طرائف الامتحانات...احذر التخمين وادعاء المرض

25 مايو 2016
لا يمكن توقع نتائج الامتحانات إن لم تستعد جيداً(Getty)
+ الخط -
الامتحانات بشكلها الحالي ليست الطريقة المثلى لقياس مستوى تحصيل الطالب العلمي، ولكنها ما تزال الوسيلة الوحيدة الأصلح لذلك، هذه الجملة الموجزة عن صلاحية نظام الامتحانات أو الاختبارات تدفعنا إلى دائرة الشك والتساؤل عن طرائف الامتحانات وذكرياتها المبكية على اختلاف البلدان وتنوع الأوطان.

يقول المشرف والمطور التربوي الدكتور مسعد محمد زياد لـ "العربي الجديد: "الاختبارات وسيلة من الوسائل الهامة التي يعول عليها في قياس وتقويم قدرات الطلاب، ومعرفة مدى مستواهم التحصيلي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يتم بواسطتها أيضا الوقوف على مدى تحقيق الأهداف السلوكية، أو النواتج التعليمية، وما يقدمه المعلم من نشاطات تعليمية مختلفة تساعد على رفع الكفاءات التحصيلية لدى الطلاب".

التخمين أمر شائع
بينما ينبه أستاذ علم الاجتماع بجامعة النيلين السودانية الدكتور إسماعيل بيلو لـ"العربي الجديد": "لقد أصبح معتادا عندنا في جلسات الامتحان مشاهدة طالب أو طالبة تتقيأ أثناء جلسة الامتحان أو تدخل في غيبوبة أو على الأقل ادعاء المرض".

يرى بيلو أن الطلاب يمرون بموقف كهذا بسبب فرط الإجهاد والتوتر أو بسبب الطرق الخاطئة للمذاكرة والتحصيل العلمي، ويحكي أن أحد طلابه لم يراجع دروسه قبل وقت كاف من الامتحان، فاضطر ليلة الامتحان إلى اللجوء إلى "تخمين" بعض الموضوعات بناء على تكرار ورودها في امتحانات السنوات السابقة.
ولكنه فوجئ داخل القاعة بامتحان مغاير تماما لما "خمن" فادعى الشعور بآلام حادة في الصدر، وسرعان ما شخصها الطبيب الملازم للقاعة بأعراض مرض خطير، فشعر الطالب وقتها بالخوف على حياته، فأخذ يردد بصورة هستيرية يا دكتور أنا سليم.. أنا سليم".

تداركا لمثل هذا المأزق، ينصح الأستاذ بمدارس القبس السودانية أبو بكر جيكوني في إفادته لـ"العربي الجديد" بأنه لا بد من تنظيم الوقت وتقسيمه بحيث يلبي كل احتياجات الطالب فيخصص وقتاً للمذاكرة ووقتاً للترفيه ووقتاً للعلاقات الاجتماعية وينبه: "الإعداد المبكر والمذاكرة من بداية العام والثقة بالنفس، يخففان من ضغوط الامتحانات والأخطاء الشائعة الناتجة عنها".

ليس التخمين وحده من الوسائل الخاطئة للتحصيل ومراجعة الدروس، ينبه أستاذ اللغة الإنجليزية بمدرسة سنار الثانوية بالسودان عثمان محمد لـ"العربي الجديد": "أن الطلاب يهملون بعض المواد كاللغة الإنجليزية والتربية الإسلامية لصالح مقررات العلوم كالفيزياء والكيمياء بالرغم من أن التحصيل النهائي تعامل فيه المواد على قدم المساواة، ولهذا ظل يردد دائما أمام طلابه: الإنجليزي بمئة درجة والفيزياء بمئة درجة فلا تهملوا مقرر الإنجليزي البسيط من أجل مقرر الفيزياء الضخم".



التأخر عن الامتحان
يبالغ بعض الطلاب في السهر أيام الامتحانات إلى أوقات متأخرة تجعلهم غير قادرين على الاستيقاظ مبكرا والخروج إلى المدرسة أو الجامعة قبل وقت كاف يجنبهم أزمات المواصلات العامة والازدحام المروري، نقلت صحيفة المجهر السودانية أن شهود عيان رووا للصحيفة أن الطالبة كانت تقف بمحطة حميدان بمدينة أم درمان انتظارا لحافلة نقل عام تقلها إلى مكان الامتحان إلا أن المواصلات كانت تشهد أزمة خانقة ذلك الصباح.

