الغش في المغرب: تلميذ يقتل زميلاً رفض "تنقيله" وآخر يطعن أستاذه

20 يونيو 2018
العنف المدرسي للغش في الامتحانات (تويتر)
+ الخط -
شهد اليوم الثاني من امتحانات المستوى الإعدادي، التي تنتهي اليوم الأربعاء، في مختلف مراكز الاختبار بالمغرب، حادثتين مؤسفتين بسبب الغش، هزتا الوسط التربوي والتعليمي في البلاد، الأولى كانت عبارة عن عنف جسدي من تلميذ حيال أستاذ الحراسة، والثانية جريمة قتل شنيعة بطلها تلميذ والضحية زميل له.

مدينة قلعة السراغنة الهامشية كانت مسرحا لجريمة قتل مروعة انطلقت أولى خيوطها من داخل قسم الامتحانات يوم أمس، عندما طلب تلميذ من زميل له أن يمده بالأجوبة الصحيحة حتى يملأ ورقته الفارغة، لكن صديقه رفض، فما كان من التلميذ "المتكاسل" سوى تهديد زميله بالانتقام.

وبعدما قدم التلميذ ورقة شبه فارغة إلى أساتذة الحراسة في الفصل، لم يكن يعتقد أحد أن ساحة المدرسة ستعرف جريمة مروعة لم تشهدها المدينة من قبل، حيث استل التلميذ سكينا وأدخلها في جسد زميله، لكونه رفض أن يمده بورقة "النقلة"، كما تسمى، أي الورقة التي تتضمن الأجوبة الصحيحة لأسئلة الامتحان.

صُدم التلاميذ الذين تحلقوا حول التلميذين المتعاركين وسط ساحة المدرسة من هول المشهد، حيث تطور التنابز بالألفاظ إلى معركة بالأيدي قبل أن تنتهي بـ"نغزة" من سلاح أبيض صغير، سقط على أثرها التلميذ الضحية مضرجا في دمائه، ليتم نقله على وجه السرعة إلى المشفى، ويفارق الحياة إثر الاعتداء.

عبد العظيم أشنوك، فاعل تربوي بمدينة قلعة السراغنة، قال في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إنّ هذه الحادثة تطرح عدة أسئلة بشأن مستوى المراقبة في الأقسام، باعتبار أنه كيف تمكن التلميذ من إدخال سكين إلى الفصل الدراسي ويجتاز الامتحان دون أن يفطن إليه أحد.

وتابع التربوي ذاته بأن السؤال الثاني الذي يطرح نفسه يتعلق بآفة الغش في الامتحانات، فرغم أنه امتحان لا يرقى من حيث الأهمية إلى اختبارات البكالوريا (الثانوية العامة)، لكنه رغم ذلك اتسم بجرعات من العنف، ليظهر أن الغش ينطلق حتى من المستويات الدراسية المبكرة، وليس فقط عند اجتياز البكالوريا.

ووفق المتحدث ذاته، فإن العنف المدرسي في حالة جريمة قلعة السراغنة لم يكن يتعلق بسلوك من تلميذ تجاه أستاذه أو العكس، كما في حالات سابقة عديدة، ولكنها ترتبط أساسا بالرغبة في الحصول على أوراق غش في الاختبار، وهو ما يستوجب إعادة النظر في تقييم وسائل ومنهجيات الامتحانات الدراسية.

وفي مدينة سلا غير البعيدة من العاصمة الرباط، اتخذ العنف المدرسي في امتحانات المستوى الإعدادي نفسها بعدا آخر، هو "تشرميل"، كما يسميه المغاربة، متمثلا في ضرب تلميذ لأستاذ حراسة داخل القسم بآلة حادة بالقرب من أذنه، تطلب نقله إلى المستشفى وخياطة جرحه الغائر بعشرة غرز.

ومثل حالة قلعة السراغنة ارتبطت واقعة "تشرميل" التلميذ للأستاذ داخل القسم بالغش في الاختبار، حيث إن التلميذ دخل إلى القسم بهاتف محمول، وهو الأمر المحظور وفق قوانين الامتحانات، فتدخل الأستاذ ليمنعه من ذلك، لكن التلميذ أصر على الحفاظ على هاتفه، حيث كان ينوي استعماله للغش في الاختبار.

ويحكي الأستاذ الذي تعرض لتعنيف التلميذ، في تصريح لـ"العربي الجديد"، ما حصل، قائلا إنه بعدما تمّ حل مشكلة الهاتف بتدخل من إدارة المؤسسة التعليمية، عاد التلميذ الذي كان في حالة هيجان منذ البداية بدليل شتائمه الكثيرة ضد الجميع، إلى إحداث ضجيج لطلبه من زملائه أجوبة الامتحان.

وتابع المتحدث أن هذا الأمر استدعى تدخل مراقبي التلاميذ داخل الفصل الدراسي، لكن التلميذ رد بتوجيه السباب والتهديد بالقتل إذا ما تم منعه من "النقيل"، فأخرج سكينا ليوجه ضربته إلى جزء من أذنه لتسيل الدماء، قبل أن يتدخل رجال الأمن لتوقيف التلميذ المعتدي، ونقل الأستاذ الضحية إلى المشفى حيث تم تسليمه شهادة تثبت عجزه لمدة 4 أسابيع.



وشجبت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الرباط الاعتداء على الأساتذة، معتبرة أن الظاهرة مشينة تستوجب تظافر جهود جميع الأطراف، موردة أن حالة الأستاذ أظهرت عدة اختلالات تربوية، منها مواصلة إحضار التلاميذ لهواتفهم رغم منعها، وايضا إحضار السلاح الأبيض إلى المؤسسات التعليمية. 
المساهمون