حظيت خديجة (17 عاما) بتعاطف وتضامن واسعين عندما كشفت في أغسطس/آب أنها احتجزت لنحو شهرين، تعرّضت خلالهما للاغتصاب والتعذيب ورسم وشوم على جسدها، بعد خطفها من أمام بيت أحد أقاربها في بلدة أولاد عياد قرب مدينة بني ملال وسط المغرب.
وقالت عقب جلسة استمرت للحظات وكانت الأولى التي تحضرها، "أنتظر انتهاء المحاكمة بفارغ الصبر لتظهر الحقيقة وأتمكن من نزع هذه الوشوم، واستئناف حياة عادية". ولم يتم استدعاؤها للجلسة الأولى بينما غابت عن الثانية "لأسباب صحية" بحسب والدها.
وقرر القاضي تأخير المحاكمة إلى 9 يوليو/تموز المقبل، بعد دقائق من افتتاح الجلسة، ريثما يتم تعيين محامين في إطار المساعدة القضائية لاثنين من المتهمين في القضية.
وجلست خديجة في قاعة المحكمة بجانب ناشطتين أطلقتا حملة "لن نصمت" لإدانة العنف ضد النساء في أعقاب الكشف عن قضيتها، قدمتا من الدار البيضاء لدعمها. وتابعت مجريات الجلسة القصيرة بهدوء وتركيز.
وكانت تضع قفازا أسود على إحدى يديها يغطي بعض الوشوم، التي تؤكد أنها من فعل خاطفيها. وأوضحت "أريد التخلص من هذه الوشوم، كلما تأخرت المحاكمة كلما انتشرت مضاعفاتها على جسدي".
وينصح دفاعها بعدم إزالة الوشوم إذ يمكن أن يطلب القاضي معاينتها. ويؤكد محاميها إبراهيم حشان أن "خبرة طبية أجريت على الوشوم تؤكد رواية خديجة".
ولم تكن تفصلها سوى خطوة واحدة عن المقاعد التي أجلس عليها المتهمون، المتراوحة أعمارهم بين 19 و29 سنة، مصفدي الأيدي تحت حراسة رجال الشرطة.
ولوح بعضهم تحية لمن حضر من أقاربه مبتسما بينما غلب التجهم على وجوه أكثريتهم.
ويلاحق 10 متهمين في حالة اعتقال، واثنان في حالة سراح. بينما يمثل متهم واحد، كان قاصرا أثناء وقوع الأفعال، أمام قاض مكلف بالقاصرين.
وما يزال مشتبه به واحد رهن التحقيق، بينما تقررت عدم ملاحقة شخص آخر، بحسب إبراهيم حشان محامي خديجة.
وتقول الشابة إن حالتها النفسية الآن "أفضل" بعدما عانت "فترة عصيبة" وإن لم تتخلص كلياً "من الخوف".
وتضيف مخاطبة النساء ضحايا العنف "أقول لهن ألا يصمتن، الصمت يشجع المعتدين على ارتكاب المزيد من الجرائم".
وبجانب التضامن والتعاطف اللذين حظيت بهما، واجهت خديجة وعائلتها تعليقات مشككة في روايتها وأخرى تحملها مسؤولية ما وقع. وغالبا ما تضطر النساء ضحايا الاغتصاب في المغرب للصمت تحت ضغط ثقافة محافظة.
لكن القضاء قرر ملاحقة المتهمين الذين أوقفوا عقب تصريحات خديجة، بتهم ثقيلة منها الاتجار بالبشر والاغتصاب والاحتجاز وتكوين عصابة إجرامية، بينما يلاحق آخرون بتهمة عدم التبليغ عن جنايتي الاتجار بالبشر والاغتصاب. وتصل عقوبة الاتجار بالبشر في المغرب إلى 30 سنة.
وخلصت دراسة رسمية نشرت الأسبوع الماضي، إلى أن أكثر من 90 في المائة من المغربيات ضحايا العنف يحجمن عن تقديم شكوى. وسجلت الدراسة أن 54.4 في المائة من المستجوبات كن ضحايا لشكل من أشكال العنف.
وتبنى المغرب السنة الماضية، بعد نقاشات محتدمة، قانونا لمكافحة العنف ضد النساء يشدد العقوبات في بعض الحالات.