وكلما مرت دقائق تسوء حالتها حتى دخلت في نوبة بكاء، فاضطرت الطالبة للاستنجاد بشرطة النجدة على رقمها المميز (999) لتخليصها من أزمة مواصلات فحضرت دورية مسرعة وحملت الطالبة إلى جامعتها للجلوس لامتحانها.

وتحكي السيدة همت عن ابنتها قائلة: انتظرنا طويلا جدا انتهاء مرحلة الثانوية العامة لابنتنا الكبرى المتفوقة لتلتحق بكلية الطب التي توقعها لها الجميع، وما إن ظهرت النتيجة والتي تعودنا عليها تقترب من النهائيات دائما حتى صدمنا، ففي مادة الأحياء هناك 10 درجات ناقصة، وحينما ذهبنا للكشف على الورقة وجدنا أن ابنتنا قرأت سؤالا بكامله خطأ، وأجابت عنه وفق ما ارتأته وليس ما هو موجود في ورقة الأسئلة، وكان هذا قدرها حيث التحقت بكلية لم تكن تفكر بها يوما.

في المقابل، يشير الخبير في الإدارة المدرسية الدكتور متوكل الفادني في إفادته لـ "العربي الجديد" إلى أن بعض المعلمين يرتكبون أخطاء فادحة تزيد من ارتباك الطالب وتشتيت تركيزه، من ذلك ما كان يفعله أستاذه في المرحلة الثانوية حيث كان يرفع صوته في قاعة امتحانات الشهادة الثانوية - المؤهلة للالتحاق بالجامعة - مؤنبا الطلاب على عجزهم عن الإجابة على بعض الأسئلة التي طالما نصحهم بالانتباه إليها، فيزداد الطلاب عجزا وارتباكا.



بنك الأسئلة
تسهيلا على الطلاب في اجتياز الامتحانات وأجوائها النفسية القاسية لجأت بعض الشركات إلى تبسيط المواد على هيئة سؤال وجواب، وعرفت هذه الطريقة بـ"بنك الأسئلة" بدلا عن دراسة المادة بصورة منهجية شاملة، إلا أن هذه الطريقة لا تجد قبولا عند خبراء التربية الغربيين ويتهمونها بأنها جعلت "الطلاب على نحو متزايد مجرد آلات لأداء الامتحانات، ونتيجة لذلك، تم تقليص عقولهم بشكل مطرد".

يقال إن أول ظهور للاختبارات كان في الصين، حيث كانت تسمى بالاختبارات الإمبراطورية وكانت تشمل العلوم الستة وتتضمن الموسيقى والرماية والفروسية والحساب والكتابة وعلوم الشعائر والاحتفالات الخاصة والعامة."

وعن النمط الحديث من الاختبارات فإن أوروبا عرفت اختبارات القياس في بدايات القرن التاسع عشر الميلادي، وكانت مشابهة للاختبارات الصينية عن طريق توماس تايلور ميدوز، القنصل البريطاني والمسؤول عن الاستعمار البريطاني في جوانغ زوه في الصين. وقام ميدوز بالتحذير من سقوط الإمبراطورية البريطانية إذا لم يتم تطبيق اختبارات القياس في كافة أرجاء البلاد في أسرع وقت ممكن.

لكن لم تكن اختبارات القياس جزءا من تقاليد التربية الغربية قبل أن يتم اعتمادها، فلقد كانت تقاليدهم مأخوذة من اليونانية القديمة القائمة على النقاشات غير المقيدة التي تتسم بالمعارضة، بالإضافة إلى تفضيلهم الطريقة الأكاديمية الغربية وهي أن يكتب الطلاب تقييمات مختلفة على شكل مقالات.

ولهذا، كانت أول منطقة تم تطبيق اختبارات القياس فيها هي الهند التي كانت مستعمرة من قبل بريطانيا، قبل أن تطبق في بريطانيا، ومن ثم تنتشر بعد ذلك في أنحاء العالم.