عامٌ على الحصار... إنجازاتٌ قطرية وتحضيراتٌ مونديالية

05 يونيو 2018
برشم حقق إنجازاتٍ كبيرة خلال هذا العام (العربي الجديد)
+ الخط -
أكدت الرياضة القطرية خلال عامٍ كامل أنها قادرة على النجاح والوصول إلى العالمية، بالرغم من الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات ومصر والبحرين على الدوحة.

كأس العالم
تهتم دولة قطر بأدقّ التفاصيل المتعلقة باستضافة كأس العالم 2022 على أراضيها، وتضع كافة الخطط لظهور هذه النسخة بأفضل حلّة ممكنة، وذلك من خلال الخدمات المقدمة والملاعب والمرافق الخاصة بالمنتخبات والمشجعين والبنى التحتية وحتى العمال.

ودعمت العديد من الأطراف قطر بسبب قدرتها على النجاح، لكن البعض حاول سحب ملف تنظيم المونديال منها لأسباب سياسية، غير أن الرد كان دائماً يأتي في وقته، إذ قال رئيس الاتحاد الدولي للعبة جياني إنفانتينو، في إحدى المناسبات، إن فيفا راضٍ عما أنجز، وإن الجميع سيشهد نسخة استثنائية، أما نجم ليفربول السابق جون أرون ريزيه فقال: "ما رأيته هنا يعتبر رائعاً، ستكون الملاعب قريبة جداً ولن يضطر المشجعون واللاعبون والمدربون للسفر مسافات بعيدة بين الاستادات ومواقع التدريب".

وعلى الرغم من التضييق على قطر من خلال الحصار ومحاولة إضعافها اقتصادياً، استمر العمل من قبل اللجنة العليا للمشاريع والإرث على ملاعب المونديال، وأكد العديد من الأطراف أن المرافق الخاصة بالحدث ستكون جاهزة قبل فترة زمنية من موعد المونديال، وهي ستحتوي على أنظمة تبريد كي تناسب اللاعبين وحتى الجماهير، تحسباً لعوامل الطقس الحارة التي قد يشهدها مونديال 2022.

وتتميّز ملاعب قطر التي ستستضيف العرس العالمي بسعتها الكبيرة التي تراوح بين 40 و60 ألف شخص لتتناسب مع متطلبات فيفا، فملعب "البيت" مثلاً يعكس التاريخ القطري، كما أن واجهات الاستاد صنعت من مادة "بولمير"، فيما جاءت أشكال الملعب من الداخل لتحاكي فن السدود الشهير المستخدم في الخيمة العربية التقليدية، كما أطلق مشروع "المساحات الخضراء وحديقة الأجيال"، وذلك من خلال تشجير مناطق الملاعب من خلال مشتل زراعي ضخم قادر على تأمين كل المتطلبات.

من جانبٍ آخر، حاولت بعض التقارير تسليط الضوء على حال العمال في قطر، وتحديداً الذين يشتغلون في تشييد ملاعب مونديال 2022، وأرادت تلك الأطراف الحديث عن عدم تمتعهم بحقوقهم، لكن قطر ردت ببطولة كأس العمال 2018 بنسختها السادسة.

ودعمت دولة قطر هذه البطولة التي أقيمت على ملعبي الدحيل والسد، فيما كان ملعب "عبد الله بن خليفة" مسرحاً للافتتاح والنهائي، وهي التي ترعاها لجنة المشاريع والإرث القطرية التي تُشرف على بطولة كأس العالم 2022.

استطاعت هذه البطولة أن تُقدم الصورة الحقيقية لقطر واهتمامها الكبير بالرياضة وبأحوال العمال، إذ شارك نحو 640 لاعباً توزعوا على 32 فريقاً، قسموا على ثماني مجموعات وعاشوا أجواء تنافسية تشبه نظام كأس العالم بالضبط.

اليوم الرياضي "الاستثنائي"
أن تتحول البلاد قاطبة إلى ملعب أخضر كبير، فهذا يعتبر إنجازاً كبيراً بالنسبة لقطر خلال عام الحصار، إذ لم تتوقف النشاطات الرياضية أبداً، وجرى الاحتفال الكبير في يومه تنفيذاً للقرار الأميري رقم 80 لسنة 2011، الذي نصّ على أن يكون يوم الثلاثاء من الأسبوع الثاني لشهر فبراير/ شباط من كل عام يوماً رياضياً بامتياز، تتم من خلاله دعوة الجميع لممارسة الأنشطة الرياضية.

في شهر فبراير/ شباط، قدّمت قطر للعالم صورة عن قوتها الرياضية، وحوّلت أراضيها إلى ملعب كبير، مارس خلاله عشرات آلاف المواطنين من كافة شرائح المجتمع هواياتهم الخاصة، إيماناً من الدولة بضرورة المساهمة في تطوير الفرد والمجتمع.

وما يؤكد أن قطر عاصمة الرياضة هو قدرتها على استيعاب هذا الكمّ الهائل من الناس الساعين إلى ممارسة الرياضة في يوم واحد من السنة.

وبرهنت قطر بالرغم من الحصار على قدرتها التنظيمية الكبيرة، فاهتمت بالمرأة أيضاً في اليوم الرياضي، وخصصت العديد من الأماكن للسيدات، تضمنت أنشطة اللياقة البدنية والزومبا والملاكمة والكارتينغ وورشة عمل للتوعية الصحية والمساج للسيدات، وفعاليات للأطفال، مثل الكارتينغ، والسيارات والقلاع المطاطية.

