هل يخرج الاقتراض الداخلي الأردن من أزمة مديونيته؟

13 مايو 2015
من اليمين خالد الوزني ومهند عريقات (العربي الجديد)
+ الخط -

عادت الحكومة الأردنية للتوجه نحو الاقتراض الداخلي. خيار جاء بعد بلوغ دينها العام مستويات قياسية، وعدم قدرة اقتصادها على التعافي. فهل يخرجها من الأزمة؟

 

مهنّد عريقات: خطوة لها انعكاسات خطيرة
وصف الخبير في الأسواق المالية الأردني، مهند عريقات، إقدام الحكومة الأردنية على التوجه نحو الاقتراض من المؤسسات المالية العامة بـ"الخطير". وقال الخبير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن هذا التوجه ستكون له في الأمد القريب انعكاسات سلبية جداً على مناخ الاستثمار والإنتاج في الأردن.

ووصل الدين العام في الأردن إلى مستويات قياسية، حيث بلغ 29.3 مليار دولار خلال الفترة الأخيرة، أي بزيادة 1.2% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ودفعت هذه الوضعية رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب الأردني، خيرو أبو صعيليلك، إلى القول: "إن مديونية بلاده تخطت الحدود الآمنة، بعد أن قفزت بشكل كبير، بسبب الاضطربات التي تشهدها المنطقة العربية".

وتعليقاً على هذا الوضع، أكد الخبير الأردني مهند عريقات، أن مسألة الاقتراض من المؤسسات الحكومية مرتبطة أساساً بقدرة الحكومة على الوفاء بتعداتها تجاهها، وتسديد ديونها لهذه المؤسسات كي لا تستنفد السيولة المالية لديها.

وعن الانعكاسات السلبية لهذا الإجراء، كما وصفها المتحدث ذاته، فهي تكمن في استهلاك أموال ضخمة من المصارف، والتي يحتاجها المستثمرون، وخاصة منهم العاملون في القطاعات الصغيرة والمتوسطة، والذين سيتضررون بفعل غياب مصادر التمويل، ما سيؤدي إلى إضعاف قدرتهم تجاه مواجهة تحديات الاقتصاد الأردني الذي يعيش أزمة خانقة، حسب الخبير نفسه.

وأضاف المتحدث ذاته، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة الأردنية ملزمة اليوم باتخاذ قرارات قوية وسريعة، لذلك لا بد من البحث عن مخرج من خندق الديون الذي دخلته. واعتبر أن مسألة قبول الحل بالتوجه نحو الاقتراض الداخلي ينتظر التطبيق فقط.

وعن الحلول الممكنة أمام الحكومة لتفادي هذا السيناريو، شدد الخبير في الأسواق المالية، على ضرورة اقتناع الحكومة بأن رفع الأسعار والزيادة في الضرائب ليست حلولاً ناجحة للخروج من الأزمة، بل على العكس، بحسب مهند عريقات، وقال إن هذه الحلول أظهرت فشلاً في انحصار فرص العمل بسبب عدم قدرة الفاعلين الاقتصاديين على تحمّل كلفة الإنتاج، وكذا خوفهم من توظيف المزيد من الأموال في الاقتصاد الأردني، بالإضافة إلى تآكل القدرة الشرائية للمواطن الأردني، أمام استمرار ارتفاع أسعار المواد الأساسية. وأضاف أن حلول رفع الأسعار والضرائب، تعمّق شلل الاقتصاد الأردني، ولا تمنح بالمقابل سيولة كافية لمواجهة الديون المتراكمة على الأدرن داخلياً وخارجياً.

وعن محيط الأردن الجغرافي ودوره في الوضعية الاقتصادية التي يعيشها البلد منذ مدة، لفت الخبير في الأسواق المالية الانتباه إلى ضرورة تحرك الدبلوماسية الاقتصادية الأردنية، بقصد البحث عن منافذ إلى الأسواق البعيدة عن المحيط الجغرافي للمملكة، ومحاولة التسويق للإمكانية التي قد يوفرها البلد للمستثمرين الأجانب. وقال عريقات إن هذا الخيار أصبح أمراً واقعاً وملحاً، نظراً للشلل الذي تعرفه الحركة التجارية بين الأردن ودول الجوار بسبب الأوضاع الأمنية، وعدم قدرة الأسواق في سورية والعراق على استقبال حركة التجارة الأردنية، بل لم تعد ممراً آمناً للبضائع الأردنية الموجهة نحو التصدير براً.

