هل الآباء أكثر سعادة من الأمهات؟ كتبت الأستاذة المساعدة في علم النفس كاثرين منيلسون كوفي، في موقع "سايكولوجي توداي": "عندما كنتُ حاملاً في طفلي الأول، أخبرني أحد الأصدقاء عن مقدار الجهد الذي كانت تبذله زوجته لرعاية ابنتهما. تحدّث عن ليالي الأرق والرضاعة الطبيعية وغيرها. قلت له: حسناً، هذا لا يبدو عادلاً. على الرغم من كونه والد شغوف وشريك متفانٍ، بدا موافقاً".
توضح أنه على الرغم من تطوّر ثقافتنا نحو مزيد من المساواة بين الأبوة والأمومة، والذي يتجلى في تزايد أعداد الآباء الذين يبقون في المنزل، فإنّ معايير النوع الاجتماعي ما زالت تملي التوقعات المتعلقة بتربية الأطفال. تميل الأمهات إلى تحمّل المزيد من المسؤولية عندما يتعلق الأمر بتربية الأطفال. ولا يقتصر الأمر على قضاء وقت أطول معهم فحسب، بل يتولين أيضاّ إدارة المنزل والتأكد من أن كلّ شيء يسير بسلاسة. على النقيض من ذلك، فإنّ الآباء غالباً ما يصبحون "الأشخاص المرحين" الذين يقضون الوقت مع أطفالهم في اللعب أو الترفيه.
استناداً إلى هذه المعايير المتعلقة بالجنسين، والتي تقود إلى اختلافات في تجارب الأمهات والآباء، وخلال تحليل دراستين، تبين أن الآباء أكثر سعادة وأقل عرضة للاكتئاب، في حين تحدثت الأمهات عن متاعب يومية. وفي دراسة أخرى ركزت على شعور الأمهات والآباء أثناء رعايتهم أطفالهم والتفاعل معهم، طلب من المشاركين تنزيل تطبيق على هواتفهم الذكية، وتلقوا إشعارات ثلاث مرات يومياً للإجابة عما يفعلون، ومع من يتفاعلون، وكيف يشعرون. وبينت النتائج أن الآباء أكثر سعادة من الأمهات حين كانوا يعتنون بأطفالهم أو يتحدثون أو يتفاعلون معهم. في المقابل، كانت نسبة سعادة الأمهات أقل بالمقارنة مع الأنشطة اليومية الأخرى. هذه النتائج تشير إلى وجود فجوة تتعلق بسعادة الأمهات.
تعتمد السعادة النسبية للأمهات والآباء بشكل جزئي على كيفيّة قضاء الوقت مع أطفالهم. في الدراسات، كان الآباء يتحدثون عن اللعب مع الأطفال والتفاعل معهم إلى جانب الرعاية. واللعب يمنحهم فرصة لاختبار عواطف إيجابية ، مثل الحب أو الفرح، وبناء علاقة أوثق مع أطفالهم. بالطبع، العكس ممكن أيضاً، أي أن الآباء يلعبون أكثر مع أطفالهم لأنّهم يشعرون بالسعادة فعلاً.
من جهة أخرى، فإنّ شعور الأمهات بالمسؤولية في تربية أطفالهن يؤثّر سلباً على سعادتهن. وتشير الدراسات إلى أن الأمهات يقضين وقتاً أطول مع أطفالهن، ويتحملن مسؤولية أكبر في ما يتعلق بتنظيم وجدولة الأنشطة العائلية والحفاظ عليها. هذه المهام غير المرئية تزيد من توتّر الأمهات وتحد من سعادتهم.
كذلك، فإنّ هذا التفاوت في السعادة يرتبط بالتوقعات المتعلقة بالأمومة والأبوة. يُنظر إلى الأب الذي يقضي وقتاً مع أولاده بأنه والد ممتاز، لكن الأمهات لا يحصلن على الثناء نفسه على جهودهن. بعبارة أخرى، يحصل الآباء على تقدير إضافي نتيجة سلوك يعدّ متوقعاً من الأمهات.