في يومه العالمي.. المعلم ظالم أم مظلوم؟

09 أكتوبر 2015
قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا(Getty)
+ الخط -
المعلم ظالم داخل الفصل، مظلوم خارجه"، كان هذا أدق وصف للمعلم العربي في يومه العالمي، والذي احتفلت به "اليونسكو" في الخامس من أكتوبر الجاري. وقد حظي اليوم العالمي للمعلم باهتمام بعض الدول العربية وتجاهل دول أخرى، كما عبر كثيرون عن شكرهم المعلم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

فقد انتشر وسم #كلنا_نقدرك في المملكة العربية السعودية، وأطلق مركز تعليم أبوظبي وسم #شكرا_ معلمي، واحتفلت دول خليجية أخرى كقطر والإمارات والبحرين بيوم المعلم، ولا ينفي هذا تجاهل بعض الدول العربية الأخرى ليوم المعلم أو حقه في التكريم وعلى رأسها مصر والتي لم تهتم وزارة التربية والتعليم بها بإصدار أي بيان أو كلمة شكر واحدة. 

ولكن كيف يكون المعلم ظالما ومظلوما في نفس الوقت.. ولماذا خلص الكثيرون لنفس النتيجة في يومه العالمي؟ وهل المعلم حقا "ظالم داخل الفصل، مظلوم خارجه؟"!


المدرسون يدافعون
يقول محمد، مدرس لغة فرنسية: من الناحية المادية فالمعلم يتقاضى أقل دخل في الدولة، ومن الناحية المعنوية فالطالب غالبا لا يلتزم بالأدب المفروض، وكثيرا ما يتطاول على المدرس، خاصة مع تفعيل قانون منع الضرب والعقاب في المدارس.

وتتفق مروة، معلمة الرياضيات، مع رأي محمد، وتضيف: الكل يفتري على المدرس، في حين أنه شخص مهضوم حقه، ضاعت هيبته وشُهر به ولا يجد ما يوفر له حياة كريمة ولا يجد من يدافع عن حقوقه أو يرد له كرامته، يتحدثون عن عدد قليل من أباطرة المعلمين الذين يتقاضون أموالا طائلة من الدروس الخصوصية، ويحسبون أن جميع المعلمين على نفس الشاكلة، فلا سياسة تعليمية ولا تخطيط ولا مناهج منتقاة ولا وسائل مساعدة ولا تدريبات، فكيف يكون ظالما داخل الفصل!.

وهكذا ينفي المعلمون صفة الظلم عن أنفسهم، ويؤكدون مظلوميتهم فقط، أما من وجهة نظر أولياء الأمور فالأمر مختلف، فهم يلقون بتبعة تدهور العملية التعليمية على كاهل المدرس الذي تخلى عن أداء رسالته ومسؤوليته، واتجه للدروس الخصوصية متخذا منها مصدرا أساسيا للرزق. 

اقرأ أيضا:استعد لدخول المدرسة مع د.بتول خليفة

تقول هبة (ولية أمر)، المدرس هو من أهان نفسه بنفسه، حينما تكاسل عن أداء دوره على أكمل وجه في الفصل، واهتم بتحسين وضعه المادي خارجه، ولو على حساب الأصول والأعراف والأخلاق، موضحة: ابنتي في الصف الثاني الثانوي تأخذ حصة الكيمياء بـ 70 جنيها مصريا، ويشترط المدرس أن تكتمل المجموعة بعدد 20 طالبا، كما يشترط بدء المجموعة في أول سبتمبر/أيلول، وبالتالي فإن الطالب الذي يريد تأجيل الدروس الخصوصية شهرا أو اثنين لن يجد له مكانا مع أي من المدرسين.

وتضيف أخرى: كنت قد أخذت عهدا على نفسي بعدم إعطاء أولادي أي دروس خصوصية، ولكن المدرس لا يهتم بالشرح وإيصال كل المعلومات التي يحتويها الكتاب، وليس عنده أي ضمير ويتحكم في درجات الطالب استنادا إلى بند "درجات أعمال السنة

علاقة غير سوية
وإن كان المعلم مهتما بالدفاع عن نفسه ونفي صفة "ظالم" عن كاهله، في حين يصر أولياء الأمور على جشعه وظلمه، فإن الطالب صاحب الأولوية في هذه الدائرة يجد نفسه متعايشا مع هذه العلاقة غير المتزنة وغير السوية بينه وبين المدرس، هذه العلاقة التي لخصها الفنان محمد هنيدي في فيلمه "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة" حينما قال: "المدرس من دول طالما دخل البيت وأكل الكيك وشرب الشاي إزاي هتحترمه تاني؟".


وتؤكد زينب الطالبة في الصف الأول الثانوي، هذا الكلام بقولها: إن كان المدرس مظلوما خارج الفصل الدراسي بسبب راتبه وتدني مستواه الاقتصادي وعدم أخذ وضعه الاجتماعي اللائق، والتصرف معه على عكس ما اشتهر عن كونه رسولا للعلم "قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا"، فإن المعلم أيضا يعد ظالما داخل جدران الفصل الدراسي، حيث يكون هو الآمر الناهي كونه المتحكم في درجات التلميذ والتي تحدد بدورها مستقبله الذي يزحف أولياء الأمور ويضغطون على أنفسهم ليجعلوه باهرا

الإعلام مسئولا
ويلخص عبد الحفيظ طايل، رئيس مركز الحق في التعليم، الرأي في هذه القضية الشائكة، فيقول: يمكن اعتبار كل الأطراف في العملية التعليمية "مظلومة"، فالمعلم مظلوم ظلماً بيّناً والطالب أيضا مظلوم وأولياء الأمور كذلك. 

ويحمل طايل الآلة الإعلامية مسؤولية كل هذا الظلم التابع على الجميع، فالإعلام أخذ في تشويه العلاقة بين المدرس والطالب على مدار سنوات، كونها تُحمل المدرس فوق طاقته، فالمعلم ليس مسؤولا عن عنف الطالب ولكن التدني الأخلاقي في المجتمع هو المسؤول الأول، أيضا المدرس ليس مسؤولا عن عقم المناهج وتناقضها وإنما الدولة هي المسؤول الأول، أما بالنسبة لأولياء الأمور، وحتى يتوقفوا عن اتهام المدرس بالجشع والظلم، فلا بد من أن تتحول الدروس الخصوصية إلى جريمة يعاقب عليها القانون، وفي المقابل تزيد مرتبات المدرسين بشكل يحقق لهم حياة آدمية.


اقرأ أيضا: المعلم العربي.. إليك الوصايا السبع

المساهمون