحاث وتنويعها من حيث النهج والتخصصات، علاوة على إنشاء مراكز للأبحاث والدراسات ورسم السياسات.
أما عربياً، فالجامعات تعاني من إشكاليات تدبيرية أبرزها ضعف الموارد، ويستوجب عليها التوجه نحو مهام جديدة تتعلق أساساً بالتعاقد على الأبحاث، تطوير بنى الابتكار والتشجيع على الاختراع، ناهيك عن تقديم الاستشارات والخبرات، بالإضافة إلى استدعاء العقول العربية المهاجرة والاستفادة من خدماتها، دون أن نغفل المكانة الهامة للإعلام في مرافقة عمل المؤسسات التعليمية بتسليط الضوء على النجاحات العلمية العربية وتخصيص حصص زمنية للتوعية والتوجيه العلمي بما يدعم ثقافة الابتكار ومجتمع المعرفة.
*باحث وأكاديمي مغربي
إقرأ أيضا: السكن الطلابي في لندن: فرص استثمارية خليجية