بريطانيا: جدل بين الحكومة وخبراء الصحة بشأن تخفيف قاعدة المترين

22 يونيو 2020
يُمكن تخفيف قاعدة المترين إلى متر واحد(مينغ يونغ/Getty)
+ الخط -

لا تزال قاعدة تقليص مسافة التباعد الاجتماعي، من مترين إلى متر واحد، تثير الجدل بين العلماء والحكومة البريطانية، خاصة أنّ خبراء الصحة يرون أنّ تخفيف القاعدة في الأماكن المغلقة سيؤدي إلى انتشار سريع للفيروس.

وقال مات هانكوك، وزير الصحة البريطاني: "إنّ الحكومة ستعلن نتيجة مراجعة قاعدة التباعد الجسدي، التي تبلغ مترين، في إنكلترا، في وقت لاحق من هذا الأسبوع". ومن المتوقّع أن توصي المراجعة بتخفيف القاعدة، التي يعتبرها البعض حاسمة بالنسبة إلى جهود إعادة تشغيل الاقتصاد.
ومن المقرّر أن يجتمع رئيس الوزراء، بوريس جونسون، اليوم الاثنين، بكبار الوزراء في اللجنة الاستراتيجية الخاصة بفيروس كورونا، حيث سيستمعون إلى توصيات من الخبراء بشأن قواعد التباعد الاجتماعي وتخفيف الإغلاق.
وفي اليوم التالي، سيستشير جونسون مجلس الوزراء، ليحدّد بعدها موقف الحكومة، لأعضاء البرلمان في مجلس العموم. ومن المتوقّع تقليص قاعدة المترين إلى متر واحد، الذي يدعمه قطاع الخدمات، بحسب ما جاء في صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية.
وكان رئيس الوزراء قد أعلن في وقت سابق أمس الأحد أنه "يلتزم تماماً خريطة الطريق التي وضعها، في خطاب موجّه إلى الأمة في شهر مايو/ أيار الماضي، مع إعادة افتتاح متوقّعة لأقسام من قطاع الخدمات، بما في ذلك الحانات والمطاعم، اعتباراً من 4 يوليو/ تموز".
لكن العلماء في المجموعة الاستشارية العلمية الحكومية للطوارئ (SAGE)، قالوا إنّ "من غير الآمن تخفيف قاعدة المترين في الأماكن المغلقة، حيث لا يزال خطر انتقال العدوى مرتفعاً للغاية".
وحذّرت مجموعة "إنديج سيج"، بحسب صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية، التي يرأسها كبير المستشارين العلميين السابقين في الحكومة، السير ديفيد كينغ، من أنّ التغيير في التوجيه إلى متر واحد "سينهي فعلياً" التباعد الاجتماعي في إنكلترا.
وقال كينغ إنّ هذه الخطوة "مقلقة للغاية"، وأضاف: "إنّ معدل الإصابة بالفيروس لا يزال مرتفعاً جداً. هناك أكثر من 1000 إصابة جديدة في اليوم، ولا نظام تتبّع فعّال حتى الآن، ومن الضروري أن تنشر الحكومة الأدلة التي استخدمتها لاتخاذ مثل هذا القرار".