إنجازات متنوّعة
"تميم المجد"، عبارةٌ رافقت إنجازات النجم القطري معتز برشم في المحافل العالمية، فهو لم يتوان يوماً عن رفع علم قطر واسم أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عند كلّ إنجاز حققه.

قائمة الانتصارات التي سجلها برشم في مسيرته كثيرة، لكن منذ بداية الحصار على قطر زاد إصراره على الفوز، ففي حوار سابق مع "العربي الجديد"، قال: "الحصار الظالم منحني مزيداً من الطاقة للعمل والاجتهاد والإبداع ورفع راية بلادي خفاقة في كل المحافل الدولية والعالمية، والشعب القطري برهن للجميع على قدرته الكبيرة على تحدي هذا الحصار، والرسالة التي وجهها الشعب القطري كانت في كلمة (كلنا تميم)".

وحقق برشم يوم 13 أغسطس/ آب 2017، في العاصمة البريطانية لندن، الميدالية الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى بالوثب العالي، حين سجل ارتفاعاً قدره 2.35 متر، متفوقاً على الروسي دانيال ليسنكو.

بعد أيام عاد برشم وحصد الميدالية الذهبية في الدوري الماسي الذي جرى في برمنغهام، ما دفع صحيفة ليكيب الفرنسية إلى الإشادة به.

وجنى برشم ثمار جهده حين توّج بجائزة أفضل رياضي في القارة الآسيوية لعام 2017، ليعود ويدخل التاريخ يوم 24 نوفمبر/ تشرين الثاني، حين حصد جائزة رياضي العام، بعد اختياره من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم في احتفالية نظمها بإمارة موناكو الفرنسية، متفوقاً على نخبة من الأبطال العالميين، على رأسهم البريطاني محمد فرح.

إنجازات برشم استكملت عام 2018، على الرغم من الحصار على قطر، وزادت قناعته بتحقيق الانتصار، فأهدى بلاده ميدالية ذهبية في بطولة الألعاب الآسيوية للقوى داخل الصالات، قبل أن يُحرز رقماً قياسياً جديداً لبطولة الدوري الماسي لألعاب القوى، بعدما نجح في تحقيق وثبة بلغت (2.40 متر)، وذلك ضمن منافسات الجولة التي تحتضنها العاصمة القطرية الدوحة، ولحقه العدّاء عبد الله هارون، بميدالية برونزية في سباق 400 متر.

وتطول قائمة الإنجازات التي أبقت اسم قطر عالياً في سماء الرياضة العالمية، فعلى الرغم من صغر سن القطري فارس حسونة، استطاع حصد الفضية لوزن 94 كلغ، في منافسات بطولة العالم لرفع الأثقال في الولايات المتحدة الأميركية.

من جانبٍ آخر، تُوج فارس إبراهيم بطلاً للعالم للشباب في رياضة رفع الأثقال، كما حقق الميدالية الفضية في بطولة النتر للكبار في أميركا في الرياضة نفسها، ونال عبد الرحمن عبد القادر الميدالية الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة في رياضة رمي الكرة الحديدية، وكذلك سارة مسعود عن فئة النساء التي حصدت الفضية في الفئة عينها، بالإضافة إلى تتويج ناصر العطية بأكثر من رالي عالمي.

ولم تقتصر الإنجازات على التفوق الفردي، بل إن الرياضات الجماعية كان لها أيضاً نصيب خلال عام الحصار على قطر، فتوج نادي الغرافة بلقب بطولة كرة اليد العربية، حين هزم الاتحاد الليبي في المباراة النهائية في النسخة الرابعة عشرة التي جرت في مدينة صفاقس التونسية.

أما منتخب قطر للشباب، فقد مثّل البلاد خير تمثيل، وذلك حين حصد المركز الثالث في بطولة كأس آسيا 2018 التي جرت في الصين، ليتوج بالميدالية البرونزية، وهذا الأمر يؤكد أن قطر ستمتلك منتخباً مميزاً في مونديال 2022 الذي تستضيفه أراضيها.

أما الإنجاز الجماعي الأكبر فكان تتويج المنتخب القطري ببطولة آسيا لكرة اليد للمرة الثالثة في تاريخه، بعدما هزم البحرين في النهائي، وهو الذي كان قد توج في 2014 و2016، ليتفوق بذلك على منتخبات كثيرة، كما أنه تأهل لبطولة العالم التي ستُجرى في ألمانيا والدنمارك عام 2019.

وتمسّكت قطر خلال هذه الفترة بحقها في اللعب على أراضيها، حين كانت تواجه أحد الأندية الإماراتية أو السعودية، بعد محاولات متواصلة للعب على أرض محايدة من قبل الأخيرة، لكن المساعي فشلت، وهذا الأمر يعتبر إنجازاً للاتحاد والكرة القطرية على حدٍ سواء.

وآخر الإنجازات الدعوة التي وجّهها اتحاد أميركا الجنوبية "الكومينبول" للاتحاد القطري من أجل المشاركة في كوبا أميركا المقبلة، وهو الأمر الذي سيشكل حدثاً تاريخياً بالنسبة للعنابي.
دلالات
المساهمون