الماريجوانا إرث أوبامي آخر ينقلب عليه ترامب

07 يناير 2018
لتشريع الماريجوانا مردود اقتصادي كبير (إيثان ميللر/ Getty)
+ الخط -
شدّ وجذب جديد تشهده الولايات المتحدة، والسبب كالعادة انقلاب إدارة الرئيس دونالد ترامب على كلّ ما أنجزته إدارة سلفه باراك أوباما. الخطوة الأخيرة تسعى إلى التضييق على الولايات التي شرعت الماريجوانا

ردت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على قرار ولاية كاليفورنيا تشريع زراعة واستهلاك نبتة الماريجوانا وجعل تعاطيها والاتجار بها قانونياً في الولاية مع بدء عام 2018، فألغت عدداً من الإجراءات القانونية التي كانت قد اتخذتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما لتنظيم العلاقة بين السلطات الفدرالية وسلطات الولايات التي تشرّع الماريجوانا ولا تعتبر حيازتها فعلاً يعاقب عليه القانون.

وكانت إدارة أوباما، التي تعتبر الراعية الأولى لحملة تشريع الماريجوانا، قد اتخذت إجراءات تمنع السلطات الفدرالية من ملاحقة متعاطي الماريجوانا في الولايات التي شرعت استخدامها. لكنّ الإدارة الجمهورية الحالية ممثلة بوزير العدل المحافظ جيف سيشنز ألغت الأسبوع الماضي تلك الإجراءات وأعادت الصلاحيات للسلطات الأمنية الفدرالية بملاحقة جرائم الماريجوانا في جميع الولايات بما فيها تلك التي اقترع ناخبوها لصالح تشريع النبتة المخدرة.

أثارت خطوة سيشنز ردود فعل مستنكرة حتى من الممثلين الجمهوريين عن تلك الولايات. من هؤلاء السيناتور الجمهوري عن ولاية كولورادو، كوري غاردنر، وهو من الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري القريب من البيت الأبيض، الذي تعهد بالقيام بكلّ ما يلزم للدفاع عن حقوق ناخبي ولاية كولورادو، متهماً وزير العدل بخيانة التعهدات التي قطعها لعدد من أعضاء الكونغرس الذين اشترطوا للتصديق على تعيينه وزيراً للعدل أن يتعهد بعدم إعطاء الصلاحيات للسلطات الفدرالية بملاحقة "جرائم" الماريجوانا في الولايات التي شرعتها.

يتخوف المرشحون لانتخابات الكونغرس النصفية في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل من تأثير سلبي لسياسات إدارة ترامب بشأن الماريجوانا على قواعدها الانتخابية في الولايات التي شرعتها، خصوصاً أنّها اكتشفت الحسنات الاقتصادية لتشريع الماريجوانا والفوائد الأمنية والاجتماعية. يعتبر هؤلاء أنّ وضع قطاع الماريجوانا الذي كانت تديره عصابات المخدرات والجريمة المنظمة تحت رقابة السلطات الأمنية في الولاية هو حلّ عملي فعال.


تجارب الولايات التي شرعت الماريجوانا تعتبر تجارب ناجحة، خصوصاً من ناحية الإيرادات الاقتصادية لهذا القطاع الذي ما زال يتوسع إذ يُدخل إلى خزينة تلك الولايات مئات ملايين الدولارات من خلال الضرائب والرسوم التي تفرض على عملية الاتجار بالماريجوانا. ويتوقع الخبراء أن تحصل خزينة ولاية كاليفورنيا على نحو 10 مليارات دولار من الضرائب على بيع وشراء الماريجوانا، بالإضافة إلى توفير مليارات الدولارات من ميزانيات السجون التي فيها عشرات آلاف المساجين المحكومين بقضايا تتعلق بالماريجوانا.

كاليفورنيا هي الولاية الأميركية السادسة التي تشرع حيازة واستخدام الماريجوانا، فيما يتجاوز عدد الولايات التي تسمح باستخدام الماريجوانا لاعتبارات طبية 20 ولاية. ومنذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض لعبت ولاية كاليفورنيا، وهي أكبر الولايات الأميركية وأكثرها كثافة سكانية وأغناها اقتصادياً، دوراً رئيسياً في حركة التمرد على قرارات ترامب والدفاع عن "الإرث الأوبامي". وأعلنت محاكمها إبطال قرارات ترامب التنفيذية بمنع دخول رعايا الدول الإسلامية، كما أعلنت تحولها إلى ملاذ آمن للمقيمين غير الشرعيين المهددين بالترحيل من الولايات المتحدة، إذ تمنع قوانينها على السلطات الفدرالية ملاحقة مخالفي قوانين الهجرة. كذلك، برزت مع وصول ترامب، ومحاولته تنفيذ أجندته اليمينية المعادية للأقليات والمهاجرين، نزعة انفصالية في كاليفورنيا، وانطلقت حملة لإجراء استفتاء حول استقلال الولاية عن الولايات المتحدة الأميركية.

خلال رئاسة أوباما، اقترع الناخبون في ولايات كولورادو وواشنطن وأوريغون لصالح تشريع استخدام الماريجوانا بعد اقتناعهم بجدواها الاقتصادية وعدد الوظائف والأعمال التي توفرها دورة إنتاجها من زراعتها وتصنيعها إلى تسويقها وبيعها في محلات بيع خاصة أو تقديمها في المقاهي والملاهي، ما يعني أن مئات الملايين من الدولارات ستصب في خزينة الولاية. أما في العاصمة واشنطن فقد أخذت معركة الماريجوانا أبعاداً سياسية تتصل بالمواجهة المفتوحة بين الجمهوريين وإدارة أوباما الذي غيرت سياساته وجه أميركا بدءاً من خطته للإصلاح الصحي وصولاً مساعيه لتشريع أوضاع المهاجرين وانتهاء بإقرار المحكمة الأميركية العليا زواج المثليين.

المعركة من أجل الماريجوانا في العاصمة خاضها طلاب الجامعات والجمعيات الحقوقية المناهضة للتمييز العنصري والمدافعة عن حقوق الأقليات والمثليين، واعتبرت نتائجها نصراً لليسار الأميركي المدافع عن حقوق المهمشين في مواجهة اليمين الديني المحافظ.

من جانبهم، ينتظر العديد من رجال الأعمال والشركات الأميركية إفراج الكونغرس الجمهوري عن القوانين التي تنظم زراعة وتجارة واستهلاك الماريجوانا في العاصمة من أجل الدخول في الاستثمار بهذا القطاع الاقتصادي الواعد، فيما باشرت بلدية واشنطن دي سي بإعطاء تراخيص لشركات ومقاه ومحال لبيع الماريجوانا.