تحذيرات من التخفيف
وفق تقرير صادر عن صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، تعدّ قاعدة المترين مهمة جداً، لمنع انتشار الفيروس، بحسب ما أكدته المجموعة الاستشارية العلمية الحكومية للطوارئ. قال العلماء إنّهم أوصوا بشدة، بوضع تدابير وقائية، بما في ذلك تغطية الوجه، والتزام قاعدة المترين.
ووفق الخبراء، تبيّن أن التزام قاعدة المترين أسهم بخفض العدوى في المملكة المتحدة، وقالت كاثرين نواكس، أستاذة الهندسة البيئية للمباني في جامعة ليدز: "حتى وإن لم يكن لدينا فيروس، يجب على الجميع أن يبقوا على مسافة مترين بين بعضهم على الأقل".
في نهاية الأسبوع الماضي، قال البروفيسور كالوم سمبل، من المجموعة الاستشارية العلمية الحكومية للطوارئ: "أعتقد أنّ من الآمن الإبقاء على مسافة المترين، وفي رأيي، إنّ قرار تخفيف هذه القواعد قرار سياسي".
وتقدّر المجموعة الاستشارية العلمية الحكومية للطوارئ أنّ التعرّض لسعال واحد، من مسافة مترين، يعرّضنا لخطر مماثل للدردشة مع شخص لمدة دقيقة، عن بعد مسافة متر واحد، أو لمدة نصف ساعة عند مترين. ويُفترض أنّ الجلوس بهدوء جنباً إلى جنب، ينطوي على مخاطر أقل من المحادثة وجهاً لوجه على ذات المسافة. وقُدِّر الخطر على مسافة متر واحد، بما يزيد على 10 إلى 30 مرة، من الخطر عند مسافة مترين.

تدابير إضافية

وقال وزير الصحة البريطاني، مات هانكوك، في حديثه مع برنامج أندرو مار لقناة "بي بي سي" البريطانية، إنّ الحكومة "تسير على الطريق الصحيح" لإعادة فتح المزيد من الشركات الشهر المقبل. ووفق هانكوك، ستُتَّبَع تدابير أخرى، كإجبار الناس على ارتداء الكمّامات للتخفيف من خطر زيادة معدل انتقال الفيروس التاجي، إذا خُفِّضَت القاعدة إلى متر واحد.
ورداً على سؤال عما إذا كان حزب العمال سيدعم تخفيف قاعدة المترين، قال وزير الصحة الظلّ، جوناثان أشورث لقناة "بي بي سي": "نعم، في ظروف معينة".
من جهته، أكّد وزير الثقافة، أوليفر دودن، لقناة "بي بي سي" البريطانية، أنّ مراجعة قانون المسافات البعيدة، الذي يبلغ مترين في إنكلترا، سينتهي في وقت قريب، خاصة أن الحكومة تتعرّض لضغوط متزايدة من النواب وقطاع الخدمات لتخفيف القيود.

ويقول قادة الصناعة إنّ العديد من الشركات لن تستمرّ في العمل، إذا جرى الحفاظ على قاعدة مسافة المترين.
وقد اعتمدت بعض البلدان تخفيف هذه القاعدة. فعلى سبيل المثال، التوجيه العام في ألمانيا وإسبانيا، هو الحفاظ على مسافة متر ونصف متر.
في دراسة نُشرت في المجلة الطبية The Lancet، نظر العلماء في البحث حول كيفية انتشار الفيروس التاجي، وخلصوا إلى أنّ الحفاظ على مسافة مترين بين الأفراد، يمكن أن تكون أفضل طريقة للحدّ من فرص الإصابة.
ويقدّر خطر الإصابة بالعدوى بنسبة 13 في المائة، في حدود المتر الواحد، وتنخفض هذه  النسبة إلى 3 في المائة بعد هذه المسافة. وتقول الدراسة إنّه مع كلّ متر تباعد إضافي، لمسافة تصل إلى 3 أمتار، يخفّ خطر الإصابة بالفيروس إلى النصف.
وجد العلماء أنّ القطرات السائلة المنبعثة من السعال أو العطس، تتبخّر بسرعة في الهواء أو تسقط على الأرض. ويعتقدون أنّ معظم تلك القطرات ستهبط عند مسافة ما بين متر ومترين.
وقدّرت دراسة أُجريت في مستشفيات صينية، بحسب موقع "بي بي سي"، أنّ أثار الفيروس التاجي في العنابر المخصّصة لمرضى كوفيد-19، ووحدات العناية المركزة، كانت آمنة عند مسافة 4 أمتار.
لكن المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض ترى أنّ دور الهواء في نشر الفيروس "غير مؤكّد حالياً".

المساهمون