وختم الخبير فهد عريقات تصريحه بالقول: "إن الشركات الأردنية وصلت إلى حد لم تعد معه قادرة على المساهمة في تحسين الوضع الاقتصادي الأردني، والمطلوب من الحكومة التوجه نحو دعمها، ودعم القدرة الشرائية للمواطن بالرفع من مصادر دخله، لأن هذه الخيارات قادرة مرحلياً على لملمة حالة الركود التي يعانيها الاقتصاد الأردني".

خالد الوزني: الجهاز المصرفي أكبر مستفيد
 قال الخبير في البنك الدولي، خالد الوزني، إن مسألة لجوء الحكومة الأردنية نحو الدين الداخلي من المؤسسات العامة ليس بطريقة جديدة، بل هي فقط عودة إلى المسار السابق للحكومات التي توالت على الأردن، بعد أن لجأت الحكومة الحالية طيلة عامين (مدة ولايتها الحالية)، إلى الاقتراض من الخارج عبر قناتين، الأولى من دول منطقة اليورو، والثانية من صندوق النقد الدولي، حيث استطاعت الحكومة عبر القناتين جمع 5 مليارات دولار، بنسب فائدة رخيصة مقارنة مع الدين الداخلي.

واعتبر الخبير الاقتصادي الدولي، في تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن 80% من ديون الأردن داخلية، ما يشكل قرابة 29 مليار دولار، لذلك يرى أن الجدل السياسي الدائر حول هذه المسألة متجاوز لأنها ليست بجديدة.

وأورد الخبير خالد الوزني مسألة مهمة في قضية الجهة المستفيدة من الديون الداخلية للحكومة، حيث قال: "إن الجهاز المصرفي الأردني سيكون أكبر مستفيد من عودة الحكومة إلى الاقتراض الداخلي، نظراً لنسب الفائدة العالية التي يفرضها عليها". وذهب المتحدث ذاته حد القول بأن مصادره داخل الجهاز المصرفي الأردني، عبّرت أكثر من مرة عن انزعاجها من انحصار اقتراض الحكومة منها، وذلك ما يبرر، حسب الخبير الوزني، إرضاء الجهاز المصرفي خلال الفترة السابقة بتخفيف أعبائه الضريبية.

وذكر الخبير لدى البنك الدولي أن الاقتراض الداخلي سواء عاد أم لم يعد، يبقى مسألة متجاوزة في ظل عجز الحكومة الأردنية عن تحريك عجلة الإنتاج، ومعالجة ما سماه بـ"التشوّهات" التي يعانيها الاقتصاد. ولفت المتحدث ذاته الانتباه إلى أن المصدر الرئيسي لتزايد حجم الدين العام للأردن، هو عجز شركة الكهرباء الأردنية عن تأمين مصادر إنتاج الطاقة، بسبب انقطاع إمدادات الغاز المصري لأكثر من 30 مرة متتالية، ما دفعها لاستعمال الوقود الثقيل الذي تعتبر كلفته مضاعفة وباهظة، لينعكس ذلك سلباً على كلفة تأمين الطاقة في الأردن، وارتفاع حجم المديونية خلال الثلاث سنوات الماضية بنحو 13 مليار دولار. ووصف هذه الأزمة في الطاقة بـ"فشل سياسة الحكومة وليس مشكلة في التسعير".

وقال خالد الوزني إن المحيط الجغرافي للأردن كان يمكن أن يكون نعمة عوض تسويقه كنقمة. وفسّر موقفه بعدم قدرة الحكومة على استقطاب الاستثمارات التي فرّت من سورية والعراق، التي توجهت نحو مصر وتركيا، بل استطاعت هذه الأخيرة "قنص" 6 مليارات دولار من الاستثمارات السورية، حسب المتحدث ذاته.

وعاب الخبير لدى البنك الدولي على الحكومة الأردنية تفكيرها بخلفية ضريبية. كما أورد في حديثه لـ"العربي الجديد" عدم قدرة الحكومة على توظيف منحة خليجية قدرها 3.750 ملايين دولار لتحسين مناخ الاستثمار بشراكة مع القطاع الخاص، بل ظلت هذه الأموال مكدسة في البنك المركزي الأردني، ما جعلها عبئاً على موازنة الحكومة.

إقرأ أيضا:3.6 مليارات دولار إنفاق السعودية على العمارة الداخلية
المساهمون